سنة الحياة أننا نكبر ونتغير، نتغير في مظهرنا وفي قوتنا وفي أفكارنا، لاشيء ثابت فينا، هكذا شاء الله لحياتنا أن تكون، ورغم معرفتنا لهذه الحقيقة، وإدراكنا العقلي لها نظل نصدم متى رأينا للمرة الأولى شعرة بيضاء تضيء المفرق، أو خطا باهتا ينذر بتجيعدة قادمة على الطريق، ففي تلك اللحظات نشعر أن الزمن يجري وأنه يركض بنا نحو نهاية لم نطعم بداية لها بعد. وإذا كان الناس العاديون لا يحسنون التعبير عن صدمتهم تلك، ولا يعرفون كيف يخرجون زفراتهم المكتئبة لذبول زهرة العمر متى أقبل الخريف، فإن الشعراء ليسوا كذلك، الشعراء لا يتركون صغيرة ولا كبيرة مدفونة في أعماقهم، هم غالبا يبسطون مختلف المشاعر أمام الناس، فيتلقاها الناس عنهم بامتنان دفين أن قالوا بدلا منهم ما لم يستطيعوا هم البوح به. بين يدي ثلاثة دواوين: (عشيات الحمى) (شظايا) (الرياض، العشق الأول) للشاعر خالد الخنين تفضل فأهداني إياها منذ أكثر من عام، لكني لم أطلع عليها سوى هذه الأيام، من يقرأ في هذه الدواوين كمن يقرأ سيرة ذاتية للشاعر، تتصفحها فتجدها ملأى بسجل أحداث ومواقف وذكريات، بعضها يمس فقد الأحبة بالموت، وبعضها يتضمن فقد الأحبة بالنأي أو بتغير الظروف، وبعضها يصور الحنين إلى دمشق حيث كان الشاعر يعمل ملحقا ثقافيا هناك، وعاش فيها زمنا كون خلاله علاقات وولدت له صداقات كانت ثمرتها بعض تلك القصائد: ذاب الفؤاد هوى، أم ذاب تحنانا، إني لأقسم لا أنسى الذي كانا ماكان أجمل ماعشناه ياحلما وأجمل الحلم، نبض فيه ذكرانا إني أحن لطيف منك يحملني، إلى الخلود وهذا الخلد وافانا والشاعر في بعض شعره يبدو متأثرا بالشعراء التقليديين الرصينين مثل المتنبي حيث يقول: (الشوق يوجع، والغناء حنين، والبعد يدمي، والبكاء أنين)، ناسجا قصيدته على غرار قصيدة المتنبي التي يقول فيها: (لولا المشقة ساد الناس كلهم، الجود يفقر والإقدام قتال) وله قصيدة أخرى جميلة تبدو فيها معارضة لقصيدة شوقي (سلوا قلبي): مضى فينا قطار العمر حتى، حسبنا ما يمر بنا سرابا وأجمل ما تركت من الأماني، شذا، مارق في قلبي وذابا أعاتب لحظة مرت ببالي وقد فارقت أهلي والصحابا هي الدنيا محطات ارتحال، بكل محطة نلقى رغابا فلا تعتب على ماض تولى، فما يجديك أن تأسى عتابا ومن أجمل قصائد ديوان (الرياض، العشق الأول) قصيدة في رثاء ابنته زبيدة رحمها الله، حيث تبدو مليئة بالشجن والحسرة: كانت، فكان العمر يضحك باسما ومضت، فصار العمر ليل هوان وكأنها، حلم أتانا بغتة ثم انثنى عنا، بلمح ثوان فإذا بنا نار على نار هوت وإذا بنا موج بلا شطآن فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة