بعد اسابيع من المعارك ونحو سنة من حصار خانق، سقطت مدينة القصير قرب حدود لبنان تحت سيطرة قوات النظام السوري و»حزب الله» اللبناني، ما يفتح الطريق امام ربط دمشق بالساحل السوري وانتقال المعارك الى مناطق اخرى في وسط البلاد. وقال رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض المكلف جورج صبرة ان سورية «تتعرض لغزو اجنبي»، متعهداً باستمرار المعركة «حتى تحرير كل البلاد». وأكد رئيس اركان «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس، أن المعارضة «ستنتصر في المعركة»، ملوحاً ببدء استهداف قوات «حزب الله» داخل الأراضي اللبنانية. واعربت مصادر في المعارضة السورية عن استيائها من انباء عن احتفالات نظمها انصار «حزب الله» لمناسبة سقوط القصير. في غضون ذلك، فشل الاجتماع التحضيري الذي عقد في جنيف أمس بين روسياوالولاياتالمتحدة والأمم المتحدة تمهيداً لعقد مؤتمر «جنيف - 2» حول سورية، في الاتفاق على عقد المؤتمر هذا الشهر وعلى تحديد الأطراف التي ستشارك فيه، فيما اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان بلاده «قدمت عناصر ادلة» حول استخدام غاز السارين في سورية «ما يرغم المجتمع الدولي على التحرك»، لكنه استدرك: «لا يمكننا التحرك الا في اطار الشرعية الدولية». وتوقف معارضون وموالون عند تصادف ذكرى «سقوط» القصير مع ذكرى احتلال الجولان السوري من قبل اسرائيل في الخامس من حزيران (يونيو) 1967. وفيما نوهت مواقع الكترونية موالية ب «تحرير» القصير في ذكرى «نكسة حزيران»، حذرت مصادر معارضة من ان انعكاسات ذكرى الخامس من حزيران 2013 ستكون اخطر على سورية والمنطقة والعلاقات السنية - الشيعية. وكتب احدهم النشطاء «سقطت القصير في يوم نكسة العرب. وطالما كان الخامس من حزيران يوماً مشؤوماً لنا ويوم انتصار للعدو». وتعهد صبرة باستمرار المعركة ضد النظام السوري «حتى تحرير كل البلاد»، مشيراً الى ان سورية تتعرض «لغزو اجنبي» وان النظام «لم يعد قادرا على البقاء من دون سلاح اجنبي». وقال في كلمة القاها من اسطنبول ونقلتها شاشات التلفزة الفضائية: «للابطال في الجيش السوري الحر، نقول: هذه جولة صغيرة اثبتم فيها بطولة نادرة، جولة ستتبعها جولات حتى تحرير البلاد، كل البلاد». وكان «الائتلاف» اعلن في بيانه «بعد ملاحم بطولية قدمها أبطال الجيش الحر في الدفاع عن المدنيين، فرض الاختلال الهائل في ميزان القوى نفسه وتمكن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له من التوغل في المدينة والسيطرة على أحياء جديدة فيها». وعرضت قنوات تلفزيونية تابعة للنظام السوري و «حزب الله» لقطات تظهر سيطرة الجيش النظامي على المدينة الاستراتيجية ودخول دبابات ومدرعات إلى وسطها. وقالت مصادر المعارضة إن السيطرة على القصير يفتح الطريق أمام احتمال تقدم الجيش النظامي و «حزب الله» باتجاه الرستن وتلبيسة في ريف حمص إلى ريف حماة في وسط البلاد، وربط دمشق بالمناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية. كما أن ذلك يسد بوابة إمداد أساسية للمعارضة عبر الأراضي اللبنانية. وانتقلت المعارك بعدها الى البويضة الشرقية التي تضم 15 الف شخص وتسيطر عليها المعارضة، حيث يتوقع ان تستمر قوات النظام و»حزب الله» في اقتحاماتها في ريفي حمص وحماه. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن بيان للقيادة العامة للجيش النظامي قوله ان «النصر» الذي تحقق امس «رسالة واضحة إلى جميع الذين يشاركون في العدوان على سورية»، مشيرة إلى أنها «لن تتوانى في ضرب المسلحين أينما كانوا وفي أي شبر على أرض سورية». ونقلت «بي بي سي» عن اللواء إدريس تعهده بمحاربة ميليشيا «حزب الله» داخل لبنان، نافياً أن يكون «الجيش الحر» خسر الحرب. سياسيا، فشلت الولاياتالمتحدةوروسيا والامم المتحدة في اجتماع ضمها في جنيف في الاتفاق على عقد مؤتمر «جنيف-2» هذا الشهر وعلى تحديد الأطراف التي ستشارك فيه. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله إن الاجتماع فشل في حل قضايا متعلقة بمؤتمر السلام المقترح بما في ذلك من سيشارك فيه. وتابع: «أصعب قضية هي دائرة المشاركين في المؤتمر. القضية بأكملها هي أن المعارضة السورية على عكس الحكومة لم تتخذ قراراً جوهرياً بخصوص مشاركتها في المؤتمر». لكن الموفد الدولي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي قال بعد المحادثات إن «النقطة الشائكة الوحيدة هي أن الجانبين السوريين نفسيهما ليسا مستعدين بعد للالتزام بالمؤتمر». وأوضح أنه سيواصل المشاورات «من أجل إيجاد فرصة لعقد المؤتمر في أقرب وقت ممكن ونأمل في أن يتم ذلك في تموز (يوليو)، وسيعقد الأطراف الثلاثة اجتماعاً آخر في 25 الشهر الحالي في جنيف». وشدد على أن بيان جنيف يتضمن «مبدأ مركزياً يتمثل في تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة»، وأوضح أن المؤتمر سيبدأ «باجتماع رفيع المستوى على مدى يومين يشارك فيه الأطراف غير السوريين، إضافة إلى وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين ويتولى الأمين العام افتتاحه، ثم يتفرع إلى مفاوضات مكثفة بين الجانبين السوريين» ويتولى الإبراهيمي دور تسهيل المسار. وانضمت بريطانيا امس الى فرنسا في ترجيح استخدام نظام الأسد اسلحة كيماوية في المواجهات مع مقاتلي المعارضة، في حين اتخذت واشنطن موقفاً متريثاً. وقال ناطق حكومي بريطاني: «حصلنا على عينات فيزيولوجية من سورية جرى فحصها» في انكلترا «واثبتت المواد التي تم الحصول عليها وجود غاز السارين». وأضاف: «وفق تقديراتنا، فإن استخدام الاسلحة الكيماوية في سورية يرجح بقوة ان يكون من فعل النظام»، مشيراً الى ان بريطانيا «ليس لديها حتى الآن دليل على استخدام المعارضة» الاسلحة الكيماوية. لكن الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني قال أن واشنطن تنتظر «جمع المزيد من الأدلة لتأكيد الأدلة الموجودة» حول استخدام السلاح الكيماوي في سورية. وفي القاهرة، وقال الامين العام للجامعة العربية في افتتاح مؤتمر وزراء الخارجية العرب ان «جنيف-2» «فرصة لا يجوز تبديدها»، مضيفا ان «كل يوم يمر له ثمن غال من الدماء والدمار». ودان الوزراء العرب في نهاية اجتماعهم الطارئ أمس القوى الأجنبية المشاركة في القتال السوري من دون توجيه إدانة مباشرة ل»حزب الله». وكان هذا محل خلاف بين كل من قطر والجزائر بينما تمسك لبنان بموقفه من سياسية النأي بالنفس. وجاء القرار الصادر عن الوزراء دمجا بين مشروعي قرار مقترحين من الجزائر وقطر. ودان الوزراء بشدة استمرار أعمال العنف والقتل والجرائم البشعة التي ترتكب في حق الشعب السوري و»كل أشكال التدخل الأجنبي الذي جعل من الأراضي السورية ساحة للعنف والاقتتال حيال التصعيد الخطير للأعمال العسكرية واستخدام الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي في قصف القرى والمدن الآهلة بالسكان وآخرها الأحداث التي شهدتها مدينة القصير وغيرها من المناطق السورية». ورحب الوزراء بالمساعي الدولية المبذولة لعقد « جنيف - 2» وحض كل الأطراف السورية على الاستجابة لتلك الجهود من أجل إيجاد حل سياسي تفاوضي استناداً إلى بيان جنيف وتقرير اللجنة الوزارية العربية المعنية، وتضمن «تشكيل حكومة انتقالية لفترة زمنية محددة متفق عليها تمهيدا لضمان الانتقال السلمي للسلطة» وان «تتمتع الحكومة الانتقالية بسلطة تنفيذية كاملة بما في ذلك سلطة على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية» وان تشكل «خلال فترة زمنية محددة استنادا لتفاهم جميع الأطراف».