يودع المسلمون شهر رمضان المبارك، بعد أن صاموا نهاره، وقاموا ما تيسر من ليله، وأقبلوا على تلاوة كتاب الله، ولازموا فعل الخيرات، وعمل الصالحات قال تعالى: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا». إنه إن ودع المسلمون أيام هذا الشهر الكريم، فينبغي ألا يودعوا ما أودعوا فيه من الأعمال الصالحة؛ وذلك يكون باستشعار آثار الصيام على الفرد وعلى الأمة. فالتقوى! تلكم الكلمة الجامعة التي ختم الله بها آية الأمر بالصيام، يجب ألا يغفل عنها بعد انقضاء شهر الصيام، وأن تبقى شعارا لأعمال الأفراد والأمم، إن ما يعطيه الصيام من دروس في الصبر والتضحية والوحدة والمواساة، والتضامن والإخاء والألفة والمودة، والعطف وغيرها، يجب أن يستمر عليها المسلمون، وأن ترى متمثلة في حياة الأمة الإسلامية، وما تدنى واقع الأمة إلا لما جعلت للطاعة وقتا وللمعصية أوقاتا، وللخير والفضيلة زمنا، وللشر والرذيلة أزمانا، عند ذاك -يا عباد الله- لم تعمل مناسبات الخير ومواسم الرحمة والبر عملها في قلوب الناس، ولم تجد في حل مشكلات الأمة، والإصلاح من حالها، والرفع من مستواها.