المجتمعات الإسلامية في غالبيتها تستمد كثيراً من معرفتها الدينية عن طريق أشخاص يقومون بإصدار فتاوي تشريعية والمشرع هو الله، هذه المجتمعات لسبب أو لآخر أغلبها من غير المثقفين لذلك تجدهم وبحكم خشيتهم من خالقهم لا يراجعون الفتوى وإن كانت ظلامية، بل لحرصهم يزيدون عليها بعض الاحتياطات ويعملون لها كثيراً من المقارنات مع أمور أخرى فيُخضعونها لنفس حكم الفتوى وهم مطمئنون وإن كانت في الواقع ضد مصلحة العباد وتخالف التوجيه الرباني. المقصود هنا تحديداً من يفتي ويحكم على الناس بالقتل تحت مصطلح التكفير الذي ابتدعه الإنسان ويعارض القرآن. لذلك أتساءل: هل جميع المسلمين لا يفهمون القرآن؟ هل نؤمن بأن الهدى نزل مفصل البيان بسلطان وهو محفوظ من لدن العزيز الحكيم؟. يقول الخالق لرسوله (ص): " لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ" . "إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ" . "وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا". "فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ". لم يترك الخالق لرسوله الحق في محاسبة من يكفر بالله لأن سنة الحياة الدنيا هي الاختبار ويكون الفصل بين الناس عن إيمانهم بالله في اليوم الموعود حقاً حصرياً لمن أوجدهم ويعلم سرهم وعلانيتهم بمن فيهم المنافقون الذين كانوا يكذبون على رسول الله نفسه ولم يكن يعرفهم ولكن الله يعلمهم. فكيف يتجرأ الناس على تكفير بل قتل إنسان دون سلطان أتاهم؟ فإذا كان الخالق يمنع رسوله في مواطن عدة وضحها القرآن ومنها "لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ" ، فكيف يكون لأحد الناس من الأمر شيء فيما يخص الإيمان؟ .. الحكيم العليم سبحانه لم يترك هذا الحكم للبشر، لأن الجاهل والمنحرف من الناس إذا ما اقتنع أنه من حق البشر محاسبة البشر وتكفيرهم ثم قتلهم، يتأسس لديه هو أيضاً حق تأويل الفهم تحت هواجس التقرب إلى الله ويبدأ في تشديد تعاملاته وهنا ينشط التطرف الذي لا يحتاج سوى قليل من الكلام المنمق والتواصل لكي يتحول الشخص المسلوب فكريّاً أو فاقد الأمل إلى إرهابي بقصد أو من غير قصد.من هنا تتجلى الحكمة الربانية في ترك حساب الناس في ما يخص إيمانهم من عدمه له وحده سبحانه لكي لا تلغي بعض البشرية سنة الحياة الدنيوية التي أعطي فيها الإنسان حق الاختيار لأنه هو من سوف يحاسب منفرداً، قال تعالى: " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" لأن الله ليس في حاجة الناس بل هم من يمن الله عليهم بأن هداهم للإيمان، فكيف نعمم حكماً يعارض حكم الله المتكرر في أغلب سور القرآن؟. لنتق الله في أنفسنا ولا نعطي حق محاسبة الإيمان لأي إنسان طالما لم يعطه الله لرسوله ولم يخبره عن كثير من المنافقين حوله وهم أشد كفراً ونفاقاً، وكفي تشويهاً للإسلام وتحريضاً للمسلمين بدون سلطان مبين. قال تعالى:"وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ". عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا