أظهرت تحقيقات أجرتها أجهزة الأمن الاسبانية أن تنظيم "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن كان يتخذ من اسبانيا "ممراً" لأعضائه في معظم الأحيان و"ملجأ" في أحيان أخرى. وجاءت هذه المعلومات بعدما وجه قاضي التحقيق في المحكمة الوطنية بالتاثار غارثون اتهامات إلى ثمانية متطرفين بالانتماء إلى هذا التنظيم. وأصدر القاضي أمراً دولياً بالبحث والتحري واعتقال خمسة أشخاص بينهم من كان يقيم في اسبانيا قبل اعتداءات 11 أيلول سبتمبر الماضي، للاشتباه في علاقتهم بها. والمطلوبون هم: أنور عدنان محمد صالح الملقب "الشيخ صلاح"، ونجيب شايب محمد وعامر عزيزي وسيد أحمد بودجلة ومراد قادر. وتضمن قرار القاضي معلومات ووقائع حصل عليها غارثون عن طريق التحقيقتات التي أجراها مع المعتقلين والتنصت الهاتفي والمراقبة التي تولتها أجهزة الأمن الاسبانية منذ 1994. وبين هذه المعلومات أن "الشيخ صلاح" تزعم بين 1994 و1995 مجموعة إسلامية متطرفة اسمها "جند الله" كانت توزع مناشير وتجند "مجاهدين" لارسالهم إلى البوسنة. وانتقل إلى باكستان عام 1995 للغرض ذاته ليلتحق بعد ذلك بمخيمات بن لادن في أفغانستان. وأفادت التحقيقات ان عماد الدين بركات ابو دحدح تسلم زعامة المجموعة بعدما غادر صالح اسبانيا إلى أفغانستان. وقادت ملاحقته منذ 1999 إلى اكتشاف "مخيم سري" ل"القاعدة" في اندونيسيا حيث يتدرب حوالى ثلاثة آلاف شخص. واستمع القاضي الاسباني إلى محادثات هاتفية بين بركات وشخص يقول المحقق إنه يعمل تحت أوامر ممثل "القاعدة" أبو عبدالرحمن الملقب ب"الأصلع" واسمه شكور لهجته مغربية ويبلغ الرابعة والثلاثين من عمره، أسمر، قليل الشعر. قصير القامة، بدين. وقال "شكور" في إحدى هذه المكالمات في السادس من آب اغسطس الماضي: "دبرت خيوطاً تعجبك". وفي 27 الشهر ذاته قال: "أعمل حالياً في حقل التدريس ... المدة ستكون حوالى شهر. وبدأنا مادة الطيران وذبحنا العصفور". وأضاف: "هدفي هو الهدف... ولا اريد الدخول في التفاصيل". وفي محادثة أخرى جرت في 29 أيلول، سأل شكور "أبو دحدح": "هل أخذت دواء الملاريا؟". فأجابه: "ان الأمور ما زالت سيئة جداً، ما زلت مريضاً. وذهب الأطباء لزيارة أحد المرضى وسيقومون بزيارتي من دون شك". ونصح الاثنان بعضهما بعضاً باتخاذ الاجراءات الاحترازية بخاصة خلال الحديث بالهاتف . وجاء في القرار القضائي انه تم العثور على رقم هاتف بركات في المفكرة التي تركها أحد المتهمين بالمشاركة في تفجيرات أميركا محمد عطا في منزل سكنه في المانيا. ومن ما ورد في اتهامات القضاء الاسباني، ان لويس خوسيه غالان تدرب على الإرهاب في أندونيسيا خلال تموز يوليو الماضي. أما أسامة دره فحارب في البوسنة وعاد إلى اسبانيا ليعمل في محلات "مارديني" لبيع البضائع مع محمد نضال اكايد، حيث استُلمت بطاقات ائتمان مسروقة، ونسقا مع مجموعات في اليمن عام 1996، وسعيا إلى ايصال "المجاهدين إلى اسبانيا"، وكانا يوزعان مناشير ومجلات أمام جامع مدريد. وأوضح قرار الاتهام أن جاسم مهبول "من قدامى المجاهدين في البوسنة وسبق له أن زار اليمن وكان يستقطب شباناً لتجنيدهم في المنظمة"، في حين تولى محمد ظاهر الأسدي الدعم اللوجستي للمجموعة منذ عودته من البوسنة، وعمل بسام دالاتي ستوت على طبع مجلات "توزع أمام الجامع، وعثر في منزله على رقم حساب أحد مساعدي بن لادن مصطفى ست مريم نصر. وأضاف ان المتهم سعيد شدادي كان يجمع التبرعات في وسط مدريد لإرسالها إلى الشيشان. وجميع هؤلاء موقوفون. وبين المطلوبين مراد قادر، وهو وسيط كان يعرّف سارقي بطاقات الائتمان على أصحاب محلات "مارديني"، وسيد أحمد بودجلة المتهم منذ العام 1997 بسرقة بطاقات الائتمان. وكان عامر عزيزي بمثابة "ساع للبريد" بين أفغانستان والشيشان والغرب. أما نجيب شايب محمد فكان على علاقة وثيقة بخوسيه غالان و"أبو دحدح". ويقول القاضي الاسباني إن مجموعة "جند الله" انشقت عن "التحالف الإسلامي" عام 1996، ومعظم أفرادها بدأ نشاطه بتوزيع منشورات ل"الجماعة المسلحة" و"جبهة الإنقاذ" الجزائريتين.