يرصد الوسط السياسي والرسمي اللبناني التحضيرات لعمل عسكري ضد المسلحين التابعين ل «جبهة النصرة» (فتح الشام) و «داعش» وغيرها من التشكيلات العسكرية التابعة للمعارضة المسلحة، استناداً إلى التهديدات التي أطلقها «حزب الله»، لطرد هؤلاء من جرود بلدة عرسال البقاعية. وفيما يترك الحزب توقيت العملية طي الكتمان، روجت أوساط معنية بمتابعة التمهيدات لتنفيذها للموعد المحتمل، مشيرة إلى أنه قد يكون منتصف الأسبوع المقبل. ولم تحل هذه التسريبات دون استنتاج هذه الأوساط أن ترك موعد العملية معلقاً، سببه إعطاء فرصة للمفاوضات عبر وسطاء سوريين، من منطقة القلمون السورية، بعد أن فرضت تهديدات الحزب الأسبوع الماضي استئنافها لعلها تنجح في التوصل إلى اتفاق على انسحاب المسلحين من جرود عرسال، ونقلهم إلى مناطق أخرى، من دون قتال. وتميل هذه الأوساط إلى القول إن رفع مستوى الجاهزية لدى الحزب لتنفيذ العملية واستنفاره عدداً كبيراً من المقاتلين التابعين له في البقاع، قبل أيام نقلهم إلى المناطق السورية المقابلة لجرود عرسال، وفق قول مصادر بقاعية ل «الحياة»، لا يستبعد المراهنة على إيجاد حل بالتفاوض. والمعطيات عما حققه استئناف التفاوض غير متوافرة لدى الرسميين اللبنانيين، خصوصاً أنها تجري في سورية ومحصورة بالتواصل المباشر بين الوسطاء وبين الحزب. ويقول مصدر عسكري لبناني ل «الحياة»، إن ما يُقال عن تحديد ساعة الصفر ليس دقيقاً فالمعارك العسكرية لا يعلن عن توقيتها مسبقاً، معتبراً أن ما يشاع عن مواعيد وتفاصيل يدخل حتى الآن في إطار الحرب النفسية، لكنه لا ينفي أن المعركة قيد التحضير، تاركاً نافذة صغيرة مفتوحة لتسويات تُجنّب المنطقة حرباً قد تكون مكلفة لكل الأطراف. ومع أن مصادر أمنية أخرى تعتبر أن قيام الحزب بالعمل العسكري في جرود عرسال لإخراج المسلحين منها، سيكون محرجاً للدولة اللبنانية ويضرب هيبتها مرة أخرى، بموازاة إصرار فريق في الدولة على أن يتولى الجيش اللبناني هذا العمل العسكري، فإن المصدر العسكري الذي تحدثت إليه «الحياة» أكد أن خيار قيام الجيش بالعملية بدلاً من «حزب الله» مستبعد. وتخشى أوساط معنية تترقب أي عمل عسكري من أن الإحراج للدولة اللبنانية سيكون في حال تنفيذ العملية، إذا هرب المسلحون السوريون في الجرود غرباً نحو عرسال ولجأوا إلى بعض مخيمات النازحين الواقعة بين تلك الجرود وبين عرسال، أو إذا تمكن بعضهم من التسلل إلى عرسال نفسها، حيث سيضطر الجيش إلى قتالهم. وهو أمر يضع المدنيين في حال من الخطر. وأوضح المصدر العسكري أن المعركة إذا وقعت فستكون من داخل الأراضي السورية وسيقوم بها «حزب الله» بدعم من الجيش السوري. وستكون مهمة الجيش اللبناني حماية الحدود الشرقية لمنع المسلحين من الارتداد نحو الأراضي اللبنانية أو أخذ المخيم الواقع في منطقة الملاهي في جرود عرسال رهينة ودروعاً بشرية، لتجنب وقوع المدنيين السوريين بين فكي كماشة. ويضم المخيم 11000 نازح عاد منهم 262 نازحاً مع تنفيذ الاتفاق الأخير الذي شارك فيه الحزب لعودة عشرات من أهالي بلدة عسال الورد السورية أخيراً. وأكد أن دور الجيش سيكون تبعاً للتطورات الميدانية وأنه سيعمد إلى حماية المخيم. وقال إنه إذا بدأت الحرب فستكون من الجنوب باتجاه الشمال على خط الحدود، وستكون «جبهة النصرة» (600 عنصر مع سرايا أهل الشام بينهم لبنانيون وسوريون) في الخطوط الأمامية لأن انتشار تنظيم «داعش» هو إلى الشمال. وذكر بأن عدد عناصر «داعش» في هذه البقعة يبلغ نحو 750 مسلّحاً (معظمهم من السوريين وبينهم لبنانيون) وهم أقرب إلى الأراضي السورية، في مساحة تقع في الجهة المقابلة لبلدتي رأس بعلبك والقاع، بخلاف تواجد مقاتلي «جبهة النصرة» في التلال القريبة المواجهة لعرسال، وأكثر عمقاً داخل الأراضي اللبنانية. ولم يستبعد المصدر العسكري أن يُقاتل «الدواعش» حتّى آخر لحظة وأن يلجأ عدد كبير منهم إلى تفجير أنفسهم كي لا يقعوا أسرى، وذلك استناداً إلى بنيتهم العقائدية إذا لم يتم التوصّل إلى تسوية قبل اندلاع الحرب تقضي بخروج المقاتلين من المنطقة. ويؤكّد أن الجيش اتّخذ إجراءاته الضرورية لتأمين مناطق انتشاره على الجبهة الشرقية. إلى ذلك، شن الطيران الحربي السوري ظهر أمس غارات مكثفة على جرود عرسال استهدفت مراكز «فتح الشام».