تكثر الروايات عن احتلال بلدة عرسال من قبل المسلحين والارهابيين وانها بؤرة للإرهاب حتى باتت تسمى "بنهر بارد 2"، الا ان هذا الكلام ليس دقيقاً مائة بالمائة، فهنالك فرق بين عرسال وجرودها، فبلدة عرسال محاصرة اقتصادياً كون ثلثي أعالي جرودها محتلة من "حزب الله" وجزء آخر محتل من التنظيمات الارهابية، حيث بات معلوماً للجميع أن "حزب الله" يسعى الى السيطرة على هذه البلدة المنتمي أهلها الى طائفة واحدة ويدعمون تيارا سياسيا واحدا. تتلون المحاولات ل"دعشنة" عرسال الا ان نوايا واهداف "حزب الله" وتنظيم "داعش" تبقى واحدة وهي السيطرة على هذه البلدة الواقعة على مشارف من الحدود اللبنانية السورية. عرسال محمية الى حد كبير من الجيش اللبناني الذي ينفذ عمليات عسكرية متعددة وآخرها العملية النوعية التي قام بها في وادي الأرانب (جنوب غرب عرسال) وافضت الى مقتل 6 إرهابيين ينتمون إلى تنظيم "داعش"، بينهم القيادي انس زعرور، لعل هذه العملية تؤكد أن الجيش هو الوحيد المخوّل الدفاع عن عرسال وأهلها. مخططات "حزب الله" اوضح عضو كتلة "المستقبل" النائب جمال الجراح في تصريح ل"اليوم": "في أعالي جرود عرسال أي في المنطقة المشتركة بين القلمون السوري وجرود عرسال من الواضح هنالك وجود للمسلحين السوريين من جبهة "النصرة" والجيش السوري الحر وهناك مناطق تضم تنظيم "داعش"، لافتاً الى ان "حزب الله موجود في المنطقة المسماة وادي الرعيان التي تقع في جنوب عرسال وهو يحتل البساتين والمناطق التي تضم أشجارا مثمرة والتي تشكل دخل ومعيشة أهالي عرسال". ويضيف الجراح: "لدى "حزب الله" مخطط للسيطرة على عرسال وجرودها، بإعتقاده أنه بهذه الطريقة بإمكانه ان يحمي المناطق والقرى الشيعية من المسلحين ولكن هو عملياً يحتل هذه الارض مع العلم ان الجيش اللبناني موجود في المنطقة وهو من يقوم بحماية هذه الاراضي والمناطق هناك وليس "حزب الله" الذي يقف خلف الجيش"، موضحاً ان "حزب الله واعلام قوى 8 آذار يحاول ان يصور ان عرسال البلدة محتلة من قبل "داعش" والنصرة" في الوقت الذي لا اساس لهذا الكلام من الصحة، فداخل البلدة هناك قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني وعلى مداخل ومخارج عرسال البلدة يقف الجيش اللبناني الذي يتصدى لأي محاولات او أي حركة تحصل في أعالي الجرود من قبل المسلحين". واشار الجراح الى ان "حزب الله يحتل بساتين اهالي عرسال فقط ويمنعهم بهذه الطريقة عن جني ارزاقهم ولقمة عيشهم ويحاول في الاعلام ان يصور عرسال على انها مدينة خارجة عن القانون، كما هناك محاولات عديدة من "حزب الله" لتوريط الجيش اللبناني في معركة ضد أهالي عرسال، والهدف من ذلك للقول ان منطقة القلمون السورية اصبحت تحت سيطرته وفي المقلب اللبناني لا يوجد الا عرسال من غير مذهبه وانتمائه السياسي ويحاول وضع اليد عليها في عملية تنظيف مذهبي وإلغاء للآخرين غير المنتمين الى "حزب الله" او لمذهبه او لخطه السياسي"، محذراً من "محاولة التورط بمخططات "حزب الله" للسيطرة على عرسال". تجريد عرسال من جانبه اوضح مدير مؤسسة "لايف" المحامي نبيل الحلبي في تصريح ل"اليوم": "عملية التفاوض التي جرت لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين مع جبهة "النصرة" والتي رعته مؤسستي مع الحكومة اللبنانية والمسلحين كان يقضي بدخول مساعدات إنسانية الى عرسال ووداي حميّد وان تكون هذه المنطقة آمنة، بالإضافة الى انشاء ممر من عرسال الى مخيم اللاجئين الموجود في وادي حميّد، فلقد تلقينا وعداً من الحكومة والجيش اللبناني بأن يتم فتح الممر الذي تم اقفاله بعد عملية النزاع المسلح والمسلحين والجيش اللبناني الذي تم على اثره اسر العديد من عناصر الجيش، وبهذا الوعد يعود الممر الى سابق عهده، أي قبل اغسطس 2014". وشدد على "أهمية الممر الانساني الذي يسمح للاجئين بتسوية اوضاعهم وأوراقهم القانونية لدى الامن العام بالاضافة لعملية شراء مستلزماتهم واجراء المراجعات الطبية"، وعبر الحلبي عن اسفه "لعدم فتح هذا الممر على الرغم من الوعد الذي تلقيناه من الحكومة اللبنانية، حيث كان هنالك اتفاق قطعي من جانبهم بشأن هذا الموضوع الذي تم من خلاله عقد صفقة اطلاق سراح الاسرى، الا ان الممر بقي مقفلاً من الجيش اللبناني ولم يتم فتحه حتى لمساعدة الحالات الحرجة". وأكد الحلبي ان "عرسال ليست محاصرة ويتم ادخال مساعدات لها ومستلزمات طبية واغاثية ولكن بقيت منطقة وادي حميد التي يوجد فيها مخيم يضم 15 ألف لاجئ سوري، حيث لا يزال هذا المخيم معزولا عن محيطه، ولا يسمح حتى للنساء الحوامل من المغادرة عبر الممر الانساني لاجراء فحوصات ولا لأجل التوليد من دون أن يكون هناك مبرر لذلك"، موضحاً "اننا لا نقول ان يتم ازالة الحاجز لأن الاجراءات الامنية مطلوبة ولكن لا ان يتم اقفاله في وجه المساعدات والحالات الانسانية، فهذا الأمر مرفوض". واشار الى ان "ملف التفاوض مع "داعش" لإطلاق سراح أسرى الجيش لم نتدحل فيه بشكل جدي، بالإضافة الى ان السلطات اللبنانية تبحث عن وسطاء في هذه المرحلة للتواصل ولا شيء جديد في هذا الصدد". اما لناحية وضع عرسال وجرودها عسكرياً، فقال الحلبي: "هناك بعض التصرفات غير المقبولة والتي تحصل عبر بث الذعر في نفوس المواطنين من خلال بعض وسائل الاعلام لناحية حصول اشتباكات بشكل يومي الا ان الحقيقة خلاف ذلك، وهذا التأجيج يهدف الى تهجير أبناء عرسال من بلدتهم خدمة الى مخططات مشبوهة معروفة المصدر"، موضحاً ان "اهالي عرسال يعلمون ان هذا الامر غير صحيح". وجزم بأن "عرسال ليست ممراً للارهابين، الا ان هناك بعض الاشخاص المطلوبين وهم موجودون في عرسال فليتفضل الجيش اللبناني ويدخل البلدة ويلقي القبض عليهم، الا ان بعض هؤلاء الاشخاص المطلوبين محميون ممن يسمى بسرايا المقاومة"، لافتاً الى ان "الجيش اللبناني يسيطر على عرسال و"حزب الله" موجود في جرود وبساتين عرسال وهذا الامر لا يمكن المزارعين من الذهاب الى اراضيهم للحصاد والاهتمام بمزروعاتهم لانها تحت سيطرة حزب الله". واكد ان "ما يحصل في عرسال سياسة متكاملة وممنهجة لتهجير اهالي عرسال وتصوير البلدة كأنها محتلة من ارهابيين وهذا امر غير صحيح"، موضحاً ان "الجهة التي تتهم عرسال بالاحتلال هي الجهة التي تدعم الاشخاص الخارجين عن القانون فليتفضل الجيش ويلقي القبض عليهم وليسيطر الجيش على عرسال ويضبط الامن فيها". وختم: "هناك نية لتحويل عرسال الى مخيم نهر بارد جديد لتهجير اهلها الذين ينتمون الى طائفة محددة وان يكون هنالك عملية تهجير قسري للسكان كما حصل في بلدة الطفيل اللبنانية"، جازماً بأن "هنالك مخططا لتجريد عرسال من سكانها". جرود عرسال محتلة من "حزب الله" والتنظيمات الارهابية فيما أوضح رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في تصريح ل"اليوم" ان "ثلثي جرود عرسال محتلة من قبل "حزب الله" وهناك جزء محتل من جبهة "النصرة"، بالإضافة الى ان تنظيم "داعش" يحتل جزءا لا ينتمي الى عرسال بل هو على الحدود السورية اللبنانية". واكد الحجيري ان "عرسال محتلة والأهالي لا يمكنهم الذهاب الى أراضيهم نتيجة لاحتلالها من قبل "حزب الله". وقال: "حزب الله" يحتل جرود عرسال كي يحاصرنا اقتصادياً والهدف من ذلك تجويع اهالي عرسال الا انهم لن يخرجوا من أرضهم ولو ماتوا جميعاً". ولفت الحجيري الى ان "المطلوبين من بلدة عرسال عددهم يقارب 20 شخصاً وهم متهمون بأحكام بسيطة"، جازماً بأنه "لا يوجد إرهاب في عرسال، فالارهاب موجود عند "حزب الله" فقط"، مشيراً الى ان "الوضع في عرسال جيد ولكن الناس مقطوعة عن أعمالها، الا ان الوضع الأمني جيد بشكل عام". وطالب الدولة اللبنانية ب"اخراج "حزب الله" والمسلحين من جرود عرسال". ملف موقوفي عرسال وفي الجانب القضائي، ألقى الجيش اللبناني على عناصر ارهابية متورطة في احداث عرسال الاخيرة ولا يزال هناك فارون من العدالة، لهذا كشف مصدر متابع لملف أحداث عرسال ل"اليوم" ان "قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا تولت التحقيق في ملف أحداث عرسال، حيث يبلغ عدد المدعى عليهم في الملف 154 متهماً من جنسيات مختلفة لبنانية وسورية، الا انه تمكنت الاجهزة اللبنانية حتى الآن من توقيف 76 متهماً لعل أبرزهم قائد لواء "فجر الاسلام" عماد جمعة الذي تم توقيفه على حاجز في عرسال في 2 آب/ اغسطس 2014"، موضحاً ان "توقيف جمعة كانت الشرارة الاولى لانطلاق أحداث عرسال والتي تم من بعدها الاعتداء على مراكز للجيش اللبناني في عرسال من جانب جبهة "النصرة" و"داعش". ولفت الى انه "خلال التحقيقات التي أجريت مع جمعة بين انه دخل الى عرسال من اجل مراقبة مراكز الجيش اللبناني والتخطيط فيما بعد لضربهم"، موضحاً ان "باقي الموقوفين هم عناصر مجندة من قبل هذه التنظيمات (داعش والنصرة) وهم غير معروفين، الا ان جمعة يبقى ابرزهم". واشار المصدر ل"اليوم" الى انه "لا يزال قاضي التحقيق يستجوب الموقوفين، حيث يعد هذا الملف من اكبر الملفات القضائية بعد ملفي "احداث عبرا" و"نهر البارد" نظراً الى عدد الموقوفين"، معتبراً ان "هذا الملف يتطلب وقتا طويلا لصدور القرار الاتهامي الذي سيحال بموجبه المتهمون الى المحكمة العسكرية لبدء المحاكمة نظراً الى كبر الملف وتشعب التحقيق". واوضح ان "الموقوفين موزعون على عدد من السجون الا ان معظهم في سجن رومية، فيما عماد جمعة لا يزال موقوفاً في وزارة الدفاع كونه من "الخصوصية الأمنية". دورية للجيش اللبناني في عرسال