عندما نتطرق إلى المناهج القائمة على الموضوعات نحن لا نقصد هنا فلسفة ومفهوم منهج المواد الدراسية المنفصلة التي كان يُقسم فيها المحتوى إلى مواد دراسية منفصلة، بل نقصد بها موضوعات دراسية مخصصة تُقدم كجانب إثرائي تكميلي للطلاب. فهي ليست دعوة للعودة للمنهج القديم أو للفلسفة التقليدية القائمة على فصل الموضوعات الدراسية التي تهمل الفروق الفردية بين الطلاب وميولهم وحاجاتهم وقدراتهم المختلفة؛ بل هي نظرة تخطيطية لتبني وربط احتياجات الطلاب بالمناهج الدراسية الحالية، وتكييف الموضوعات بما يوافق ميول واحتياجات كل طالب، وتوفير المواقف التعليمية التي تنميها، وتكوين الاتجاهات فيها، وتهيئة الخبرات التي تساعده على اكتشاف رغباته. إن "النظرة الحديثة للمناهج القائمة على الموضوعات" هي التي تساهم في الفهم الكامل لكل طالب وفقاً لخصائصه الفريدة والمبنية على ميوله واهتماماته واحتياجاته، والتي يمكن تنفيذها في الخطة التربوية الفردية (IEP) المطبقة في ميدان تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يحلل فيه أداء الطالب ومستواه واحتياجاته ومتطلباته بحيث تُكسبه التأهيل اللازم طيلة سنوات دراسته لتمكينه من الالتحاق لاحقاً في سوق العمل. وتركز الرؤية التخطيطية الحالية على تصميم موضوعات مخصصة يتعلمها الطالب – إلى جانب مقررات المنهج المدرسي- تثري اهتماماته ورغباته في التعلم، وتعمل على توسيع مجالات المعرفة لديه، وفي هذا النمط من التعلم لا يستلزم نمط توجيهي محدد في هذا التصميم ، بل تدرج ضمن الخطط الفردية بشكل إثرائي. إن التدريس للمحتوى التخصصي في المناهج الحالية والتطوير الكبير الذي شهده مجال المناهج الدراسية هو الثراء المعرفي والمهاري للطلاب في محتوى هذه المقررات التخصصية؛ إلا أن هذا الثراء بحد ذاته غير كاف مع الطلاب ذوي الإعاقة فهم بحاجة إلى بناء خطته الفردية لتعزيز المهارات الناعمة، ولاكسابهم كافة المعارف والمهارات اللازمة بما يرتبط مع ميولهم واهتماماتهم الفردية وهواياتهم ورغباتهم، وإيلائها الأولوية أحياناً في مجال التعلم، والتي ستعدهم لمهارات الحياة، وللالتحاق بسوق العمل، وتحسين ظروف حياتهم المعيشية. إن بناء الخطط التربوية الفردية بفلسفة المناهج القائمة على الموضوعات، هي خطة تجمع بين العديد من التخصصات (المبنية على التنوع في المجالات المختلفة وربطها بالاهتمامات الفردية) التي تُساهم في اكساب الطلاب ذوي الإعاقة المعارف حول مجموعة من الموضوعات المرتبطة بتطلعاته الفردية. إن هذا النهج السابق يؤكد على التفرد وإيلائه الأولوية في جميع مجالات التعلم، كما انه سيدعم اكسابهم "التعلم الجديد" بشكل إثرائي مُصاحب وبالتركيز على حريتهم وتفكيرهم المستقل وامكاناتهم التعليمية، إضافة إلى ما يقدم لهم في المناهج الدراسية الحالية، فيكون التعليم والتعلم برؤية واسعة المعرفة، وبمرونة تعليمية أكبر، ودمج أكبر لما بين التخصصات، وتوسيع نطاق التعلم كما أشارت لها لجنة مستقبل التعليم في تقريرها" وضع تصورات جديدة لمستقبلنا معاً: عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم (2021) والمنشور من قبل(مكتب التربية الدولي لليونسكو ، 2024: 56). واستجابة للتطلعات المستقبلية والتوجهات الحالية نحو الاستثمار من مُكتسبات الذكاء الاصطناعي (AI) علينا أن نُكسب طلابنا من ذوي الإعاقة في "المناهج القائمة على الموضوعات بصورتها المستقبلية" تعزيز الوعي وتثقيفهم وتنمية مهاراتهم وإثراء خبراتهم، بما يمكنهم من الاستفادة الحقيقية لكل ما هو موجود من محتوى في أنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي مع مراعاة أخلاقيات الاستخدام، وتعزيز الوعي الكافي بهذا التعامل لضمان الفهم الكامل للموضوعات المطروحة فيه. د.أروى علي أخضر متخصصة في تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الاعاقة