تذكرت هذا المثلَ العربيَ الشهيرَ وأنا أهمُّ بكتابة خاطرتي لهذا الأسبوع عن ما تطالعنا به بعض المقاطع المتداولة هذه الأيام ونحن نعيش مع أبنائنا وبناتنا فترة الاختبارات الفصلية، حول ما يقدمه المعلمون للطلاب من مأكل ومشرب خلال أدائهم الامتحانات. فمن البديهي ومن المسلم به أن العملية التربوية وبذل العوامل المساعدة في تكوين شخصية الطالب تسير جنبا إلى جنب وبخطٍ متوازٍ مع العملية التعليمية، على اعتبار أن أبناءنا وفلذات أكبادنا لا يزالون في مراحل التلقي والتأثر بما يقال لهم أو يُعمل من أجلهم. ولهذا نجد أن كل الأمم تعمل على مر العصور على تهيئة وإعداد الناشئة ليصبحوا رجالا يواجهون المستقبل بعدما يؤول الأمر إليهم وبعدما يتسلَّمون الراية من آبائهم لمواصلة المسيرة في النهوض بأوطانهم ومواكبة ما يوضع من خططٍ لتحقيق تطلعات تلك الأوطان والتي يأتي في طليعتها إيجاد مخرجات نافعة للفرد والمجتمع كي تتحمَّل تلك المخرجات أعباء ومتطلبات تنمية مجتمعاتها وازدهارها، ولا شك أن من متممات إعداد تلك الأجيال هو أن يكون عدة المستقبل رجالا أشداء يستطيعون التكيُّف مع تقلبات الزمن وليذودوا عن حياض الوطن إذا ألمَّ به ما قد يسيء لأمنه واستقراره من أي عدو خارجي سواء كانت أهداف ذلك العدو أطماعاً عسكرية أو فكرية أو اقتصادية. ومع تقديري البالغ لنبل المقصد وسلامة الهدف لما شاهدناه من بعض المقاطع المتداولة هذه الأيام وما يقوم به بعض المعلمين من تقديم الأطعمة والمشروبات الساخنة بل وصل الأمر إلى أن يأتي المعلم بمبخرةِ الطِّيب إلى الطالب وهو على مقعده أو يضع قطعة الحلوى في فمه فإني أجزم بأننا بهذه الطريقة ومن حيث لا نشعر نسهم في إفساد مخرجات التعليم المأمولة ونبالغ مبالغة لا مبرر لها. وأطالب بأن يعاد النظر في مثل هذه الممارسات البعيدة كل البعد عن العملية التعليمية والتربوية الناجعة، وهذا لا يعني أني أطالب بالقسوة والفظاظة -حاشا لله- ولكن الوسطية والاعتدال في كل الأمور مطلبٌ وغاية حثَّنا عليها ديننا الحنيف ونتطلَّع لها جميعا، والله من وراء القصد وبلوغ المراد.