استعادت أعمال الفنان التشكيلي عبدالرحمن المغربي ذاكرة الزمان والمكان بمساحات فنية وجداريات علق عليها بعدا تأثيريا لونيا وخطيا مضيفا إليها النقوش الحجرية ليستعيد معها تاريخ وحضارة الحارات القديمة في جدة وبعض أجزاء من تراث المملكة المترامية الأطراف كنموذج قدمه في كثير من أعماله ليسهم في المحافظة على تاريخ وحضارة المملكة ليبرهن على سمو رسالة الفن. امتازت أعماله الفنية باستلهام الموروث الفني الشعبي السعودي ومعالجته بتجريدية مستقاه من حضارة المملكة القديمة مطعما جدارياته بالحرف العربي كوسيلة للتعبير عن دواخله وذكريات الماضي وشخبطات الجدران التي تميز بها الأطفال في فترة عمرية معينة. والفن لدى المغربي يسجل موقف تأمل فإدراك فمعرفة، ويمكن لهذا الاتجاه لدى الفنان أن يتعرف على حقائق روحية بشكل جديد لمفهوم التأصيل التراثي للحضارات. حاول المغربي أن يتميز عن أقرانه في جميع أعماله بإعطاء المتلقي أحساسا بأن لوحته تحمل بعدا ثالثا بين التأميلية والرؤية التاريخية للتعبير اللا شعوري عن أحافير المدينة والقرية القديمة. وبرؤية أكاديمية ترى أن الشعور الإنساني عند المغربي لا يكفي للتعبير عن حقيقة الوجود المكاني والزماني معا، إلا أنه استطاع من خلال إيحاءاته اللونية للمتلقي بتذكر عبق التاريخ القديم في المحفورات والرموز التي شكلها في أعماله بكل حرفية وليوحد خلفيات أعماله معبرا عن ذكرياته وإقحام عالم الطفولة على اللوحة، لينطلق إلى عالم المشاهدة التشكيلية برؤيا فنان استطاع أن يوظف دراسته للفنون بمحاكاته لأعماله في قالب فني لم يتجاوز حدود النص التشكيلي. وبما أن ممارسة الرمز في الفن التشكيلي هي وسيلة لغوية بحتة فإن المغربي جعل لوحاته مناخا جيدا زاخرا بإمكانيات رمزية وزخرفية معا، وهو ما يضفي على أعماله بعدا جديدا قد يتبعه الكثيرون ممن يعشقون تناول الأعمال التراثية، ولا سيما تلك المقترنة بحضارة الأمم.