شاعرنا اليوم هو الشريف ناجي بن محسن بن شقيران، والد الشاعر المعروف –أطال الله في عمره- الشريف مبارك بن ناجي، يعده الرواة من أسرة شاعرة، إلا أنه للأسف ضاع جل شعره، ولم يتبق لنا منه إلا النزر اليسير، والذي يكشف رغم ذلك عن شاعرية تستحق الالتفات. وقد سبق وأن تحدثنا في أولى حلقات هذه السلسلة عن أخيه الشريف نجا بن مزانه، وقد شهر عن بن شقيران-يرحمه الله- الكرم الحاتمي كأخيه على قلة ذات اليد في ذلك الزمان، وكما قال الشاعر القديم: لا تنكري عطل الكريم من الغنى فالسيل حرب للمكان العالي يقول الباحث الدكتور محمد بن راضي الحسيني وهو يستعرض لنا سيرة بن شقيران أنه وفي وقت صعب لم يكن في بيته ما يقدم للضيف فطلب من زوجته أن تغلق الباب حتى لا يحرج مع من يقصده ، فلما أغلقته طلب منها أن تعود وتفتحه من جديد، وقال: يا رازق اللي ما يبي صكّة الباب ولا هو على صكّة ضبابه مساني أنا أشهد ان القل للضيف حرّاب يحد زول(ن) للردى ما يداني وله يخاطب ناقته التي يستخدمها في استخراج الماء لسقي زرعه الذي يعوّل عليه كثيرا للقيام بالحقوق الواجبة عليه، وفي نفس الوقت تجده يشفق على هذه البهيمة الصغيرة التي أنهكها السني لوحدها، واسمها (خرصة) ،يقول: اليوم يا (خرصه) ترى ماشي أعذار تالي الشهر واليا لك الفال طايب يا رب ترهب للمشاعيف الأبكار ننهض لها المسرى ولا شي عقايب ننهض لها المسرى على شان الأثمار من خوف يصفقهن هبوب الهبايب هبت هبوب(ن) وأقرت إلْهَا يجي دار واليوم منها كل سملول شايب يا زرعنا من يوم لاذنّ الأسعار نبيك للواجب ونطح النوايب حتى اليا قالوا نصى البيت خطار ما اقول ما عندي عشا للركايب وان كان قالوا ذا مخلص وذا بار ندرى هروج الناس والزول غايب ويرى الباحث الدكتور محمد بن راضي الحسيني أن في الأبيات السابقة لفته جميلة تسجل لصاحبها، فالشاعر لم يفتخر بأنه يكرم الخطار (الأضياف) كما تذهب كثير من الأبيات الشعرية، حتى لا يعتبر ذلك منًّا وإنما ذكر أنه يعشّي الركايب. وللشاعر ناجي بن محسن بن شقيران كذلك قصيدة يتغزل فيها بمن قطنوا بجواره وقت الصيف ثم رحلوا عندما حان وقته وذلك على طريقة شعراء الجاهلية حين يذكرون الظعائن الراحلة، إذ يقف على آثارهم متوجّدا يصف ساعة رحيلهم وقد فاضت عيناه بدمع العاشق الواله، يقول : سقوى سقاك السيل يا هالمعاطين من مزنةِ غرّا من أوّل شهرها كبنّها مدهال زين الهواذين أبو جعود(ن) فوق متنه نشرها عهدي بهم شدّوا مع القاع مقفين وأنا عيوني مغتشيها عبرها لعلّهم عند العيال المتاقين بمسلّبات ما يسافنّ أثرها توفي شاعرنا ناجي بن محسن بن شقيران–يرحمه الله- وهو بعد لم يتجاوز الخمسين من عمره سنة 1348ه، ونتركها هنا من"ملامح صبح" رسالة مفتوحة لكل من يحفظ أبيات لهذا الشاعر، والذي تكشف أبياته السابقة عن شاعرية عميقة أن يفصح عما لديه كي يتمكن الدارس أن يقف بوضوح على هذه التجربة التي لم ينصفها التاريخ. (هامش): مساني: من السانية والسواني، ويقصد الشاعر أنه لم يتعود صكة الباب سملول: وهو الطرف الدقيق من سنبلة القمح الهواذين: الصفات النادرة المتاقين: المتقنين للرمي [email protected]