يعتبر الفنان والنحات الأردني حازم الزعبي أول فنان محلي عاد بفنه إلى 6700 قبل الميلاد ليعيد الاعتبار إلى تماثيل «عين غزال» التاريخية، وهي عبارة عن رأسين في جسد واحد. وقد استلهم مفرداته الفنية والابداعية من الكتابات القديمة في الصحراء الأردنية والعربية. ودفعه بحثه وإبداعه الفني إلى إطلاق مشروع عام 2000 لصنع نماذج لتمثال «عين غزال» بأحجام ومواد مختلفة، طوره في ما بعد إلى أعمال برونزية ونحت فخاري. وثمة أفكار كثيرة وراء إعادة إحياء تمثال «عين غزال»، أهمها كما يقول الزعبي: «بساطة هذه الأعمال وبعدها الاجتماعي. باعتقادي أن هناك بُعداً عقائدياً إنسانياً، وهذا ما أعجبني وجعلني أتبنى القيام بها، وأشعرني بنوع من الانتماء حيالها». تتخذ أعمال الزعبي في غالبيتها شكلاً ومضموناً مختلفين، فصار له هويته الخاصة معتمداً على مفردات ومرجعيات تاريخية في أسلوب فني معاصر يجمع بين الماضي والحاضر. وهو يأتي بأشكال ورموز تجد لها مساحة في جدارياته، كما يقول. «العمل الجداري عندي أخذ منحى تاريخياً ومرجعية المكان التي تمتد من الصحراء الأردنية من أم الجمال والأزرق ووادي رم، وصولاً إلى الدلالات الصحراوية الممتدة في صحراء ليبيا وصحراء المملكة العربية السعودية. مساحة عقلي بدأت في الصحراء، وصرت أرى مدى الرؤية أكبر من المدى العادي المتعارف عليه، وهو مدى الرؤية العقائدية والشفافية، مع الذاتي والإنساني». تقنية العمل الفني لدى الفنان الأردني أتت من الدلالات الصحراوية المحفورة على الصخر والتي تأكسدت بفعل الزمن: «أخذت منها التقنية في الطبيعة إلى عملي الفني في الخزف». تميزت أعمال الزعبي بين المربع وكشط الرموز على مادة الخزف. جمع رموزاً عدّة من الخط العربي للخطوط القديمة (الآرامية والسبئية، والكنعانية والآرامية المسمارية، والثامودية)، فالخط السبئي له تشكيل خاص به، فكوّن من خلاله مضامين جمالية. والنص لديه جمال خاص من خلال الخط السبئي، إذ يدخل عليه مضامين نصية سواء كانت دلالات صحراوية أو خطوطاً سبئية أو عربية. ويضيف: «كل تلك الثقافات الصحراوية جعلتني أحافظ على بصمة واضحة في العمل ضمن مؤثرات العولمة والحداثة». العمل الجداري بأحجام مختلفة بات ذا ميزة حين يشكله الزعبي الذي يوضح: «تعاملت مع العمل الجداري كأنه عمل نحتي من خلال إضافة عناصر إليه من أبعاد عدة. لذلك استمر من الجداري إلى النحتي لتكتمل المفردات في العمل الجداري». الفن لدى النحات الأردني عالم قائم بذاته يضم كل ما يفهمه ويحتاجه ويريده. «لو كنت أجيد الرقص لرقصت بطريقة مختلفة عن كل أنواع الرقص، الفن هو الحياة، وهذه كلها أدوات تعبير عني لأني كفنان أجيد هذه المهنة. حبي للطين هو أداة تعبيري. الطين مادة لكن المهم تشكيلها، وأعشق الطين الذي أصنعه بيدي، وهو طين بيئتي. كل التماثيل التي أشتغلتها من طين صنعته بنفسي». وفي الغاليري والمحترف الخاص به في حدائق الحسين يعمل الزعبي ساعات طويلة لإنجاز أعماله النحتية الطينية، ويكرس وقته وجهده في هذه الفترة لإنجاز مشروع الكاماسوترا (فن الحب). ويختم أن تعامله مع فنون مجتمعية مثل النحت والرسم والحفر والزخرفة والخط، يهدف إلى صَوغ خطاب جديد يستند إلى الإرث الحضاري القديم ورؤية معاصرة لإعادة البناء وإيجاد التوازن، خصوصاً أن «عالمنا مليء بالأدوات والأساليب للتعبير عن مضمون الفن والإنسانية».