تعتقد مصادر مطلعة بوجود فرصة لتفادي المواجهة بين السلطة الفلسطينية من ناحية واسرائيل والولاياتالمتحدة من ناحية أخرى بعد أن أبدت القيادة الفلسطينية استعداداً لقبول تأجيل موعد التصويت في مجلس الامن على طلب العضوية الكاملة في الاممالمتحدة وإمهال اللجنة الرباعية فرصة إقناع اسرائيل بشروط العودة إلى طاولة المفاوضات على أسس كفيلة بإنهاء المحادثات في سقف زمني لا يتجاوز السنة. ويبدو أن «المقاربة» الأوروبية للخروج من مأزق المواجهة والإحراج الدولي وجدت صداها لدى الرئيس محمود عباس وطاقم مستشاريه، وكذلك في صفوف غالبية الدول العربية. وتحدثت المصادر عن «الأداء المهني الفلسطيني الذي يتفادى المواجهة مع الولاياتالمتحدة وتداعيات انقسام الموقف الأوروبي في انتظار نضج المشاورات داخل اللجنة الرباعية، وذلك من دون التخلي عن القرار السيادي في التوجه إلى المنظمة الدولية». وتشير المصادر أيضا إلى «توافق عربي - أوروبي» نتج في الأسابيع الأخيرة، كما مكنت مقاربة الاتحاد الدول الأعضاء من الحفاظ في المرحلة الجارية على موقف منسجم تجاه إشكالية عضوية فلسطين في الأممالمتحدة. وقال مصدر أوروبي ل «الحياة» ان الديبلوماسية الأوروبية «تحرص بشكل أولي على المساهمة في إيجاد ظروف استئناف المفاوضات الثنائية والحفاظ على وحدة الدول الأعضاء ال 27 لأن انقاسمها يضعف الموقف الجماعي». واقترحت الديبلوماسية الأوروبية على الجانب العربي - الفلسطيني، خلال مرحلة المشاورات، تفادي الرئيس عباس تفجير المواجهة مع حلفاء اسرائيل في مجلس الأمن، وأن يؤكد في الخطاب الذي سيلقيه اليوم في نيويورك «التزام فلسطين مبادىء ميثاق الأممالمتحدة وحقوق الانسان وسلطة القانون بصفتها دولة ديموقراطية وذات سيادة في حدود عام 1967». وتعتقد مصادر ديبلوماسية بوجود «وفاق بين الاتحاد الأوروبي وغالبية الدول العربية في شأن توجه الفلسطينيين مباشرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على صفة الدولة غير العضو، بما يترتب عن ذلك من حقوق مشاركتها في أشغال الجمعية العامة ووكالات الأممالمتحدة». وتضمنت الخطة التي كانت نقلتها وزيرة الخارجية كاثرين آشتون إلى الجامعة العربية، ومنها إلى رام اللهوالقدسالمحتلة منتصف الشهر الجاري، اقتراحات «استئناف المفاوضات في غضون أسابيع قليلة، وتحديد سقف زمني لبلوغ الحل التفاوضي الذي يستند إلى قيام الدولتين والاعتراف بالقدس عاصمة لكل من اسرائيل وفلسطين». وتعتقد الديبلوماسية الأوروبية بوجوب التزام الطرفين عدم اللجوء إلى خطوات أحادية الجانب «اذ تقتضي العملية التفاوضية تحفظ اسرائيل عن توسيع النشاطات الاستيطانية في مقابل التحفظ الفلسطيني عن اللجوء إلى محكمة الجزاء الدولية». وتنتظر الأطراف المختلفة نتائج المشاورات التي تجريها الدول أعضاء اللجنة الرباعية من أجل اصدار بيان يتضمن أسس استئناف المفاوضات، خصوصا «محددات حدود عام 1967 مع تبادل للأراضي بموافقة الجانبين، الأمن، القدس عاصمة لدولتين، واللاجئين». وتشترط اسرائيل مدعومة من الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية أن يتضمن البيان الإشارة إلى هوية اسرائيل اليهودية. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي اقترح في كلمته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أول من أمس جدولاً زمنياً لاستئناف المفاوضات بعد أسابيع قليلة، وإنهاء مفاوضات الحدود والأمن في غضون ستة أشهر، وإنهاء المفاوضات في غضون سنة. وشدّد ديبلوماسي عربي في بروكسيل على «وجوب أن يتضمن أي مخرج لإطلاق العملية التفاوضية الإشارة إلى حدود عام 1967 ووقف الاستيطان». لكن المشكلة تكمن في رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وقف الاستيطان والتفاوض على أساس مرجعية حدود 4 حزيران عام 1967. وتتقيد الديبلوماسية الأوروبية بعبارة «نصح» الفلسطينيين وعدم استخدام أسلوب التهديد بوقف المعونات نظراً إلى وجود غالبية في صفوف الرأي العام تطالب حكومات دول الاتحاد، منها ألمانيا، الاعتراف بدولة فلسطين. ودعا أكثر من 30 سفيراً وقنصلاً في المانيا في كتاب إلى وزارة الخارجية الألمانية إلى الاعتراف بدولة فلسطين. وعلى الصعيد الأوروبي ككل، طالبت المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، ثاني أكبر مجموعة سياسية، حكومات دول الاتحاد الى التصويت لفائدة عضوية فلسطين الكاملة في منظمة الأممالمتحدة. وينتظر أن تتزايد الدعوات وتتسع حملات المطالبة بقبول عضوية فلسطين في الأممالمتحدة ورفع مستوى تمثيلها في عواصم دول الاتحاد. ويجري مجلس اوروبا محادثات لاستكمال اجراءات قبول فلسطين في صفة «شريك من اجل الديموقراطية». ومن المقرر أن يلقي عباس خطاباً أمام الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا في ستراسبورغ في 6 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل. وستكون فلسطين الدولة العربية الثانية بعد المغرب التي ستحظى بصفة الشريك لمجلس اوروبا، والذي سيحتضن تونس بعد استحقاق انتخابات 23 تشرين الاول (اكتوبر) عام 2011.