فاجأ الرئيس علي عبدالله صالح، بعودته فجر امس الى صنعاء من دون انذار مسبق، جميع اليمنيين. ودعا فور وصوله الى هدنة كاملة ووقف للنار، معلنا انه يجمل «حمامة السلام وغصن الزيتون». وهو الغى إجتماعاً كان مقرراً مساء امس مع قيادات الدولة والحزب الحاكم للبحث في تطورات الازمة. وقالت مصادر مسؤولة «أن الرئيس سيلقي خطاباً مهماً إلى الشعب اليمني مساء اليوم عشية ذكرى الثورة اليمنية التاسعة والأربعين الذي يصادف غداً». واشارت الى انه قد يُعلن مفاجأته الثانية اليوم و»ربما تكون بقبول إنتخابات رئاسية مبكرة، ونيته التوصل إلى إتفاق مع المعارضة لإنهاء الازمة الراهنة وتسليم السلطة سلمياً، على أساس المبادرة الخليجية وخطة المبعوث الأممي جمال بن عمر. وحضت واشنطن الرئيس اليمني على الاعداد لانتخابات رئاسية وتسليم السلطة قبل نهاية السنة. وكانت قوى المعارضة، بكل تكتلاتها فوجئت بعودة الرئيس إلى صنعاء، بعد غياب ثلاثة شهور خصصها للعلاج في السعودية، من الجروح التي أصيب بها في محاولة الإغتيال في الثالث من حزيران (يونيو). ووركزت في خطابها السياسي والإعلامي على أنها في مواجهة مع «بقايا النظام». وجاءت عودة الرئيس بعد ايام من مواجهات دامية بين قوات الفرقة الأولى مدرع المنشقة عن الجيش، وقوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري الموالية للسيطرة على وسط العاصمة، واخرى في حي الحصبة وشارع عمران بين قبائل مناوئة تتبع الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد، وقبائل موالية تتبع الشيخ صغير بن عزيز أحد مشايخ محافظة صعده. وخلطت عودة الرئيس، في ظروف غامضة، أوراق الأزمة وأربكت الترتيبات السياسية والعسكرية لطرفي الصراع في السلطة والمعارضة، وأحاطت بها تخمينات وتكهنات لجهة نيات الرئيس وامكانات تسليمه السلطة وتوقيعه المبادرة الخليجية. وسارع الرئيس، بعد ساعات على عودته إلى دعوة جميع الأطراف السياسية والعسكرية والأمنية في السلطة والمعارضة إلى هدنة كاملة ووقف النار تماما، بما يسمح بالتوصل إلى «الاتفاق والوفاق». وأكد أن الحل ليس عبر فوهات البنادق والمدافع، إنما في الحوار والتفاهم وحقن الدماء وصيانة الأرواح والحفاظ على الأمن والاستقرار ومقدرات ومكاسب الوطن. وقال: «عدت الى الوطن حاملا حمامة السلام وغصن الزيتون، غير متربص او حاقد او ناقم على اي شخص كان، ليسود التسامح والمودة والاخاء والتفاهم علاقة الجميع، وان نكبر جميعا فوق الالام والجروح من اجل الوطن». وكانت الإشتباكات توقفت صباحا في صنعاء لساعات بعد اعلان عودة صالح، واحيى مئات الآلاف من أنصاره ومؤيديه، في ميدان السبعين، جمعة «الثبات على الحق ونصرة الشعب الفلسطيني»، إبتهاجاً وتعبيراً عن تأييدهم للشرعية الدستورية ورفض «المؤامرة الإنقلابية» والزج باليمن في حرب أهلية. وفي حين شيع المشاركون في جمعة التأييد جثامين عشرات القتلى في مواجهات العاصمة معظمهم من جنود الأمن والجيش، كان مئات الآلاف من المناوئين للنظام يحتشدون في شارع الستين في مهرجان جمعة «واثقون بنصر الله» مطالبين بالحسم الثوري ومحاكمة صالح ورموز نظامه. ومساء عادت المواجهات في حي الحصبة، وسمعت إنفجارات عنيفة في الشوارع المحيطة بها والقريبة من منزل الشيخ الأحمر والشوارع التي يسيطر عليها مسلحو القبائل. وفي واشنطن قال الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني: «نحض الرئيس صالح على بدء نقل كامل للسلطة والاعداد لانتخابات رئاسية تجري قبل نهاية السنة». وأضاف «الشعب اليمني عاني بما فيه الكفاية ويستحق طريقاً نحو مستقبل افضل».