قبل ثلاث سنوات و8 أشهر هجّرت الحرب الدائرة في سورية المواطن السوري عمر محمد من بلدته عسال الورد في منطقة القلمون المقابلة لسلسلة جبال لبنانالشرقية مع عائلته ومئات العائلات الأخرى في اتجاه بلدة عرسال اللبنانية الحدودية، هرباً من الاشتباكات، وأمس تخلّف عمر عن العودة مع قافلة أقلت 120 عائلة هي دفعة أولى لاتفاق كان يتم التحضير له خلال الأشهر الماضية بين النظام السوري و «حزب الله» والجيش اللبناني. قال عمر ل «الحياة»: «قالوا لنا جهزوا أنفسكم واتكلوا على الله. لكن من عادوا في القافلة الأولى معظمهم من العجزة وممن يعانون الفقر المدقع في مخيمات النزوح ومن غير المطلوبين إلى الخدمة العسكرية في الجيش السوري، على رغم التطمينات التي أعطيت لنا وقيل لنا إن 70 في المئة من منازل البلدة لا تزال سليمة». وعمر الذي يترقب ردود فعل العائدين إلى بلدته لحسم موقفه من العودة، تواصل كآخرين مثله عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع من دخلوا الأراضي السورية، كما انتظروا عودة «أبو طه» لمعرفة الخطوة الثانية. و يبدو أن «أبو طه» هو أحد الوسطاء الذين يقفون وراء تنسيق عملية العودة. وهو تاجر سوري من عسال الورد ونزح مع النازحين، وله علاقات مع النظام السوري ومعروف لدى النازحين بأن له صلة وثيقة مع فصيل «سرايا أهل الشام» المعارض. ووفق المعلومات فإنه بدأ قبل أشهر عدة التنسيق مع «حزب الله» لعودة النازحين إلى عسال الورد وجوارها، أي فليطا والمعرة، فيما لم تحقق المساعي من أجل العودة إلى القصير نتائج حتى الآن. كما نسق مع الجيش اللبناني وحمل قائمة بالراغبين في العودة إلى أجهزة النظام السوري لنيل الموافقة عليها. وكان «حزب الله»، وفق المعلومات، أعطى ضمانات للعائدين بألا يُطلبوا إلى الخدمة العسكرية في سورية، وفي المقابل، المطلوب من العائدين «عدم التعدي على أحد وإذا أردتم الحصول على المواد الغذائية وحاجاتكم فتحنا طريقاً إلى بريتال ويمكن أن تدخلوا إليها لشراء الخبز والطعام». والمعلوم أن عسال الورد مصيف سوري يقع شمال دمشق، على ارتفاع 1850 متراً على هضبة واسعة فوق قمم جبال السلسلة الغربية، وتبعد عن العاصمة السورية 55 كلم، ويبلغ عدد سكانها حوالى 15 ألف نسمة. وواكب الجيش اللبناني العائدين في سيارات مدنية حملوا فيها أمتعتهم وحتى أغنامهم التي احتفظوا بها في أماكن نزوحهم، وانطلقوا من غرب عرسال إلى الجرود التي يسيطر عليها «حزب الله»، علماً أن مسلحي «داعش» و «جبهة النصرة» يوجدون في شرق عرسال. وانطلقت القافلة بمواكبة وحدات من الجيش اللبناني ومديرية المخابرات، وفق بيان صادر عن قيادته، إلى آخر مركز تابع للجيش عند مدخل وادي السويد، حيث سلك العائدون الطريق إلى منطقة الرعيان ومنها صعوداً إلى جرد الكشك ثم سلكوا طرقاً وعرة يوجد فيها مركز ل «حزب الله» وشرقاً إلى جرود فليطا وهي منطقة تقع تحت سيطرة الحزب ومنها إلى فليطا والمعرة وصولاً إلى يبرود ثم إلى عسال الورد. وطالت العودة ساعات، بسبب وعورة الطرق الترابية في الجرود وسوء نوعية السيارات المستخدمة، علماً أن التلفزيون السوري الرسمي ومركز بلدية عسال الورد انتظرا العائدين لإقامة احتفالية إعلامية. وتقضي خطة العودة بدخول دفعة أخرى بعد عيد الفطر. ووصف المفتي السابق لبعلبك- الهرمل الشيخ أيمن الرفاعي الخطة ل «الحياة» بأنها «بداية لتخفيف العبء والضغط الذي تعاني منه بلدة عرسال»، وهو كلام مشابه لكلام قاله الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير الذي أبدى فيه استعداداً للتوسط مع النظام السوري كي ينسحب مسلحون من جرود عرسال. أما عودة أهالي الطفيل اللبنانيين والسوريين إلى بلدتهم التي هجروا منها، فمرهونة بإجراءات الجيش اللبناني، لأن العودة ستكون إلى الأراضي اللبنانية فيما العودة إلى عسال الورد كانت عبر جرود لم يتم ترسيمها تاريخياً بين لبنان وسورية.