عادت حوادث المبيدات الحشرية إلى الظهور في جدة أمس، إثر وفاة طفلة وإصابة ثلاثة من أسرتها وعاملة منزلية جراء تسرب رائحة مبيد حشري من إحدى الشقق المجاورة الأربعاء الماضي، إذ نقلوا إلى المركز الطبي الدولي حتى وقعت الفاجعة. وتلقت الأجهزة المعنية بلاغا يؤكد وقوع حالة وفاة في أحد المستشفيات الخاصة، وأربع إصابات جراء التسمم بعد استنشاق مبيد حشري بالخطأ، إذ توفيت الطفلة رازان التي لا يتجاوز عمرها سنتين ونصف السنة، بينما أصيب شقيقها ريان ووالداها وخادمة المنزل. وبين مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي أن أجهزة الدفاع المدني تلقت بلاغا بوصول خمسة مصابين إلى أحد المراكز العلاجية الخاصة، وتم على إثره تحريك فريق التدخل في الحوادث الكيمائية بهدف تطهير الموقع بالكامل واستخدام الشفاطات لإخراج الهواء. وحذر مدير الدفاع المدني في جدة من أن المبيد الحشري الذي تم استخدامه في المنزل يستخدم عادة في المزارع، ويؤدي استنشاقه إلى حدوث أعراض عديدة. من جهتها، أوضحت إدارة مستشفى المركز الطبي الدولي في جدة أن قسم الطوارئ في المركز استقبل الأربعاء الماضي، الطفل ريان (أربع سنوات) وأخته رازان (سنتان) في صحبة والدهما مروان معوض الحربي، وكان الطفلان شبه واعيين ويعانيان من أعراض متشابهة (إعياء شديد، غثيان، دوار، هبوط حاد في الضغط، وضيق في التنفس)، وبعد الفحص السريري المبدئي والتحاليل المخبرية تم الاشتباه بالتسمم بالمبيدات الحشرية المحتوية على مادة فوسفيد الألمنيوم المحظورة. وأكد المركز الطبي الدولي أن الفريق الطبي أبلغ غرفة طوارئ جدة ومركز السموم بالحالة، وتم التنسيق مع كل من مديرية الشؤون الصحية وإدارة الطب الوقائي في المحافظة، للوقوف على حيثيات وتطور الحالة، إضافة إلى إخلاء دورية مشتركة من الشرطة والدفاع المدني المبنى، والتأكد من سلامة الجيران. وأفاد المركز في بيانه الصحافي أن الفريق المكون من استشاريي الطوارئ، العناية المركزة للأطفال، واستشاريي التخدير تابعوا الحالة بدءا من قسم الطوارئ، حيث تم إعطاء الطفلين المحاليل المغذية والأدوية المنشطة للقلب والأكسجين لدعم الجهاز التنفسي، واستكمال الفحوصات المخبرية وصور الأشعة، تم بعدها نقلهما إلى قسم العناية المركزة لاستكمال تقديم الرعاية لهما. وأضاف المركز «في هذه الفترة طلب استشاريو الطوارئ جميع سكان المنزل التأكد من سلامتهم، فحضرت والدة الطفلين والخادمة لدى العائلة اللتان بدأتا تعانيان من أعراض التسمم ذاتها من غثيان وإعياء وهبوط عام، فتم تنويم الوالدة بعد استكمال الفحوصات الطبية وإعطاؤهما العلاجات اللازمة، وبعد ست ساعات تقريبا ظهرت أعراض الإعياء على والد الطفلين فتم تقديم العلاجات الاحترازية له وتنويمه أيضا تحت الملاحظة الطبية». بدوره، قال مروان الحربي إنه اشتم رائحة غريبة تصدر من شقة جاره التي تقابل مسكنه ليقوم بالاتصال عليه والاستفسار عما إذا قام برش نوع من المبيدات ليؤكد له ذلك، وأنه سافر إلى محافظة الطائف، عندها تيقن بإصابته وأسرته بتسمم. وأضاف «عند اشتمام المادة ظهر يوم الثلاثاء توقع أنها صادرة من مطبخ إحدى الشقق كونها تشابه الطبخ في رائحتها، لكن بعد ساعات من بقاء أسرته داخل تلك الرائحة تيقن من الإصابة بالمبيد، لذا انتقل إلى المستشفى على الفور لتظهر على زوجته آثار التسمم، ومن ثم أصبت أنا، والحمد الله على كل حال فقدت ابنتي رازان، وادعو الله أن يشفي لي ابني ريان وزوجتي ولكل حادث حديث عقب ذلك». ورغم جهود الفريق الطبي إلا أن كمية الغازات التي استنشقتها رازان وصغر سنها، أدى إلى تدهور حالتها بسرعة، فتم وضعها على أجهزة التنفس الصناعي وتنشيط عضلة قلبها بالأدوية، بيد أن حالتها استمرت في التدهور، ولم يستطع قلبها تحمل هذه النسبة الكبيرة من السم ما أدى إلى هبوط حاد في وظائف القلب والأعضاء الحيوية، وهبوط حاد في الدورة الدموية مما أدى إلى وفاتها صباح السبت الماضي. بينما يظل شقيقها ريان الذي كانت حالته خطيرة وبذل الفريق الطبي جهودا مضنية لتجاوز ال 72 ساعة الأولى، منوما في المركز، وحالته مستقرة حاليا، وتحت الملاحظة الطبية بعد خروجه من العناية المركزة، بينما تم تعافي كل من والد ووالدة الطفلين وخرجا بعد التأكد من سلامتهما.