عبر رئيس أرامكو السعودية، وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، عن اعتزازه وتقديره لما حققه العديد من موظفي وموظفات أرامكو السعودية من إنجازات إبداعية تمثلت في تخطيهم حاجز إنجاز المائة اختراع على مدى السنوات الماضية، وحصولهم على 125 براءة اختراع، تم تسجيلها في برنامج أرامكو السعودية للأفكار الإبداعية، للاستفادة منها في حقول العمل المختلفة في الشركة. وقد افتتح رئيس الشركة معرض تاريخ وتطور الاختراعات في أرامكو السعودية الذي أظهر جهودها بشكل كمي وكيفي في هذا المجال بما يتوازى مع تزايد أعمال الشركة وتطور برنامجها للعناية بالأفكار الإبداعية. وقد دعا المهندس الفالح إلى العمل على رفع معدل إنجاز الاختراعات ليصل إلى مائة اختراع سنوياً. وخلال حديثه أمام حضور حفل الافتتاح لهذا المعرض الذي أقيم في الظهران يومي الأربعاء والخميس الماضيين بمناسبة بلوغ هذا العدد من الاختراعات؛ رأى المهندس خالد الفالح أن القفزة في معدلات تسجيل الاختراعات في أرامكو السعودية جاءت بعد تكامل وتبلور برنامج حماية الملكية الفكرية وبرنامج الأفكار الإبداعية، الذي أنشأته الشركة لمساعدة المبدعين من موظفيها على تحقيق أفكارهم. فقد جاء هذا البرنامج العلمي ليحفظ حقوقهم وينمي أفكارهم خطوة بخطوة حتى ترى النور وتظهر في شكل براءة اختراع تستفيد منها الصناعة النفطية والعالم . وفي هذا المعرض التاريخي الذي قدم خلاله الكثير من المعلومات عن تطوير أرامكو السعودية لأصولها الفكرية منذ تأسيسها، واستعرضت خلاله مراحل تزايد أعداد الاختراعات؛ قال المهندس خالد الفالح: "يجب أن ننظر إلى هذا الإنجاز من منظور تاريخي، فإنجازنا الذي تحقق اليوم ليس وليد اللحظة، بل هو إنجاز تحقق عبر عقود من الزمن، رسمته أجيال تلو أجيال من الموظفين في تاريخ أرامكو السعودية". وعبر الفالح عن إيمانه بأن الأصول الفكرية هي المستقبل الحقيقي للشركة، وأنها المصدر الحقيقي لثروتها. ودعا موظفي الشركة إلى الدخول في المزيد من الشراكات مع الجهات المختلفة في داخل المملكة وخارجها لتطوير اختراعاتهم وابتكاراتهم الخاصة بهم وبوطنهم، وزراعة ثقافة الابتكار والاختراع في أبنائهم. وقال إن بث هذه الروح في جيل الشباب مهم جداً، خاصة عندما نضعه في سياق الانفتاح والتواصل المعرفي الذي يعيشه العالم ضمن روح القرية الكونية. أهمية المعرض وقد جاء هذا المعرض للاحتفال بمرحلة مهمة من إنجازات موظفي الشركة، لتستلهم منها الدروس وتستثمر من خلال تحديد معالم الطريق التي قادت إلى كل تلك النجاحات، وتعليم الموظفين الشباب كيفية سلوك طريق الاختراعات والإضافة إليه، لتكون انطلاقة جديدة نحو عصر من التقدم العلمي التنافسي في كل الميادين. فقد فتح المعرض أبوابه لموظفي الشركة في اليوم الأول ليقفوا على تلك التجربة الثرية، حيث صور لهم مراحل التطور الزمنية في الثروات الفكرية للشركة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، حافلاً بالشرح المفصل لبراءات الاختراع التي حاز عليها موظفو وموظفات الشركة، وعارضاً لصور المخترعين والمخترعات ومدى تأثيرها على أعمال الشركة المختلفة. وعما أبرزه المعرض من دور كبير لأرامكو السعودية في نشر ثقافة الاختراع في المجتمع السعودي؛ تحدث د. محمد الأنصاري مدير برنامج التقنية وحماية الملكية الفكرية قائلاً: "إن سياسة الشركة في حماية الملكية الفكرية والاختراعات تركزت قبل 10 سنوات على تسجيل البراءات التي تستوجب الحماية العالمية باستخدام آلية البراءة لضمان عدم التعدي على اختراعات الشركة من قبل الآخرين، وتسجيلها لدى مكاتب البراءات العالمية". وأضاف: "أن اهتمام برنامج حماية الملكية الفكرية في الشركة كان منصباً على نوعية البراءة وأهميتها أكثر منه على عدد البراءات التي يتم الحصول عليها." مئات الاختراعات ضمن أسرار الشركة! وبين الأنصاري أن قانون البراءات الدولي يعطي البراءة بعد مدة تتراوح بين سنتين إلى أربع سنوات من بداية تسجيلها لدى أي مكتب براءات دولية بما في ذلك مكتب البراءات السعودي بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. ونوه الأنصاري بأن الحصول على البراءة يعني نشرها للجميع بعد الحصول عليها بغض النظر عن ميكانيكية الحماية الدولية في منع التعدي من قبل الآخرين، وهو الأمر الذي قد يستوجب حماية الإبداعات والاختراعات عبر إدراجها ضمن الأسرار الصناعية بدلاً من تسجيلها كبراءة اختراع. وكشف الأنصاري أن هناك المئات من الابتكارات والإبداعات المؤهلة لبراءة اختراع ولكن تم توثيقها ضمن الأسرار الصناعية للشركة حسب قانون الملكية الفكرية. 1000 براءة اختراع بحلول 2020 وأنهى الأنصاري بقوله: "بالإضافة إلى 125 براءة اختراع تم الحصول عليها؛ فإن عدد البراءات التي تقدمت بها الشركة وتنتظر الموافقة لدى مكاتب البراءات الدولية يزيد على 220 براءة اختراع. وسوف نسعى إلى الهدف الذي وضعته إدارة الشركة وهو تخطي حاجر 1000 براءة اختراع في عام 2020."
تطوير الأصول الفكرية من جانب آخر كشف هذا المعرض أن الثلاثين سنة الأولى من عمر الشركة كانت قد شهدت ثلاثة اختراعات فقط وذلك لاعتماد "أرامكو" وقتها على التقنية المستوردة في جميع أعمالها الصناعية. فكان الاهتمام آنذاك منصباً على الاستكشاف والتنقيب وتطوير الأصول الفكرية لموظفيها عبر برامج التطوير والتدريب والتعليم المختلفة والدورات المتخصصة والابتعاث الخارجي، وإنشاء العلاقات المتميزة مع الشركات المحلية والعالمية، والتركيز على تطوير البنية التحتية بالمنطقة في جميع مجالات الصحة والتعليم والكهرباء والتطوير التجاري. وقد تمخضت تلك الجهود المبكرة عن قفزة في عدد الاختراعات في الثلاثين سنة التي تلتها ليصل إلى ثلاثة عشر اختراعاً مهماً، تم اعتمادها في أعمال الشركة التي تطورت وتوسعت هي الأخرى. وكان التركيز في تلك الحقبة على إنشاء منشآت عملاقة وعلاقات متميزة مع حلفائنا في داخل وخارج المملكة. كما تميزت تلك الفترة بمساندة الشركة للعديد من المشاريع العملاقة مثل جامعة الملك فهد البترول والمعادن وشبكة الغاز . الانطلاقة الكبرى ب100 ألف فكرة وفي عام 2000 ميلادية تسارعت وتيرة الإنجازات والابتكارات لموظفي الشركة بشكل لافت للنظر. فقد قامت الشركة بتشكيل فريق متخصص لحماية هذه الأبحاث وتطبيق المستلزمات القانونية التي تحمي الحقوق الفكرية وبراءات الاختراعات وتساعد على الاستغلال التجاري الفعال لهذه الابتكارات. وفي عام 2002 قدمت الشركة لموظفيها هدية علمية كبرى بأن أنشأت نظام استقبال الأفكار الإبداعية، حيث يتكون البرنامج من منظومة إدارية متكاملة تعنى باستقبال الأفكار الخلاقة للموظف وتوجيهها إلى الإدارة المعنية بها حسب رغبة الموظف، لتقدم تلك الجهة وجهة نظرها حيالها ورغبتها في تطبيقها، فيتم تطويرها من قبل الموظف بالتعاون مع تلك الجهة تمهيداً لاعتمادها رسمياً حتى تشق طريقها نحو تسجيلها عالمياً. وقد كشفت هذه الخطوة عن مكنونات كثيرة لإبداعات الموظفين مما ولد في غضون ثماني سنوات فقط أكثر من 96000 فكرة تم تطبيق الآلاف منها في العديد من أعمال الشركة المختلفة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدد براءات الاختراع التي تم الحصول عليها من عام 2000 حتى نهاية عام 2005م، 30 براءة اختراع تضاف إلى تلك التي تم الحصول عليها منذ تأسيس الشركة. أما السنوات الخمس الأخيرة فقد شهدت قفزة أكبر بكثير، حيث زادت الاختراعات التي تم الحصول عليها والمسجلة لموظفي الشركة بأكثر من 80 براءة اختراع ليتجاوز اليوم عدد الاختراعات الإجمالية المائة وخمس وعشرين. العناية المبكرة بالإبداع وإتماماً للرسالة المهمة التي يحملها برنامج حماية الملكية الفكرية والأفكار الإبداعية في أرامكو السعودية فقد ترافق مع هذا المعرض تنظيم فعالية أخرى في اليوم الثاني احتضن من خلالها مجموعة من براعم الغد من أطفال موظفي الشركة، حيث شارك العديد من الأطفال الذين جاءوا بصحبة ذويهم طوال اليوم تحت مظلة برنامج مخترعي المستقبل، ففتح لهم هذا البرنامج نافذة مضيئة بتعليمهم أساسيات الاختراع والابتكار بطريقة كرتونية محببة للصغار وعبر أفلام كرتونية نمت فيهم ومضات الإبداع عبر احتضان أفكارهم الفتية، فكان يوماً حافلاً بكل ما هو علمي وممتع للطفل وذويه . 135 طفلاً مخترعاً كما ركز المعرض على إشراك العديد من المتطوعين والمتطوعات المحبين للإبداع في مساعدة الأطفال على استنهاض ملكاتهم عبر ركن سمي بركن التفكير الإبداعي، تعرض فيه أفكار مبسطة للاختراعات المشاهدة في الحياة اليومية، ونماذج ورسوم لتوسيع مدارك الطفل وفتح أبواب التفكير الخلاق وبسط أفق خياله. حتى تولد لديه الفكرة بين تحديد المشكلة وتحديد الهدف، لينتقل بعدها الطفل إلى ركن آخر يختص بالأبحاث، يطلع خلالها على الأفكار المشابهة التي تساعده في تشكيل فكرته وتقريبها إلى التصور وبلورتها. وفي خيمة بجانب المعرض أشبه بالورشة الفنية يبدأ الطفل بمساعدة الأخصائيين والمتطوعين بتصميم فكرته بدءاً من رسمها حتى بنائها، باستخدام مجموعة من المعدات والأدوات المناسبة للطفل لعمل النماذج الهندسية المتطورة لفكرته. وفي المرحلة ما قبل الأخيرة يحمل الطفل فكرته إلى ركن التقييم حتى تتم دراستها وتصويبها، ومن ثم يحصل على رقم توثيقي لها وأخيراً يتم الإعلان عنها ويكرم عليها بالهدايا والجوائز أمام ذويه والحضور وجميع الأطفال الحاضرين. وفي هذا الإطار تم منح 135 بطاقة مخترع لأطفال وشباب تراوحت أعمارهم ما بين 3 و17 سنة لاختراعاتهم التي قدموها للجنة التحكيم بعد مرورهم بخطوات وأساسيات الاختراع وتقديمهم أفكاراً ابتكارية من تصميمهم. التسويق التجاري للاختراعات يشار إلى أن المعرض قد اختتم فعالياته بعرض 8 قصص نجاح لتسويق بعض هذه الاختراعات عبر تكوين علاقات شراكات إستراتيجية مع منشآت وشركات سعودية وعالمية، وترخيص اختراعات أرامكو السعودية لهم بغرض إنتاجها في المملكة وتسويقها محلياً وعالمياً، والتركيز على خلق فرص عمل للشباب والكفاءات السعودية.