رأى قادة البنتاغون أن الثوار الليبيين بحاجة الى التدريب أكثر مما هم بحاجة الى أسلحة لمواجهة قوات الزعيم الليبي معمر القذافي التي لم تصل الى «نقطة الانهيار»، غير ان «دولا اخرى» يجب ان تتكفل بذلك. ومثل وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ورئيس هيئة الاركان المشتركة للجيوش الاميركية الاميرال مايك مولن الخميس في جلستي استماع مغلقتين امام الكونغرس لطمانة البرلمانيين الاميركيين الى موقف ادارة الرئيس باراك اوباما التي تواجه انتقادات وتشكيكا من قبل عدد من النواب. وقال الاميرال مولن متحدثا امام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب أن حملة القصف الجوي التي يقودها الحلف الاطلسي الحقت اضرارا بقوات القذافي غير أنها لم توصلها الى «نقطة الانهيار». غيتس من جهته أشار إلى أن المهمة لم تكن تقضي باطاحة القذافي، غير انه توقع أن يسقط نظامه في نهاية المطاف نتيجة الضغوط الاقتصادية والسياسية وضغط الشعب الليبي نفسه، وليس الضربات الجوية. ووصف غيتس الثوار بانهم قوات «مشتتة» مرتجلة تمكنت من «الاستيلاء على مستودعات وذخائر وكمية من الاسلحة الخفيفة» غير أنها تفتقد إلى القيادة العسكرية. وقال متحدثا أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب «ما هم بحاجة اليه فعليا هو التدريب والقيادة وبعض التنظيم المتماسك». واضاف ان التدريب «يتطلب مستشارين على الارض، وهو ما ينبغي توفيره ايضا في حال امدادهم باسلحة اكثر تطورا من اجل تدريبهم على كيفية استخدامها». لكنه شدد على وجوب ان يكون الدور الاميركي بهذا الصدد محدودا، مشيرا الى ان دولا اخرى يمكن ويجدر ان تقدم التدريب والمساعدة بدل ان يعود هذا الدور الى الجيش الاميركي الذي ينشر حاليا قوات في العراق وافغانستان. وتابع «ثمة بصراحة دول عديدة يمكنها القيام بذلك» مضيفا ان «هذه ليست قدرة تتفرد بها الولاياتالمتحدة، وبنظري، فان طرفا اخر ينبغي ان يتولى ذلك». وتبنى غيتس حتى الان موقفا متحفظا وحذرا منذ بدء التدخل العسكري في ليبيا، ولم يتضح ما اذا كانت افادته في الكونغرس تعكس وجهة نظر البيت الابيض الذي اعلن انه ما زال يدرس مسالة تسليح الثوار. من جهته قال مولن ان تدريب الثوار وتسليحهم «يجب الا يعود حكما لدولة من الحلف الاطلسي» وان في وسع دول عربية تولي هذه المهمة، ذاكرا منها تحديدا قطر والامارات العربية المتحدة. واقر كلا غيتس ومولن بانهما لا يعرفان «الكثير» عن المعارضة الليبية. وقال غيتس بهذا الشأن «اننا لا نعرف الكثير عما اعتقد انه معارضة متباينة جدا ومشتتة جدا ضد القذافي». لكنه استبعد ان يكون للقاعدة اي نفوذ على الثوار، مؤكدا انه من غير المرجح ان يتمكن التنظيم الارهابي من «تجيير» الثورة. وقال غيتس ان التدخل هو «عمل وقائي يهدف الى منع القذافي من مواصلة تجاوزاته اكثر مما يهدف الى دعم المعارضة». من جهته قال مولن ان المتمردين اقرب الى متظاهرين مسلحين منهم الى مقاتلين متمرسين، مشيرا الى ان الفا منهم فقط يملكون مهارات عسكرية. وقال مولن ان عمليات القصف الجوي التي شنها الائتلاف قضت على حوالى 20 الى 25% من قوة القذافي العسكرية مضيفا «لقد الحقنا اضرارا كبرى بوسائله العسكرية ودفاعاته الجوية ووسائله القيادية». لكنه حذر من ان «هذا لا يعني انه على وشك الانهيار عسكريا». واكد ان قوات القذافي التي تنشر على الارض دبابات واسلحة ثقيلة لا تزال تملك تفوقا كبيرا على الثوار مقدرا توازن القوة بين الطرفين ب»عشرة على واحد» لصالح القذافي. واذ اعرب النواب عن مخاوف من الدخول في حرب مفتوحة في ليبيا، اشار غيتس الى انه مع تولي الحلف الاطلسي قيادة الحملة العسكرية فان الالتزام العسكري الاميركي «سيتقلص بشكل ملحوظ» خلال ايام، مؤكدا مرة جديدا انه «لن يتم نشر جنود اميركيين على الأرض». وتؤكد ادارة اوباما بحزم انه من غير الوارد نشر قوات على الارض، فيما تفيد الصحافة الاميركية عن وجود عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) سرا في ليبيا لاجراء اتصالات مع الثوار وتوجيه الضربات الجوية. ورفض غيتس المدير السابق للسي اي ايه الذي قاد جهود تسليح المجاهدين الافغان في مواجهة القوات السوفياتية في ثمانينيات القرن الماضي، التعليق على اي نشاط للجهاز في ليبيا. وقال انه مع قيام القوات الاطلسية بتدمير جيش النظام الليبي تدريجيا، سيجد المقربون من القذافي انفسهم مضطرين الى الاختيار ما بين البقاء الى جانب نظام يتهاوى او انقاذ انفسهم. وعلى صعيد آخر صرح وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الجمعة في بكين ان «الوضع في ليبيا لا يمكن حله بوسائل عسكرية»، داعيا الزعيم الليبي معمر القذافي الى وقف اطلاق النار. وقال الوزير الالماني متحدثا اثر لقاء في بكين مع نظيره الصيني يانغ جياشي «لا يمكن تسوية الوضع في ليبيا بالسبل العسكرية». وتابع متحدثا للصحافيين «لا يمكن ان يكون هناك الا حل سياسي وعلينا اطلاق العملية السياسية. وهذا يبدأ عندما يوقف القذافي اطلاق النار ليسمح لعملية السلام ان تنطلق». من جهته لفت الوزير الصيني الى ان البلدين امتنعا عن التصويت في 17 اذار/مارس على قرار مجلس الامن 1973 الذي سمح للائتلاف بشن ضربات جوية على ليبيا بعد يومين مؤكدا «هذا يثبت ان البلدين لديهما تحفظات على مستويات مختلفة». واوضح ان الصين «قلقة بسبب انباء متكررة عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين واستمرار المعارك». وقال يانغ «نامل ان تلتزم الدول المعنية بالقرار وكذلك باستقلال ليبيا وسيادتها» مضيفا «ينبغي حل المسالة بالسبل الدبلوماسية والسياسية المناسبة». وعارضت بكين استخدام القوة في ليبيا محذرة فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة من ضربات تخالف روح القرار الدولي القاضي بحماية المدنيين. وكان الرئيس الصيني هو جينتاو قال لنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله الاربعاء في بكين ان الضربات الجوية في ليبيا «قد تشكل انتهاكا لروح نص قرار مجلس الامن الدولي .. اذا كانت الاعمال العسكرية تسيء الى المدنيين الابرياء وتزيد من خطورة الازمة الانسانية». وكان فسترفيلي انتقد ساركوزي ضمنا الاسبوع الماضي اذ اعتبر ان «تهديد كل زعيم عربي الآن بتدخل عسكري من الاسرة الدولية واوروبا ليس حلا». وكانت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اعلنت قبل ذلك انها تشاطر اهداف القرار الدولي وان بلادها لم تمتنع عن التصويت عليه بدافع «الحياد» بل لانها لا تريد المشاركة في العمليات العسكرية.