لقد تحدثت في المقال السابق عن القصيدة العربية الفصيحة، وحالة الابتعاد والجفاء التي عاشتها - ولا تزال - مع المتلقي العربي الذي تدّعي هذه القصيدة أنها تخاطبه، وتتحدث باسمه في الوقت نفسه الذي تمارس فيه تعاليًا ثقافيًّا حادًّا على هذا المتلقي. وقد ناقشت (...)
الفن بكل أشكاله بما فيها الأدب والشعر هو منتج محلي. يستمد عالميته من محليته، وعموميته من خصوصيته. كلما حاكى ذات المبدع بكل خصوصيتها كلما حاكى الآخر بمصداقية تخترق نفس وروح هذا الآخر بلا إرادة.
لذلك فإن وقود الفنون والآداب هو حياة الناس بكل تفاصيلها (...)
العمل التطوعي الذي يرتكز على تقديم خدمة عملية بلا مقابل مادي، هو عمل قديم قدم البشر. انطلق من حتمية المشاركة بين أفراد ومجموعات المنظومة البشرية الواحدة لمواجهة مشاغل وأعمال الحياة التي كانت بالغة الصعوبة ولا يتم إنجازها إلا من خلال العمل الجماعي (...)
القادم لأي مدينة عربية سيلاحظ بشكل واضح أن المنشآت العامة من شوارع ومعالم ومدارس وغيرها يغلب على تسمياتها وبشكل كبير جدًا الأسماء المستمدة من التاريخ وليس من الحاضر. بالشكل الذي يؤكد بطريقة أو أخرى -كما العديد من المؤشرات الأخرى- بأن مجتمعاتنا (...)
عندما يهمّ أحدنا ببناء بيت العمر فإن جل ما يهتم به هو مجالس الضيوف، وشكل المنزل من الخارج. بقية الغرف والخدمات التي يتعايش معها طول الوقت ليست مهمة بقدر ما سيراه الناس/ الضيوف، وما سيجلسون فيه وإن كان لساعات قليلة في السنة بأكملها. نرغب في أن نبهر (...)
ترتكز المجتمعات البسيطة والمغلقة كالمجتمع القروي أو القبلي في تركيبتها وفي بنائها الاجتماعي والقيمي على التشابه شبه المطلق بين أفرادها. التشابه في طرائق المعيشية والتفكير والرؤى والمزاج واللباس.. الخ.
هذا الشبه يمثل أساس معيشتها، ويمثل الركن الأساس (...)
يختزل الكثير من الناس مفهوم السلطة بالأشكال المباشرة لها. أو بمعنى آخر الأشكال الخشنة للسلطة فقط مثل سلطة المكانة التنظيمية (الإدارية) وسلطة المال وسلطة القوة.. إلخ. متجاهلين السلطات الناعمة، التي هي وإن كانت الأقل ظهور لكنها في الغالب الأكثر (...)
المراقب للمشهد العربي الحالي سيلاحظ بشكل واضح بأن هناك في أوساط الشباب نوعاً من الانغماس الديني على مستوى الأفكار والجدليات وليس على مستوى السلوك الذي قد يكون مناقضا بالكامل لهذه الأفكار. فليس بغريب (على تناقضه) أن تجد شاباً لا يصلي ومتعدد العلاقات (...)
فرحت كما العديد من السعوديين بقرار وزارة التعليم باعتماد تدريس الفلسفة بمناهج التعليم العام، فالفلسفة هي أم العلوم البشرية وأساسها، بدءاً من العلوم الإنسانية وانتهاءً بالعلوم الطبيعية كالرياضيات والفيزياء والهندسة وغيرها. فالفلسفة تساهم وبشكل فاعل (...)
المتابع لما يُطرح من نقاشات وحوارات عامة وخاصة في مجتمعنا يدرك بأن لدينا خللاً ما في ممارسة هذه الحوارات وبشكل ملفت برأيي.. ولعل واحدة من أهم هذ الإشكاليات العامة والمقلقة برأيي هي شخصنة الأفكار ومن ثم الحوارات الفكرية وبشكل يكاد يكون كليًا, فإذا (...)
قد أكون واحداً من الذين يستخدمون مصطلح (آيديولوجيا) كثيراً في أطروحاتهم، وذلك بحكم نوعية ومضامين المواضيع التي عادة ما أتطرق إليها في هذه الأطروحات. والإشكالية التي أقع فيها أنا وغيري ممن يستخدمون مثل هذه المصطلحات التي من الصعب إيجاد مرادف عربي (...)
أشعر بأسى عميق كلما قرأت أو شاهدت مثقفاً كبيراً أو أكاديمياً في العلوم الإنسانية يتحدث بحسرة على تغيّر القيم المجتمعية والروابط الأسرية نحو الاسوأ !!. اتقبّل أن تأتي هذه الحسرة من شخص غير متخصص أو غير مطلع على مبادئ العلوم الاجتماعية والتغيّر (...)
المجتمعات البشرية عادة ما تصنع منظوماتها القيمية والأخلاقية وحيثيات التدرج بالمكانة الاجتماعية لديها بحسب طرائق معيشتها والظروف والتحديات الطبيعية والأمنية والجغرافية المحيطة بها. فالقيم والأخلاقيات ما هي إلا ضوابط معيشية تخلقها الحاجة وتوجدها كنوع (...)
جن ليلي وحادي الليل صاح
يا شقي ابشر بليل شقي
ابشر بليل ما عقبه صباح
كافر طاح بيدينه تقي
ليلة ترمي بكبدك رماح
تختلف بالضلوع وتلتقي
وانثنى الحيل بهمومي وطاح
وكل طاري مسك في مخنقي
يالهواجيس لك صدري مباح
ارعدي بالحنايا وابرقي
ويالشعر دمي الليلة (...)
أؤمن عزيزي القارئ بأن التغير هو أمر كوني، تقتضيه طبيعة الحياة التي خلق الله عليها الأرض، وجبل عليها البشر. وأن هذا التغير في حياة الناس هو أمر سيحدث، سواء رغب هؤلاء البشر كلهم أو جزء منهم أم رفضوا حدوثه. فلولا هذا التغير الإجباري والمتلاحق والدائم (...)
الإنسان بطبيعته البشرية وبفطرته التي جبله الله عليها، هو كائن دائما ما يتخذ الصيغ الدفاعية لا الهجومية في تعاملاته مع كل الظواهر الكبرى في حياته. بمعنى أنه مخلوق غير مقدام وإنما هو مخلوق متحفّظ ومتوجّس يعيش في حالة خوف دائم من كل الأشياء التي يجهلها (...)
كلنا نرى أننا الأفضل والأمثل، وأننا نعيش بقيم معيشية وأخلاقية بالغة الجمال والمثالية، وأن الآخرين في الجانب المقابل المختلف عنا والمناهض لنا سواء كانوا من أبنائنا في الأجيال اللاحقة أو هؤلاء الآخرين الذين يعيشون حياتهم بطريقة مختلفة عنا، هم مجرد (...)
(إن حياتك الخارجية هي انعكاس لما بداخلك، فهناك تطابق مباشر بين الطريقة التي تفكر، وتشعر بها داخليا، وبين طريقة تصرفك وتجاربك خارجيا) … بريان تراسي.
يفترض دائما بأن الإنسان كائن مفكر، وبناء على طريقة تفكيره وما ينتج عن هذا التفكير من رؤى وتصورات (...)
الإنسان العربي سواء كان رجلا أم امرأة يعتقد في قرارة نفسه أنه إنسان اجتماعي جدا، وهذه حقيقة لا أستطيع لا أنا ولا كل المشغولين بعلم الإنسان على كافة رؤاهم ومدارسهم العلمية إنكارها.
فالإنسان العربي هو بالفعل مخلوق بشري اجتماعي يمارس اجتماعيته بشكل (...)
الحب كما الكره، هو شعور إنساني عام يتشارك فيه جميع البشر على كافة تنوعاتهم العرقية والجغرافية والثقافية. فكل كائن بشري يحب ويكره وييأس ويتأمل ويحلم ويحقد، بالشكل الذي يجعل من كل هذه الممارسات البشرية واحدة من الجوانب المتاحة غريزيا التي من خلالها (...)
الإنسان العربي في قرارة نفسه يعتقد كما بقية الفصائل الحيوانية العليا بأنه يعيش حياته اليومية وتفاعلاته مع الآخرين وفي أفكاره وفي تقييمه لذاته وفي مجمل تعاملاته كلها بطريقة مثالية جدا وبشخصية مثالية جدا أيضا. هذه الرؤية في طريقة ممارسة الحياة اليومية (...)
لقد حاولت في حديثي السابق التقديم والتحضير لنقاش يتمحور حول شخصيتنا العربية تحديداً. شخصيتنا نحن بطريقة تفكيرها ورؤيتها للأمور، وفي تعاطيها مع المواقف اليومية المعيشة، وفي ممارساتها الحياتية اليومية وفي ردود أفعالها أمام المواقف والأفكار وكيفية (...)
الأقسى في الحياة ليس ألمها المجرّد، الذي يأتي مباشرا وحاسما وصريحاً. ليس في تلك العقبات والظروف المادية القسرية التي تقف في وجوهنا في كل مراحل حياتنا، أيا كانت هذا العقبات ومدى تأثيرها على سبل وطرائق عيشنا المادية على هذه الأرض. الأقسى برأيي هو ذلك (...)
ذكرت في مقالي السابق أن القدرة على التعايش في ظل وجود اختلاف مع الآخر ما هو في مجمله سوى نوع من الثقافة التي تختلف نسبتها من مجتمع إلى مجتمع آخر.
مجتمعنا العربي لايزال يرزح تحت ثقافة وموروث لا يحترم الاختلاف وبالتالي لا يستطيع التعايش من خلاله، (...)