الفارق البسيط بين أصوات المرشحين الجمهوري جورج بوش والديموقراطي آل غور في ولاية فلوريدا، وجّه الأنظار أمس الى أصوات الغائبين التي أرسلت بالبريد ويفترض أن يكتمل وصولها في 17 الجاري لتدخل في مجموع الأصوات. ويتوقع ان يبلغ عدد هذه الأصوات المرتقبة آلافاً عدة تمثل مواطنين أميركيين مقيمين في الخارج، بينهم رجال أعمال وحاملو الجنسية المزدوجة، فضلاً عن أفراد الجيش الأميركي ويهود مقيمون في اسرائيل. وتردد أمس ان نحو ألف صوت وصلت من اسرائيل الى الدوائر المعنية في فلوريدا، وأن أصحابها يميلون عادة الى الحزب الديموقراطي ومن الطبيعي أن يصوتوا هذه السنة لغور مع وجود المرشح اليهودي لمنصب نائب الرئيس جوزف ليبرمان. ومع وجود فارق هو 327 صوتاً لمصلحة بوش فإن 1000 صوت من اسرائيل مرشحة لحسم الرئاسة الأميركية لمصلحة المرشح الديموقراطي. إلا أن الجمهوريين يعتقدون أن معظم أصوات الغائبين هو لأفراد الجيش الذين يؤيدون تقليدياً الحزب الجمهوري بنسبة عالية. ويستندون في ذلك الى سابقة 1996 حين حصل مرشحهم بوب دول على أكثرية هذه الأصوات. وفور اعلان النتائج غير الرسمية في فلوريدا سارعت الناطقة باسم حملة بوش الى التأكيد ان اعادة الاحصاء ثبتت فوز بوش. وتمنت ان يعيد الفريق الخصم النظر في خيار اللجوء الى القضاء أو طلب مزيد من اعادة فرز للأصوات "مما قد يهدد العملية الدستورية". أما وزير الخارجية السابق وارن كريستوفر الذي انتدبه غور للاشراف على العملية في فلوريدا فرفض الاذعان لفوز بوش في انتظار أصوات الغائبين واعلان النتائج رسمياً وهذا يتطلب بضعة أيام. ولا تزال قضية الالتباس الذي حصل في مقاطعة بالم بيتش تثير الجدل بعدما ادعى عدد من الناخبين في المقاطعة ان بطاقة الانتخابات كانت ملتبسة، مما جعل عدداً من الناخبين يصوت عن طريق الخطأ للمرشح بات بيوكانان وليس لغور. وقد اعترف بيوكانان بأنه لا يعتقد بأن الأصوات التي حصل عليها في بالم بيتش تعود كلها اليه. وانكب محامو الحزبين على درس امكان تحدي قرار اعلان نتائج الانتخابات - أي فوز بوش - باللجوء الى القضاء. وهذا ما سيدفع بالجمهوريين الى الرد بالمثل في ولايات فاز فيها غور بفارق آلاف قليلة من الأصوات، مما سيغرق البلاد في أزمة سياسية قد تتحول دستورية نتيجة عدم وجود غالبية في مجلس الشيوخ وامكان الاختلاف في مجلس النواب إذا رفض مندوبو الولايات المنتخبون الاعتراف بالنتيجة. وبرزت أمس مشكلة جديدة في نتائج ولاية نيومكسيكو، اذ أرجئت اعادة احصاء الأصوات في بعض مقاطعات الولاية بعدما رشح ان الاعادة قد تؤدي الى فوز بوش بعدما كان اعلن فوز غور فيها. وفي أي حال لن تكون للاعادة أهمية كبرى لأن عدد مندوبي الولاية خمسة، وهو غير كاف لترجيح كفة أي من المرشحين بالحصول على ال270 صوتاً المطلوبة للفوز. وبقي مستبعداً ان تعلن لجنة توثيق الانتخابات في ولاية فلوريدا النتائج رسمياً قبل الثلثاء المقبل. ويبقى الموعد الأخير لتسلم أصوات الغائبين يوم الجمعة 17 تشرين الثاني نوفمبر. وهذا يعني ان الجدل في شرعية الانتخابات مرشح للاستمرار اسبوعاً آخر ،وسيركز على مدى استحقاق بوش بالفوز مع أن العدد الاجمالي للأصوات على مستوى الولايات جاء لمصلحة خصمه. إضافة الى ذلك لا يزال معسكر غور مصرّاً على أن يبتّ قاضٍ فيديرالي موضوع بطاقات الانتخاب التي أدت الى تصويت عدد من الناخبين لغير مرشحهم. واعتبر الرئيس بيل كلينتون،الذي كان يحتفل مع الرؤساء السابقين بالمئوية الثانية للبيت الأبيض، ان على الأميركيين "ان يكونوا فخورين بأن السباق كان محتدماً وأدى الى خلاصة متقاربة". وقال ان ما يحصل لا يمثل "رمزاً للانقسام" وانما "حيوية الجدال". وتابع ان "الجدل الحاصل سيحسم من خلال القانون والدستور". وطوال أمس تبادل انصار الطرفين الاتهامات بالتزوير عمداً ومحاولة سرقة الانتخابات، ووجه مسؤولو الحزبين انتقادات شديدة بعضهم إلى بعض... كأن الانتخابات تجرى في دولة من العالم الثالث. وبقي المرشحان بعيدين عن الأضواء وامتنعا عن الإدلاء بتصريحات، لكن بوش عقد اجتماعات مع مساعديه وشريكه في الانتخابات ريتشارد تشيني على نحو يوحي بأنه يستعد لتسلم الرئاسة.