نعتذر بداية عن انقطاع حلقات هذه السلسلة عن القراء لأسبوعين متوالين لظروف نحن نتحملها، ونعود اليوم مع شاعر مختلف، وسابق في تجربته زمنيا عن الشعراء السابقين، وهو الشاعر فواز بن خضر بن عبد الله بن حمود بن زهير الشريف ، اشتهر بفواز بن زهير ، يقول الباحث الدكتور محمد راضي الحسيني وهو يقلب ل"ملامح صبح" وثائق بن زهير أنه ورد له ذكر في وثائق قديمة سنة 1240ه ، ليس له عقب إلا من جهة البنات ، حيث أعقب ابنه فائز بنتا اسمها جويفله هي أم الشريف مسفر بن أحمد آل علي. وتذهب الروايات كذلك إلى أن الشاعر خلد اسمه ببندقية (مشقّص) سماها (سعدى) كان قد أوقفها على أبناء قبيلته آل زهير، وما زالت في أيديهم عند الأستاذ مشخص بن حمود –والذي سبق وأن قمنا معه مشكورا لما عرف عنه من اهتمام بالشعر والشعراء قبل عامين بتسجيل حلقة متكاملة عن الشاعر فواز بن زهير حيث كان يحفظ الكثير من نصوصه الشعرية. ويذهب الباحث محمد بن راضي الحسيني إلى أن الشاعر فواز بن زهير ذكر هذه الوقفية في أبيات يصف فيها بندقيته في رحلة صيد، يقول فيها: يقوله من بدا في عالي المطلاعي شريق الصبح وايق في حجا الساميه الين الصيد في حيد المسيل ارتاعي أخيل الأوّله منهن والتلويّه معي صاف الحديد أم الرهون ارباعي محصنة (ن) عن الأسواق بالوقفيه أشهلها عن المركاز فوق ذراعي ترزن من يجي في قلبه الخفيّه وحاسيها ليوم (ن) فيه قام الداعي نهار(ن) فيه تظهر جادلٍ مخبيه ومن الملاحظ في تجربة الشاعر فواز بن زهير كما يذهب الباحث محمد راضي الحسيني- غرابة لغة الشاعر ولاغرو في ذلك إذ يفصلنا عنه ما يقارب المائتي سنة من الزمان، ففي أبيات حماسية يصف فيها حادثة وإن كانت بسيطة إلا أنها تعكس الواقع الاجتماعي المعاش في ذلك الزمان ، ونرى من خلالها نعمة الأمن والأمان التي نعيشها اليوم، فالشاعر له بئر خارج البلدة يزرعها موسميا وعليها سانية ، فجاء أحد الحنشل على لغة ذلك الزمان فسرق المحالة ( وهي البكرة التي توضع على البئر ليسحب عليها الحبل) وسرق الغرب ( وهو الدلو المصنوع من الجلد لإخراج الماء من البئر) فثارت ثائرته إذ رأى أن الموضوع يخص الكرامة بالرغم من حقارة المسروق وأقسم أن يروي حافة البئر بدم السارق، ومما زاد حنقه أن السارق ذكر في مستضافا في بلدة مجاورة فرأى أن ذلك تحديا صارخا فخرج في طلبه ووجده قد رحل فتبعه ومعه اثنان من رفاقه وسط استهجان أهل البلدة بقدرته على عمل شيء لأن أولئك ركب يبلغ عددهم ستة عشر رجلا ، وكان السارق مولى لهم فلحق الشاعر ورفيقاه بهم وكادت أن تحصل مجابهة لولا تدخل العقلاء منهم إذ أقنعوا فواز برد ما سرق وأن يذهب معهم إلى البئر ليجرح اصبعه ويقطر دمه على طيها وفاء باليمين، يقول: أنا هاضني خطو المسارق من العربان على راس عبد هويشله جوك غازينا خذو شن وآضا عادل الشنّ بالعيدان محاله وشنّ من الخلا بزعته فينا وأنا خضر ينخاني وفي خاطره زعلان ولا شي نقايص مير الاعجار تطنينا وأنا قلت له بالهون بنخبّر الصدقان على الهون دار ولين الأخبار تلفينا وعلى الدار وانه ياكل العيش في قاران يفاوق صحافه ميّت القلب ناسينا لحقنا ثلاثه في الخلا ما لنا عوّان وهم خمس طعشر غير شين الهواذينا نوينا لهم بالحرب قبل الوجيه اتبان يدينا ترفّ وراعي الوجه حادينا بغى جرّها ولد البريعص وابن سلطان وأنا ما كرهت انه عليهم يجرينا تقافوا وأنا ما أقول ذلّوا ولا شردان ذوي صندل اللي قبل هاذي مديحينا عطينا لهم بالوجه علم ن وله ضمّان وجينا بسرّاق المحاله يبارينا ضربته بخلب (ن) وان دمّه على الجيلان يروّي جباها عقب أقامت سوانينا لعانه لهرّاج القفا مرتخي الذرعان يراعي مع النسوان ينظر بعد جينا وكما أسلفنا فهناك دروس عدّه تستخلص من هذه القصيدة فالشاعر يمتدح خصومه ويذكر أن موقفهم لم يكن عن جبن، وأنهم قوم ممدّحون قبل هذا، أيضا الالتزام بالأعراف فبينهم وجه لم يستطع أن يخرقه إضافة إلى التزامه بالوجه وثقتهم به إذ سلموه خصمه حتى لا يحنث بيمينه. وعلى موعد الأسبوع القادم بعون الله مع شاعر مميز لم تنصف تجربته. _______ مفردات: "السامية" ضلع بين المهد والطائف بزعتة: غنيمته. الأعجاز: البغي أو الحيف. يفاوق صحافه : كناية عن الأكل. الهواذين: التصرفات. الخلب: نوع من السكاكين صغيرة مستقيمة لها حدين. جباها: طيها. [email protected]