يوم السبت الماضي احتفل العالم أجمع بيوم (الحيوانات المهددة بالانقراض ) والتي كانت حتماً نتيجة انتهاكات الإنسان لبيئاتها الطبيعية إما بسبب النشاطات الصناعية الباعثة للأبخرة والمواد الخطرة في الأجواء المحدثة للتغييرات المناخية المؤثرة سلباً على قدرة بعض المخلوقات على التأقلم مع تلك التغيرات ، أو بسبب التسربات النفطية والمواد الكيميائية للبيئات البحرية والتي ينجم عنها اختناقات للأحياء البحرية ، أو بسبب التعدي السافر على أشجار الغابات والتي تعد الموطن الطبيعي للكثير من المخلوقات ، أو بسبب الصيد الجائر وغير الواعي لبعض المخلوقات بانتقائية مفرطة كما يحدث لدينا في السعودية ، لاسيما مع حيوان الضب المعروف علمياً وعالمياً باسم ( يوروماستيكس ) ، ذلك المخلوق الذي قضت قدرة الله عليه أن يكون في مجتمع لا زالت مصطلحات البيئة والتنوع الحيوي والأنظمة الحياتية والتوازن الإيكولوجي والبيولوجي خارج إطار مداركه لاسيما أولئك الذين ابتلاهم الله بتصلب في شرايين الفهم ، واحتشاء في عضلة الإدراك ، ورغم قلتهم إلا أن أثرهم على انحسار التواجد الطبيعي للضب كبير جداً ، يكفي أن أذكركم بالصورة التي نشرتها صحيفة الشرق السعودية قبل شهر تقريباً ..وهي لسيارة ( وانيت ) لونها أبيض حوضها مملوء بأكوام هائلة من سحليات الضب ، تم صيدها بكل وحشية دونما اعتبار لوازع ديني أو رادع قانوني ، فضلاً عما نراه ونجده في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي من وسائط توضح بعض ما يرتكب من جرائم بيئية بحق الكثير من المخلوقات الصحراوية وعلى رأسها الضب ، والمؤسف حقاً أن هناك من يجزم أن معظم من يقوم بهذا الصيد الأهوج لا يأكله ولا يبيعه ولا يهديه ، إنما يرميه على قارعة الطريق حينما يعود ، فليس مهماً بالنسبة له أن يأكل من لحوم تلك الضبان ، المهم هو الرقم القياسي الذي حققه والذي سيكون بالتأكيد محور تفاخره أمام أقرانه بعد عودته . المفارقة العجيبة التي يجدر بي التنويه لها ..أن الضب كما أثبتته دراسات علم سلوك الحيوان حريص جداً على توازن النظام البيئي الذي يعيش فيه ، فحينما يقترب من إحدى النباتات لأكلها فإنه لا يأكلها كلها ، إنما يكتفي بقضمة أو قضمتين منها ثم ينتقل لنبتة أخرى وهكذا ،وذلك لضمان تمكن النبتة من إعادة بناء ما فقدته من وريقاتها المقضومة ، الأمر الذي يعكس مدى رقي السلوك البيئي الذي يتمتع به هذا الحيوان في الوقت الذي لازال صائده ( الإنسان ) يمارس أبشع الانتهاكات بحقه وبحق غيره من المخلوقات ضارباً بكل تحذيرات الحياة الفطرية والمنظمات البيئية عرض الحائط ، علماً أن الضب يحد من تكاثر بعض المفصليات السامة لأنه يتغذى عليها خاصة حينما تسوء حالة الغطاء النباتي في بيئته ،وبالتالي فإن انقراضه سيؤدي إلي تفاقم تلك المفصليات للحد الذي قد يفوق طاقة استيعاب النظام البيئي . عموماً .. كل أملي أن تؤتي حملة الحياة الفطرية التوعوية والإعلامية عن خطورة الصيد الجائر لسحلية الضب والتي من المقرر أن تنطلق ابتداء من يوم غدٍ الأربعاء 5 / 7 / 1434 ه ولمدة أسبوع ثمرها ، وأن يصبح المجتمع بعد هذه الحملة أكثر وعياً وأكثر إدراكاً لقيمة التنوع الحيوي في بيئاتنا سواء الصحراوية أو الجبلية أو البحرية ، فمن دون التنوع الحيوي لن يتحقق التوازن البيئي ، ومن دون التوازن البيئي لن يتحقق الأمن البيئي والغذائي بل وربما الأمن الصحي والاجتماعي كذلك ؛ خاصة حينما يتعلق الأمر بتكاثر مخلوقات أكثر خطورة على الناس في ظل غياب عدوها الطبيعي الذي انقرض تحت وطأة بنادق الصيادين في موطنها ، تماماً كما حل بالنمر العربي الذي أتاح غيابه تنامي القرود بأعداد مهولة تركت انعكاساتها الخطرة على الناس في منازلهم ومزارعهم هذه الأيام . [email protected] twitter: @ad_alshihri