ونحن في أفضل ليالي العام العشر المباركة، عشر التجليات والنفحات، وإقالة العثرات، واستجابة الدعوات، وعتق الرقاب الموبقات، إنها بساتين الجنان قد تزينت، إنها نفحات الرحمن قد تنزلت، فحري بالغافل أن يعاجل، وجدير بالمقصر أن يشمر. وإنها لنعمة كبرى أن تفضل الله علينا ومد في أعمارنا حتى بلغنا هذه العشر المباركة، وإن من تمام شكر هذه النعمة أن نغتنمها بالأعمال الصالحة، فهل نحن فاعلون؟. لقد كان عليه الصلاة والسلام يعتكف في هذه العشر لينقطع عن الدنيا ومشاغلها ويتفرغ لطلب ليلة القدر، ومن بعده عليه الصلاة والسلام سارت قوافل الصالحين المقربين على الطريق ذاته تقف عند العشر وقفة جد وصرامة تمتص من رحيقها وتنهل من معينها وترتوي من فيض عطاءاتها، وتعمل فيها ما لا تعمل في غيرها، هكذا كانوا تعظيما لهذه العشر، وهكذا كانوا اجتهادا في العبادة وانقطاعا لها في هذه الليالي المباركات.