ازدادت مؤخراً وتيرة شكوى كثير من المواطنين من تأخّر المواعيد في المستشفيات الحكومية، ما أدَّى إلى تفاقم الحالات المرضية لكثير من المراجعين، إلى جانب شعورهم بالضيق والتذمّر نتيجة ما يعانونه من أمراض وحالات صحية حرجة في كثير من الأحيان، في ظل انتظار هذه المواعيد التي قد تصل لعام كامل من أجل الحصول على نتيجة أشعة أو مقابلة طبيب متخصص، وأكَّد عدد من المراجعين أنّهم يعانون طول انتظار المواعيد، في ظل تزاحم المرضى على هذه المستشفيات للمراجعة والكشف والحصول على العلاج، إلى جانب النقص الكبير في أعداد الأسرَّة، ما أثّر سلباً في تلقيهم العلاج المناسب والحصول على الخدمة الطبية المطلوبة، لافتين إلى أنَّ قوائم الانتظار تشمل عددا من التخصصات، خصوصاً العمليات الجراحية وإجراء الأشعة اللازمة. تأخّر المواعيد --------------- وقالت هنادي فهد: "أضطر في كثير من الأحيان نتيجة الزحام ومواعيد الانتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية إلى مراجعة المستشفيات الخاصة، خصوصاً أنَّ المواعيد قد تصل الى عدة أشهر، كما أنَّ إجراء الأشعة والتحاليل الطبية يتطلَّب أيضاً مدة طويلة قد تصل إلى أسابيع في وقت تكون فيه الحالة بحاجة ماسة لفحص سريع وإعطاء العلاج المناسب". وأيدتها الرأي دلال السناني، مُضيفةً أنَّ من أهم الأسباب التي تدعو المرضى إلى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة تأخّر المواعيد التي يتم فرضها عليهم من قبل عدد من المستشفيات الحكومية، مُشيرةً إلى أنَّها قد تصل إلى عدّة أشهر، مُبيّنةً أنَّ الحال يزداد سوءاً في حال حاجة المريض لإجراء عملية جراحية، وهو ما يؤدي إلى تدهور حالته الصحية. وأضافت أنَّ أهل المريض لا يكون أمامهم في هذه الحالة سوى اللجوء الى المستشفيات الخاصة لإنقاذه، على الرغم من المبالغ المالية الكبيرة التي قد يضطرون لدفعها. أقسام الطوارئ ------------------ وأشارت أميرة المطيري إلى أنَّ الكثافة السكانية التي يشهدها عدد من المدن في المملكة زادت من الضغط على المستشفيات الحكومية بشكلٍ كبير، ما زاد أعداد المرضى على قوائم الانتظار، وهو ما أصبح يشكل ظاهرة واضحة للعيان، مُضيفةً أنَّ الأمر ينطبق أيضاً على أقسام الطوارئ في بعض المستشفيات الحكومية. أسعار مناسبة ----------------- وبيَّنت وجدان السهلي أنَّها تُفضِّل مراجعة المستشفيات الخاصة لعدد من الأسباب، ومن أهمها عدم تأخير المواعيد وسرعة الإنجاز والعناية والاهتمام الذي يحصل عليه المرضى، وذلك في بيئة صحية مريحة وتشخيص دقيق وعلاج مناسب، مُضيقةً أنَّ الأسعار الحالية في هذه المستشفيات تُعدُّ مناسبة جداً مقابل الخدمة الجيدة. مستشفيات خاصة ----------------------- وأوضحت جميلة الغامدي أنَّ هناك عددا من الجوانب الإيجابية والسلبية في كلٍّ من المستشفيات الحكومية والخاصة، مُضيفةً أنَّه من المناسب في حال كانت الحالة الصحية للمريض تتطلَّب التدخّل السريع أو كان المريض بحاجة للتدخّل الجراحي أن يراجع المستشفيات الحكومية؛ نظراً لوجود كادر من المتخصصين ولوجود غرف عمليات مُجهزة، أمَّا الحالات البسيطة التي تستوجب إجراءات غير معقدة، فالأفضل أن يتم العلاج في المستشفيات الخاصة. توزيع المستشفيات ----------------------- وأكَّدت د. موضي مطني الشمري - أستاذ مشارك في قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود- أنَّ ازدياد أعداد المرضى المراجعين بشكل مستمر، هو نتيجةً لزيادة أعداد المواليد أو ارتفاع معدل الأعمار، ما ساهم في الضغط على المستشفيات، في حين قد لا يواكب ذلك سد النقص في توزيع المستشفيات على المناطق والمدن في المملكة بشكل كافٍ، إلى جانب عدم تفعيل الرعاية الصحية الأولية بشكل جيد بما يحقق للمريض احتياجاته من العلاج. وأضافت أنَّه يُضاف إلى ذلك النقص في الكوادر الطبية مقابل هذه الأعداد المتزايدة من المراجعين؛ مَّا يزيد من إشكالية المواعيد الطويلة للمرضى، لافتةً إلى أنَّ هذا التأخير للمواعيد قد يصل إلى شهور أو ربَّما عام كامل، الأمر الذي قد يدفع العديد من المرضى القادرين على دفع تكاليف الرعاية الصحية للجوء إلى المستشفيات الخاصة، أمَّا من لا يستطيع دفع تكاليف العلاج، فإنَّه سيواجه إمَّا الصراع مع مرضه وإما أن يتفاقم مرضه. كوادر مؤهلة -------------- ولفتت إلى أنَّ المريض قد ينتقل إلى الإسعاف أو التنويم في المستشفى لفترة مهما قصرت أو طالت مدتها مسبباً ضغطاً آخر على أسرَّة المستشفيات والخدمات المقدمة له من رعاية وعلاج قد تعيق الإفادة منها لمرضى آخرين هم بأمس الحاجة لها، وبالتالي يصبح حل مشكلة الرعاية الصحية للمواطنين تدور في حلقة مفرغه من التدني الصحي للمرضى، مع ما يواجهونه من مواعيد طويلة، مُشدِّدةً على أهمية الحد من تفاقم هذه المشكلة بشكل إيجابي وسريع. وبيَّنت أنَّ ذلك يحدث وحكومتنا الرشيدة تنفق بسخاء على هذه المؤسسات الصحية من أجل الارتقاء بالرعاية الصحية ورفع المستوى الصحي للمواطنين، علاوةً على ما تميزت به مستشفياتنا من كوادر طبية مؤهلة وما يحملونه من طموح في تطبيق أفضل المعايير الطبية العالمية عندما يتاح لهم مجال فرص التطوير والتدريب في المستشفيات العالمية، مُوضحةً أنَّ هذا يعنى أنَّ هناك خللا ما قد يكون إدارياً يحتاج إلى التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه والرقابة. تخطيط سليم ----------------- وشدَّدت على أهمية وجود تنسيق وتكامل لتحقيق أهداف المؤسسة الصحية في تقديم الرعاية الصحية للمرضى من دون الحاجة إلى المواعيد الطويلة، لافتةً إلى أنَّ التخطيط السليم لإدارة المؤسسة الصحية يعمل على الفهم الحالي للمؤسسة الصحية والتوقّع المستقبلي لها، بناء على إحصاءٍ دقيق لأعداد الأطباء مقابل أعداد المرضى وعدد المستشفيات والأسرة للمرضى في كل مستشفى وما يتبعها من خدمات أخرى. وأشارت إلى أنَّ التنظيم هو التطبيق الإداري الذي يمزج بين الموارد البشرية من أطباء وممرضين وفنيين وصيدلانيين، وبين تصميم هيكل أساسي يُحدِّد المهام والصلاحيات المادية والقانونية، سواء كانت رأسية أو أفقية للجميع، ابتداء من أعلى السلم الهرمي إلى أدناه، لتحديد المسؤولية ووضوح الرؤية أمام المسؤولين بما يدور داخل هذا التنظيم من دون تداخل أو تنافر، والعمل على الاهتمام بالتوظيف لسد النقص أو العجز في الكوادر الطبية أو الفنية. إدارة واعية ------------ وأوضحت د. موضي أنَّ ذلك لابُدَّ أن يتم بما يتناسب مع حاجات تقديم الرعاية الصحية للمواطنين، مع ضرورة استقطاب القدرات المناسبة في المكان المناسب، لتحقيق مهام العمل بناء على تخصصاتها، مُضيفةً أنَّ هذا حتماً يحتاج إلى إدارة واعية قادرة على إصدار القرارات المناسبة بلا دون تردّد أو محاباة؛ وذلك لمواجهة مشكلة المرضى، مع التوجيه بما يناسب مصالحهم، مُبيّنةً أنَّ من أهم الإدارات المؤثرة والفاعلة في هذا المجال وزارة الصحة. وأضافت أنَّ ذلك يشمل أيضاً إدارات المستشفيات والرعاية الصحية الأولية، التي يجب أن تُفعَّل، مع الاهتمام بمراقبة أداء المؤسسات الصحية؛ للوقوف على مدى تحقيقها الأهداف المطلوبة في فترة زمنية محددة ومناسبة؛ لتحقيق الرعاية الصحية للمرضى وحل مشكلات المواعيد التي يواجهونها، مؤكِّدةً أنَّ هذا الإجراء يساهم في توضيح مكامن الخلل في مؤسساتنا الصحية، وبالتالي نستطيع الوقوف على الحل المناسب لهذه المشكلات. ملفات إلكترونية ------------------- ولفتت إلى أنَّ من أهم الحلول لمواجهة ذلك هو التخطيط التكتيكي الذي يركز في التنفيذ الفعلي للحد من طول مواعيد المرضى التي منها: تحديد المواعيد التي يجب أن تُنجز حسب الأولوية للمريض صحياً لجميع المواطنين بلا استثناء وبعدالة، إلى جانب التنسيق بين مواعيد المرضى من دون ازدحام، وكذلك إسناد هذا العمل إلى موظفين خاصين بمواعيد المرضى، مع إعطائهم قدرا مناسبا من السلطة في التخاطب والتنسيق مع الرعاية الأولية وتحميلهم مسؤولية ذلك، مع مراعاة المرونة في تحقيق مصالح المراجعين الصحية. وبيّنت أنَّ من أهم الحلول أيضاً التصنيف لجودة الرعاية الطبية الأولية ورفع مستواها العلاجي والتشخيصي، لتتناسب في أدائها مع مستويات المستشفيات الحكومية؛ من أجل كسب ثقة المراجعين، إلى جانب تفعيل دورها في كل حيّ من أحياء المدينة، مع الرقابة والتقويم لمتابعة ما حققته من أهداف لخدمة المرضى بما يناسب حالاتهم الصحية والعلاجية وما تقوم به من تنسيق بينها وبين المستشفيات الحكومية عن حالات المرضى. وأضافت أنَّ من الحلول أيضاً وجود تنسيق وتكامل بين الرعاية الطبية الأولية وبين المستشفيات عن الحالات التي تستدعي التنويم أو بينها وبين متخصصين من الأطباء في المستشفيات بعد تشخيص حالة المريض بشكل دقيق، إلى جانب حفظ ملفات المريض إلكترونياً، ليسهل على الطبيب في الرعاية الطبية الأولية أو المستشفى الوصول إليها بسهولة، لمعرفة حالة المريض وتشخيصه من دون أن تتعرض للضياع أو التأخير عند حاجة الطبيب لها، وفي الوقت المناسب. تأمين طبي ------------- وأوضحت أنَّ من أهم الحلول أيضاً العمل على توزيع عيادات طب الأسرة والمجتمع على جميع أحياء ومدن المملكة وربطها بالمستشفيات الأساسية موزعةً بطريقة استراتيجية ومدرجة، مع مراعاة الجودة العالية للخدمات الطبية؛ لتحقيق احتياجات المرضى العلاجية وتشخيص حالاتهم المرضية وعلاجها أو تحويلها لمستشفيات داخلية أو خارجية عند الحاجة لذلك، إلى جانب تحقيق مستويات التوظيف المناسبة من الكوادر الطبية والفنية. وأشارت إلى أنَّ من الحلول أيضاً التعاون بين المستشفيات الخاصة والحكومية عن طريق تأمين طبي حكومي شامل للمرضى تُضم لعضويته المستشفيات الخاصة المتميزة بمستوى عالٍ من الرعاية الصحية، الأمر الذي قد يساهم في التنافس بما يحقق الجودة بين المستشفيات الخاصة ورفع مستواها الأدائي والعلاجي للمرضى وتخفيف العبء على المستشفيات الحكومية، إلى جانب أهمية إشراف وزارة الصحة على المستشفيات الخاصة التي تحضى بالتميز الحكومي. وأكَّدت أنَّ ذلك من أجل التنسيق بين المستشفيات الخاصة والحكومية والحد من ازدواجية عمل الأطباء والتنقل من مستشفى خاص لآخر على حساب عملهم الأساسي الحكومي، مع وضع قاعدة بيانات صحية وطنية تضم جميع أسماء وأرقام الأطباء والجراحين والمرضى، إلى جانب الإجراءات الصحية المُطبَّقة عليهم ومكانها ووقتها؛ وذلك لتمكين المنظومة الوطنية للتأمين الصحي من متابعة الرعاية الصحية بجوده عالية.