قال ناشطون وحقوقيون إن بلدة كناكر في ريف دمشق عاشت امس يوما داميا، مع شن حملة مداهمات واعتقالات داخلها منذ فجر امس ادت إلى مقتل ما لا يقل عن 11 مدنيا، بينهما طفلان احدهما في السابعة من العمر والاخر في الحادية عشر. وتواصلت العمليات الامنية في باقي مدن ريف دمشق، وبينها الزبداني وبرزة والحجر الأسود والسيدة زينب والكسوة وحرستا حيث انتشرت قوات الأمن والجيش في الشوارع واعتقلت المئات وهدمت جدران منازل وقطعت الكهرباء والمياة والانترنت. وفيما أقر مجلس الوزراء السوري مشروع قانون الانتخابات الذي وصفه معارضون بانه «للاستهلاك الاعلامي»، قالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعرب خلال محادثات امس مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني عن اعتقاده «انه لم يعد هناك اي امل من نظام سورية»، فيما أيد العاهل الاردني إجراء النظام السوري «حوارا حقيقيا»، موضحا انه «لا يرى له بديلا حاليا». ميدانيا، قال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي إن الأمن نفذ عمليات مداهمة قتل خلالها 11 شخصاً واعتقل أكثر من 250 في كناكر، موضحا ان «عملية المداهمة جرت كردٍّ انتقامي لأنها (كناكر) أدت دوراً بتزويد مدينة درعا بالمؤن». وأفاد «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» انه تم إغلاق المدينة تماما، موضحا ان عدد الجرحى تجاوز المئة، وان «بعض الاصابات خطيرة جدا ومساجد البلدة تتحول إلى مستشفيات ميدانية». من جانبه اوضح المرصد السوري إن «قوات الأمن والجيش التي كانت في محيط الكسوة اتجهت فجراً نحو كناكر وقامت بدهم المدينة مع إطلاق نار كثيف». وأضاف أن «أهالي كناكر قاوموا الدبابات بالحجارة وإحراق الإطارات والتكبير». وأشار إلى «وجود سبع دبابات على الجهة الغربية من البلدة وسبع أخرى عند مدخل البلدة وأربع دبابات من الجهة الشرقية دخلت البلدة». وأكد أن «أربع دبابات تراجعت حتى مدخل البلدة الشرقي تحت وابل الحجارة الذي انهمر عليها من الثوار الذين أعادوا وضع الحواجز». وتحدث «اتحاد التنسيقيات» عن ممارسات «عقاب جماعي» في كناكر وباقي مدن ريف دمشق، قائلا إن قوات امن قامت بهدم جدران منازل كتب عليها عبارات مناهضة للنظام في برزة، وان الاعتقالات في برزة وحدها اكثر من 200 شخص. فيما أكد رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي «اعتقال نحو 300 شخص مساء أمس وأول من أمس في مدينة السيدة زينب والمئات في مدينة الحجر الأسود» في ريف دمشق. اما في الزبداني فقال ناشطون ان الامن قام بعملية دهم واسعة للمدينة، وتمت سرقة البطاريات الخاصة بمحركات المياه حتى لا يتمكن الفلاحون من سقاية أراضيهم، كما تم اعتقال ما لا يقل عن 170 شخصا. وأفاد المرصد السوري عن «توجه الكثير من سيارات الأمن والجيش من الصبورة (ريف دمشق) نحو الزبداني». وقال: «كانت هناك سيارات أمن وجيش تسير في الشوارع ترافقت مع حملة اعتقالات للناس من الشوارع والحواجز ومصادرة لأجهزة الكمبيوتر المحمولة مع ازدياد ملحوظ في عدد الحواجز الأمنية المنتشرة في المدينة». في موازاة ذلك، وصف ناشطون درعا بأنها في «حالة غليان». وأفاد «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» بأن المدينة «تشهد انتشاراً أمنياً كثيفاً في الأسواق الرئيسة وخصوصاً في ساحة الحرية (السرايا)». وذكر أن هذا الانتشار الأمني يأتي بعد دعوات أطلقها أهالي درعا لإضراب عام تضامناً مع حمص والمدن المحاصرة وعلى خلفية التظاهرات الليلية في كل أحياء مدينة درعا. وفي حمص، تحدث الاتحاد عن حملة مداهمات واعتقالات في حي عشيرة في المدينة صباح أمس، قائلاً إن «المنطقة مغلقة عسكرياً وأمنياً من الصباح الباكر يمنع الدخول إليها أو الخروج منها». كما أعلن ان ثمة اضرابا عاما للمعتقلين في سجن الحسكة، واعتصامات للمحامين والاطباء في حماة وحلب. إلى ذلك، أقر مجلس الوزراء السوري مساء اول امس، مشروع قانون الانتخابات العامة بعد اقراره مشروع قانون الاحزاب، وذلك تمهيداً لاجراء انتخابات برلمانية وإدارة محلية في الاشهر المقبلة. وتضمن مشروع قانون الانتخابات تعديلات على القانون السابق، بينها تشكيل لجنة عليا قضائية تشرف عليها بدلاً من السلطة التنفيذية، إضافة الى ضبط عملية الإنفاق المالي وإتاحة وسائل الإعلام أمام جميع المرشحين. كما سمح مشروع القانون للذين مُنحوا الجنسية بموجب المرسوم الرئاسي الخاص بأجانب الحسكة (الأكراد) «الانتخاب والترشح لعضوية» مجالس الادارة المحلية. ويُتوقع أن يصدر مشروعا قانون الانتخابات والاحزاب بمرسوم تشريعي ومجلس الشعب (البرلمان) الذي يعود الى الانعقاد بداية الاسبوع المقبل، استعداداً لإجراء الانتخابات في الاشهر المقبلة. وقللت شخصيات من المعارضة من شأن القانون الجديد قائلة إنه «شكلي وللإستهلاك الاعلامي» وذلك بعد يومين من انتقادات مماثلة لقانون الاحزاب. وفي باريس، أعرب الرئيس الفرنسي وضيفه عاهل الاردن عن «مشاعر الصدمة لعدد الضحايا واستمرار القمع واستمرار القمع في سورية وعجز النظام عن احترام التعهدات التي قطعها»، وذلك خلال غداء عمل في باريس امس، بحسب ما اعلنت الرئاسة الفرنسية. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على مجريات اللقاء ان ساركوزي اكد لضيفه «انه لم يعد هناك اي امل من نظام سورية الذي لا يمكن ان يستمر». وأفادت المصادر بان العاهل الاردني ابلغ الرئيس الفرنسي انه نصح الرئيس السوري باقامة «حوار حقيقي» في البلد. وتحدثت المصادر عن اختلافات في الرأي بين باريس وعمان حول استمرارية النظام السوري. ففي حين رأى العاهل الاردني ان الجيش السوري وتكوينات اجتماعية متمسكة بالنظام و»انه ليس هناك بديل حاليا للاسد»، متمنيا ان تسفر الافكار التركية عن نتائج ايجابية، أعرب ساركوزي عن مخاوفه من حدوث «عمليات امنية» في لبنان نتيجة ما يحدث على الساحة السورية.