حسين عرب احد ادباء العربية السعودية وشعرائها الافذاذ الذين اسهموا بقسط وافر في دعم الحركة الادبية والنهوض بالادب الى آفاق عالية وهو أحد زعماء المدرسة الابتداعية التي تعني بالتجديد والابتكار في معظم شؤون الفكر والادب على النحو المستشاغ. ولد بمكةالمكرمة سنة 1338 وتلقى معارفه في المعهد العلمي السعودي بمكة وقد تفتق ذهنه بالشعر وهو في منتصف العقد الثاني ونضج مبكرا حتى قارن اساتذة الادب والشعر واصبح من المبرزين فكان شاعرا موهوبا في طليعة الشعراء.. وكاتبا قديرا كتاباته على كل لون من الوان الادب وله اجادات ومشاركات فعاله في عالم الادب تشهد له بها آثاره الخالدة في الصحف والمجلات والمجاميع وله ديوان شعر. فاز في مسابقتين شعريتين وهو طالب في المعهد العلمي بمكة الاول في وضع نشيد الطيران والثانية في وضع نشيد الجندية وقد كان فوزه من الدرجة الاولى حيث فاز على جميع الشعراء الذين اشتركوا في المسابقتين وهم في درجة اساتذته كذلك فاز في مسابقة لندن لاشعرية سنة 1363 وقد كان لهذا الفوز اثره البالغ في نبوغه وعبقريته. بدأ حياته العملية في وظيفة محرر بجريدة صوت الحجاز سنة 1356ه كما عمل محررا بجريدة ام القرى مدة طويلة ثم انتقل الى ديوان نائب جلالة الملك فكان الموظف الكفء في كثير من الوظائف التي تقلب فيها كان آخرها وظيفة مساعد اول لمكتب الشؤون المالية والخارجية بالديوان ثم انتقل الى وزارة الداخلية رئيسا لاحدى شعب الوزارة ثم عين مديرا عاما لوزارة الداخلية فكرس جهوده ونشاطه وواصل عمله على مستوى المسؤولية الكبرى فأصبح يوقع عن الوزير معظم المعاملات ويدير دفة الاعمال بكل دقة ومهاره ونشاط وفي سنة 1381ه عين وزيرا للحج والاوقاف فكان اول وزير للحج والاوقاف حوالي سنتين كاملتين. ويملك حسين عرب مكتبة كبرى تحتوي على مجموعة من الكتب في مختلف المجالات ككتب الدين والحديث والتفسير والتاريخ والفقه والادب والشعر ولاسيما المعاجم بانواعها. ومجلس حسين عرب دائما وابدا حافلا برواد العلم والادب والاعمال المختلفة حيث يستقبل في مساء كل يوم عددا من الرجال والشباب المعتد بهم في مجال المعرفة والثقافة فتدور بعض المنافشات الادبية وغيرها ويتولى هو بعض الحضور الاجابة التعليق.. وعلى هذا الاعتبار يعتبر حسين عرب محدثا من الدرجة الاولى بحيث يخوض في كثير من المواضيع معهما كان شأنها ونوعها بأسلوب علمي وادبي كما انه محاضر ممتاز وقد القى عدة محاضرات في بعض الاندية العلمية والرياضية كان لها اعظم الوقع في انفس المستمعين وقد لا ابالغ ان قلت ان حسين عرب يعتبر موسوعة علمية وادبية يرجع اليها عند الاقتضاء. ويجد القاريء في الصفحات التالية بعض النماذج الشعرية المنتقاه من شعره. ويجدر بنا قبل ان ننشر شيئا من النماذج الشعرية لحسين عرب ان نسجل اولا رأيه الصائب وفلسفته العميقة في الشعر حيث انه قال اكير مما قاله سواه من الشعراء والادباء الذين تحدثوا عن الشعر وافضلوا بىرائهم فيه. وسيلمس القاريء المستقيم التفكير من خلال الرأي والتركيب والتفكير الصحيح جوهرة الرأي السديد المنطوي على العلم والمعرفة والفهم والاستنتاج بعد ان يعرف ان غالبية الآراء تقول ان الشعر هو الشعور او هو الجمال او هو الموسيقى او ما شابه ذلك.. ولكن أدبيا العملاق انفرد برأي يكاد يكون او هو على الاصح الرأي الصلائب العاري عهن كل شائبة انه يقول ما معناه ان الشعر لا يمكن ان يعبر عنه بالشعور وحده او الجمال وحده وانما الشعر هو الشعور تجتمع مع كل مستلزماته كالجمال والموسيقى والغناء وكل السمات التي تبعث الروعة والابدلاع حتى يكون ذلك الكلام شعرا. والى القاريء النص الكامل لرأي حسين عرب في الشعر. قال حسين عرب كل الناس يشعرون - ولكن اقل من القليل بل النادر منهم هم الشعراء ومن نا يكون الفرق بين الشعور والشعر فالشعر هو سراوة الشعور وعمله وتأثيره في النفوس المتجاوبة - سلالبة او موجبة ونصاعه الديباجة وهو بعد ذلك كله عمق المعنى وصفاء البصيرة ونقاء البصر وروعة التعبير وموسيقى البناء وترف اللغة وتفاعل النفس الشاعرة مع جوها الخاص ومع اجواء الاحداث العامة. والشعر قبل كل ذلك موهبة خاصة بصقلها وتربيها التجربة والثقافة وسعة الاطلاع ولهذا فان كثيرا ممن يزاولون الشعر ليسوا شعراء لانهم غير موهوبي غريزة الشعر وملكته النفسية والشعورية. ولاخيرا فالشعر هو الشعر لا يعبر عنه بالشعور او الجمال او الموسيقى او الغناء او غير ذلك من الصفات بل هو جميعها مجتمعة لا متفرقة والا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يكون شعرا. أشجان الليل سهران، قد لعب الهوى بصوابه وقف الكرى، تملا على أهدابه نشوان والاحلام نبعة كأسه ورواقد الذكرى معين شرابه يرعى النجوم، كأنما كلفت بها عيناه او كانت مناط كلابه وكأنما النجوى، تصافح قلبه وتهيم بين شفافه، وشعابه دنيا، من الامن اللذيذ تجسمت الماحه، وخبا بريق سرابه ياليل حسبك من غواية شاعر ذهبت امانيه، بومض شبابه حيران كالطيف الغريب تزاورت عنه العيون، وضل نهج مآبه دنياه آثمه عليه، وفنه وزر لديه، فيا لهول مصابه نجواه، نجوى الوالهين، وداؤه من قلبه ، ينثال بين أهابه *** يا ليل ماالآلام ما وهم الحجي؟ ما العالم الممطول في أحقابه ضل السراة به السبيل وادهم طول المسير، فارقلوا بنهابه الجائعون المصوغة بتراثهم واستأسدت في الغاب سعر كلابه والظامؤون قد استبد بمائهم في المهمه المجهول شهب ذئابه شربوا اذا شربوا القذى وتوسدوا ظهر الاديم وعفروا بترابه تتراكض الاطماع فوق رقابهم ركض المعربد صال فوق ركابه أخنى عليهم بالمذلة عارم تتجسم الارزار بين ثيابه جاست مراعيه الذئاب واوغلت بحماه واحتكمت علي أبوابه فأباحها المرهوب، من غاياته وأنالها المرغوب من اسبابه *** ياليل ما الاقمار فيك تألقت بضيائها المرفض من محرابه؟ في الارض أقمار خبت اضواؤها لما تعجلها الدجى بايابه العبقرية ويحها ما ضرها لو آمنت بالزيف من اربابه لاذت بأكناف الضمير فاترعت من بؤسه وتجرعت من صابه فقضت كما يقضي الطريد حياته شرا يفيض عليه من اوصابه حسب الاباة النابهين من الحجى ما نالهم من شؤمه وعذابه هان المعلم واستكان بعلمه وعفا الاديب بفنه وكتابه واختال بالشعر الدعى بزيفه متكسبا بمديحه وسبابه وبكى المهند في يد مغلولة لم تمتهر في فتكه وضرابه وشكا اليراع اناملا عبثت به فتنكبت بالحق عن اصحابه منعت كريم الفعل بعض رجائه وحبت لئيم الاصل كل رغابه واستكبرت بعلوها وعتوها في جرأة المخمور غير الآبه يلهو بها عقل أشل تشابهت غاياته في غير ما تشابه وكأنه بفعاله وخصاله ابليس رائده الى آرابه ياليل هل خلف الظلام اشعة وهاجه للمستنير النابه هل للكواكب في ذراك عوالم مستورة بالبعد خلف حجابه هل للفضاء جوانب مجهولة لم يكتشفها العلم رغم غلابه هل للحوادث من ظلامك عيلم مسترسل في مده وعبابه؟ هل للعقول من الحوادث عبرة تهدي الضليل وترعوى بصوابه؟ هل للحظوظ الى الضمير وسيلة ام ضللت خطواتها عن بابه؟ هل للسعادة في الحياة روافد ام انها وهم على طلابه؟ هل للظلام نهاية معلومة ينجاب عنها الصبح بعد غيابه؟ لغز يظل على الوجود محيرا وسؤاله ما يلتقى بجوابه؟ صلت بواديه الحياة سبيلها فتعثرت خطواتها بعقابه؟ واذ النهى يوما اراد جلاءه اعيى النهى وطغى على اعجابه؟ موكب النور موكب النور ام جلال العيد يتجلى لنا بفجر مجيد نتملاه في جمال الصبايا مستهلا وفي ابتسام الوليد في هوى الامهات يغزلن للاطفال ديباجة الحفاظ التليد فيء دعاء الشيوخ يسمو الى الافق تنزت به جراح الكبود في نشيد الفداء، تصغي السماوات اليه فتحتفي بالنشيد في ضياء الشباب يمشي الى الميدان مستبسلا لفك القيود في سلاح الجنود يقتلع الطغيان من ارضه سلاح الجنود في رؤى القائد المظفر، يقتاد السرايا بعزمه الصنديد في هزيم الرعود يلقى على الاعداء من يارقات الرعود في سنلا القاذفات يلمع في الاف شواظا على العدو اللدود في الصواريخ في القنابل تنقض وجوما على حصون اليهود *** اوبي يا جبال مكة للذكرى جلالا وكبرى للعيد واذكري كيف اشرق النور من غادر بعيد في الافق غير بعيد واطلي على حمى الكعبة الغراء اطلالة الرفيق الودود وانظري للوفود من كل فج قد تلاقت كريمة بالوفود نهلت من روافد الحرم الامن من منهل الندى والجود وافاضت به الى الشرق والغرب نميرا معطرا بالورود *** كبري يا جبال طيبة للعيد وهزي الجبال بالترديد واذكرى مطلع النبي يناديك طريدا - اعظم به من كريد طلع البدر من خلال الثنيات فكانت مطالعا للعود بوأته منازل الاوس والخرج منها مباءة التمجيد وفدته الانصار بالمال والروح وجات بطارق وتليد واستنار الضحى وقد (جاء نصر الله والفتح) للطريد الشريد فقضى الشرك نحبه يوم (بدر) فأسألوا (بدر) عن مصير الجحود يا ربوع الهدى، وأرض النبوات سلاما من الفؤاد العميد هاجنا العيد فأدكرنا البطولات بواديك في قديم العهود وأطافت بنا الهواجس شتى يتوالى قديمها بالجديد ما لنا؟ لا نرى رجالا عهدناهم مصابيح، في ظلام الوجود أين في العالمين، مثل (أبي بكر) أو (ابن الخطاب)، أو (ابن الوليد)؟ أين صهر النبي عثمان ذو النورين ريحانة الوفاء الفريد (وعلي)، ومن كمثل علي أسد الله، في صراع الأسود ونجوم، من الصحابة والأنصار والآل وعصبة التأييد أين أندادهم ومن للدرارى في سموتها العلي بنديد. *** يا ربى البيد، في الجزيرة ماذا روع الأسد، في الربى والبيد فلقد كان صوتها يخلع الصنديد، حتى يعود، كالرعديد الطواغيت طأطأت، حين مستهم عصاها، واستنفرت للشرود والطغاة البغاة، أعياهم الحق غلابا، فاذ عنوا للوعيد فقضى الله فيهم، ما قضاه فالتمس ، هل ترى لهم من معيد؟ *** كان حلما مجنحا، وسلاما قام بالحق والنظام السديد كان ملكاً، ما فيه من سطوة الملك، سوى العدل والإباء الوطيد، كان اشراقة الزمان، وتاريخ المعاني، وحكمة المستفيد كان ما كان، وانطوت صفحة المجد إلى صفحة البلى والركود. *** أيها العيد، ما وراءك مما نرتجي، من مآمل وجدود آدنا الدهر، بالشقاء وآذتنا بلاوائها دواعي الجمود داؤنا، من دوائنا مستفيض مثخن، في لحومنا والجلود من بلاء الجمود، قد أعضل الطب شفاء، ولوثة التجديد من جحيمين، بين "عهد قديم" صار أفكار، وإفك "عهد جديد ثم جاءوا، ويا لهول الذي جاءوا به، من فضائح "التلمود" زوروها، على النبيين ، والزور مطيع بكل باغ مريد شهد الله، انها من رؤى الشيطان فيهم، والله خير شهيد فرخت، بعدها الشيوعية الحمراء، شراً، ما بعده من مزيد فجر الأرض، بالدماء اخاديد، إلى أن شاق الثرى باللحود شاب منها الفطيم في المهد، واصطكت، بأعوادها حواني المهود أين من زيفها الحنيفية البيضاء، تنجي من الهلاك المبيد نورها يحجب الشموس المنيرات، ويهدي إلى الطريق الرشيد يتجلى بها، كتاب حميد منزل من لدن عزيز حميد قد أضاء السبيل للناس، واقتاد خطاهم، من الدياجي السود وتساوى في حكمه. البيض والسود. على الحق والهدى والحدود شرعة الله، ليس أحسن منها شرعة في القديم أو في الجديد. *** ايها العيد والحوادث شتى نصطلي من لهيبها الممدود قد بلونا الزمان، في العسر واليسر، وعدنا منه ببأس الحديد كم وردنا الحروب، نزجي الضحايا ودفعنا البنود خلف البنود لا تنال الخطوب، من عزمنا الصلد منالا، سوى عرام الصمود انما العيد، أن يسود السلام الأرض ، أو يختفي، ضرام الحقود إنما العيد، أن ترفرف في الشرق وفي الغرب راية التوحيد إنما العيد أن تعود فلسطين، إلى أهلها الاباة الصيد. الضيف العاشق "قصة غرام بريء موؤود.. في ضاحية من ضواحي الطائف" قدم هذه القصيدة العصماء الأديب السعودي الكبير الأستاذ عبدالله عبدالجبار في كتابه "التيارات الأدبية الحديثة فيقلب الجزيرة العربية" وهو الذي صدر سنة 1959م، وقد قال: (وأما في الشعر العربي الفصيح فاننا نلمح تلك السمات المحلية يشف عنها حسين عرب في قصيدته "الضيف العاشق" فا "الديرة" و "الشفا" و "الربع" و "شامة وطفيل" كلها كلمات لا تقال الا في بيئتنا وما يشبهها.. وتساجل العرب بالاشعار في نواديهم وترحيبهم البالغ بالضيف واحلاله محل الصدارة، واعتزاز البدوية الحسناء بديارها وعفافها. والقهوة العربية ذات الأرج الفواح الذي يشبه أرج الخرد الغيد في يوم الزفاف، وشدو الحمائم، ورقص العصافير، وتملى الحسن في الخدود من خلال الأغصان الخضر.. والكعاب الحسناوات وهن يتهادين للغدير بأعطاف سكرى بالهوى والشباب. كل ذلك يضفي جواً محلياً خاصاً لديرة حجازية هي ديرة "بني سفيان" - في قمة "الشفا" من جبال الطائف الرائعة..). وهذه هي القصيدة: قالت العين، إن في هذه الذروة ، للنفس منزلاً، لا يمل فتقحمتها، فألفيتها الجنة فيها روض وماء وظل قمة فوقها الهوى يفعم النفس وينساب في انسياب النسائم والمرائي، ملفعات بسحر من رفيف السنا، وشدو الحمائم *** يتندى الربيع، بين روابيها جمالاً، تحار فيه الظنون وترى الورق، جثما: في حفافيها على الأيك فرحة وازدهاء *** فلما أشرق الصباح عليها أشرقت من خدورهن الكعاب يتهادين - للغدير، بأعطاف تهادى بها الهوى والشباب *** واذا أقبل المساء رايت الرو ض، منهن مستسر المرائي يتناجين بين أغصانه الخضر ويمرحن في هوى وصفاء *** وتفيأت دوحة انتثر الز هر، اذا مسها نسيم البكور اتملى. من خلف اوراقها النضر سنا الحور في ظباء الخدور *** الخدود التي استحالت ورودا والقدود التي استمالت بعطف والعيون التي اذا حدثت، قا لت كلاما، يجل عن كل وصف واذا غادتان أختان من خلفي تقولان: ما الذي تبتغيه؟ حضري تهيم في ديرة البدو وما يعلمون ما تنويه؟! وتأملت فيهما، فرأيت السحر - في صورتين - يغري ويسبي! قالتا ما ترى ؟ فقالت: رأيت الحسن - في روضة - فسبحت ربي قالتا: لا تزد، وحاذر هوى النفس ففي الحي عصبة ذات بأس لا تذرنا، مثابة للأقاويل كما كان بين ليلى وقيس *** قلت: إن الجمال يعصف بالنفس ويذكي شجونها وهواها والغرام العفيف، يحمد جانيه وتلقي به النفوس مناها *** قالتا: هكذا.. ولكن في النا س عيونا وألسناً لا تعف الهوى عندهم حرام ودعوى الطهر، في شرعهم ، هراء وسخف *** قلت: فيمن نزلت ؟ فابتسمت (سلمى) وقالت: في ظل بيت كريم وانبرت اختها (سعاد) تحييني بأسمى الترحيب والتكريم *** قلت: من أنتما ومن أي دار قالتا: نحن من (بني سفيان) (الشفا) دارنا، وحسبك منها قمة ، في العشير والأوطان *** قلت: نعم القبيل قالت: ونعم الضيف (سلمى) فقلت: حسبي ثناء وتناءت (سعاد) تنتهب الخطو إلى أهلها تعد العشاء *** وتنبهت ، لحظة، فاذا الربع تنادوا إلي للترحيب واذا الدار منتدى، غرد الشعر به بين منشد ومجيب *** وتوسطت حفلهم ، فكأني من بني عامر لديهم نزيل ارتدي شملة، كأن جناحيها بجنبي شامة وطفيل