مع بداية شهر فبراير عام 2012م صدمت واشنطن مرتين في الشرق الأوسط، الأولى الفيتو الروسي الصيني حول صدور مشروع قرار الأمن الدولي بشأن سورية الذي دعمته الولاياتالمتحدة، والثاني اتهام 19 أمريكيا في مصر بسبب منظمات موالية للديمقراطية تدعمها الولاياتالمتحدة بالمال. فهاتان القضيتان تشكلان تحديا كبيرا للمصالح الأمريكية لكن الرئيس الأمريكي أوباما أجرى عليها ردا يقول : «إن تكلفة سوء السلوك ستكون قليلة فإذا كانت اللاأخلاقية السياسية تنطبق على السلوك الصيني والروسي لأنهما لم ينتصرا للشعب السوري الذي تقتله السلطة فإنه لا ينطبق على ما حدث في مصر». لقد كان لسابقة ليبيا أثر في الموقف الروسي والصيني لأن القرار السابق سبب الكثير من الدمار والقتل، كما أنه أفقد روسيا والصين سوقا للسلاح والطاقة وخفف بالتالي الصداع الذي كان يؤرق أمريكا والغرب. لكن القرار حول سورية كان قرار سلام تقدمت به الجامعة العربية، وينص على تغيير القادة وتعديل النظام لأنه دعا بشار الأسد إلى الاستقالة، ولم ينص على تدخل عسكري ، أما الموقفان حيال ليبيا وسورية فقد كانا مسوغين من قبل نظام مجلس الأمن الذي يقضي بمنع كارثة إنسانية أن تقع. فهل قصدت الولاياتالمتحدة أن تسقط روسيا والصين في فخ الفيتو فتخسران الشعب السوري والشعوب العربية على المدى الطويل، لأنها تعلم أن الأسد راحل لا محالة؟ وهل أدركت روسيا أنها وقعت في الفخ فحاولت أن تتخلص منه بدعوة المعارضة في موسكو للحوار مع السلطة السورية؟ لقد كان موقف روسيا حرجا للغاية فقد كانت روسيا داعمة للثوار طوال القرن الماضي فما بالها اليوم تقف ضد الثورات وضد الشعوب؟ إن أمام روسيا فرصة ذهبية هي أن توظف تأييدها للنظام السوري، وتجري حوارا بين الفرقاء وتوقف سفك الدماء على التراب السوري، عندها تكون قد قامت بخطة مضادة للولايات المتحدةالأمريكية، ورسخت أقدامها على شواطئ طرطوس وضمنت بذلك سوق السلاح. • رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية