تفتح «الرياض» الملف الصحي على عدة محاور، هي: (قلة الأسرة، مواعيد المستشفيات، الأدوية، الأجهزة الطبية، التأمين، المراكز الصحية، تعثر المشروعات، توفير الكفاءات المتخصصة، أقسام الطوارئ، الأخطاء الطبية)، من خلال رصد دقيق وشامل لمعاناة المواطنين مع كل محور، إلى جانب وصف واقع الخدمات ومعرفة أسباب تدنيها، وتقديم الحلول والمقترحات من المتخصصين للتقليل منها. وقد انتهجت «الرياض» في معالجة محاور هذا الملف على جانبين الأول: ميداني يصف الواقع كما هو، والثاني الاتصال مع المسؤول المختص في وزارة الصحة للرد على استفسارات وشكاوى المواطنين. وتتناول «الرياض» اليوم معاناه المواطنين من »المواعيد التعجيزية» في المستشفيات، الى جانب مشكلة نقص الاسرة وسلبيات التأمين الطبي. لا تزال المستشفيات تعاني خللا مزمنا في إدارة مواعيد المرضى والتي يراها البعض ابرز الإخفاقات وأكثرها شيوعاً، مرجعين ذلك إلى طول أمد هذه المواعيد التي تمتد غالباً لأشهر، وربما أحيانا لعام أو أكثر – دون مسوّغ مقنع للمريض -، وهو ما يعد خللاً واضحاً في الأداء أسهم في حرمان عدد من المرضى من حقهم في العلاج والاستفادة من الرعاية الصحية التي توفرها لهم الحكومة بالمجان. المعاقون ومعاناة مضاعفة «الرياض» من خلال جولة ميدانية في بعض المستشفيات رصدت الكثير من المشاهدات والمعاناة التي استقرأت كثيراً من تفاصيلها في وجوه وتعابير المضطرين لمراجعة تلك المستشفيات وهي تفاصيل تضاربت فيها المشاعر فمن أمل مشوب بيأس الى أمل بالظفر بموعد قريب وبينهما رجاء يحمله كل مريض أن ينهي معاناته مع مرضه حيث يسرد لنا في البداية الشيخ ناصر بن عبدالرحمن البراهيم الذي التقيناه وهو يتوكأ على عكازه من كسر تعرض له ساقه الذي ابدى استغرابه من عدم فتح المستشفى ملفاً لعلاجه باعتباره قادماً عن طريق قسم الإسعاف قائلاً: هذه الحالة لا تستدعي ان يتم إعادتك لمركز صحي لمنحك تحويل ورغم الخدمة والاستقبال الذي وصفه بالجيد إلا انه يشير الى نقطة غاية في الأهمية وهي ما يتعلق بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ساءه منظرهم وهم يتكدسون داخل ردهات المستشفى وبشكل لا يكفل لوضعهم الحساس الخصوصية مطالباً بتخصيص مكان لهم بطبيب او أطباء خاصين. المستشفيات الأهلية البديل غير المناسب! أما المواطن محمد الشريف والقادم من نجران الى الرياض لعلاج والده فيعتبر ان مشكلة المواعيد وما يكتنفها من تأخر اصبحت واقعاً يفرض نفسه على من ساقته أقداره الى مراجعة المستشفيات الحكومية ولا يملك إزاءه سوى القبول والامتثال سواء أكانت هذه المواعيد قريبة الأمد ام ان انها ستنطوي على تأجيل وانتظار قد يقذف به الى أتون المستشفيات الخاصة التي تكبد مراجعها الكثير من المال نظير خدمات صحية قد لا تحقق ما ينشده مراجعها من جودة صحية وعلاج. وبنبرة مشوبة بحسرة يقول: انا أتكبد مشقة السفر من أقصى الجنوب الى هنا مع والدي وندفع أجور تذاكر بين فترة وأخرى بحسب الموعد الطويل، وان كان حظك سيئاً وصادف ان تأخرت لظروف حجز الطيران او خلافه فإن موعدك سيطير ولن تجد من ينظر في ظرفك لأن هناك المئات من المراجعين، موضحاً ان هذا التكدس سببه وعدم قدرة المستشفى على استيعاب كل هذه الأعداد. ومن جانبه، قال: المواطن مشاري الجريسي ان تأجيل المواعيد لا تنسحب على حالة مرضية دون أخرى إذ جميع الحالات قابلة للتأجيل، مشيراً إلى ان مراجعي هذه المستشفيات العامة المسجلين في سجلات الانتظار غالبا ما يساهمون في مضاعفة هذه الأزمة دون ان يشعروا فالمريض يتخلف عن موعده لأي ظرف كنسيان او حتى تماثله للشفاء أو حتى مراجعته لمستشفى خاص فيحرم بذلك مريضاً مستحقاً وحالته تستدعي علاجه. فيتامين واو! من جهته يعتبر المواطن ناصر العليمي ان المحسوبية او ما يعرف ب (فيتامين واو) غول يلتهم إنسانية البعض حتى في اماكن ينطوي عملها على الرحمة والشفقة وتحسس آلام الآخرين، مشيراً إلى ان غياب الضمير لدى بعض مسجلي المواعيد تسهم بشكل كبير في هذا الخلل ومع الأسف ان التلاعب في الموعد وتجييره لمراجع وحرمان آخر مسألة ليس من السهل ضبطها ان لم يكن مستحيلاً ويتساءل في ظل غياب الرقابة او صعوبتها سيما امام اعداد هائلة كيف يمكنك إقناع هذا الموظف بأحقيتك الموعد عمن يتشفع له ويمنحه فرصتك في العلاج؟ ويختم: اعتقد ان المتابعة والاستفادة من تقنيات العصر الحديثة باتت ملزمة ويتوجب على ادارة كل مستشفى ان تضبط مسألة المواعيد وبما يحقق الظرف الإنساني الذي استدعاها ما يجعل ظاهرة المواعيد المؤجلة سبباً رئيساً في حرمان المواطن البسيط من حقه في العلاج كما انها تساهم بشكل مباشر في انتشار «المحسوبية» وتوفير العلاج المباشر لمرضى على حساب آخرين. حلول مقترحة ولأن الحكومة لم تأل جهداً في انشاء هذه الصروح الطبية العملاقة مسخرة مشددة على القائمين فيها على ان يقوموا بتسخير وتوظيف كافة الكوادر لتقديم الرعاية الصحية اللائقة بالمواطن بقطع النظر عن أي اعتبار سواء مكانته الوظيفية اوالاجتماعية أو حتى علاقته بمنسوبي المستشفى أو غيرهم لذلك فإن المواعيد المؤجلة – رغم اختلاف مسبباتها وظروفها فهي لا شك تتسبب في مشاكل عديدة لعل أهمها حرمان مستحق من الحصول على خدمة علاجية هو في امس الحاجة لها لذا يقترح المواطنون ان تتعامل إدارات المستشفيات بطرح حلول غير تقليدية للقضاء على ظاهرة المواعيد وزحمتها سواء من خلال تخصيص أيام مفتوحة لاستقبال المرضى تخضع لأسبقية الحضور فبعض المراجعين لا يملك تأميناً طبياً يخوله مراجعة مستشفى أهلياً ويضطر لمراجعة المستشفى الحكومي او تعمل على زيادة ساعات دوام العيادات وهو ما قد يتيح للمريض تلقي خدمة ورعاية صحية تعفيه من تكبد ساعات الانتظار الطويل الذي قد يعرضه - لا سمح الله - لتدهور صحي او تفاقم في حالته المرضية للأسوأ وهو ما لا نشك في حرص القائمين على المستشفيات على تأمينه لكن يبدو ان الشق قد اتسع على الراقع!! ربط المواعيد اليكترونياً ويقترح المواطن الخميس استمرارً لهذا التوجه وكحل لهذه الإشكالية توفير خدمة الإنترنت في المستشفيات من خلال موقع على الشبكة العنكبوتية قد يساهم في تقليص فرص الانتظار خصوصاً العيادات الخارجية حيث يمكن للمنتظرين الدخول إلى موقع المستشفى او المركز الصحي وتصفح مواقع القسم او العيادة التي يرغبون بها أثناء فترة الانتظار وهو ما سيكون مرشداً ومساعداً في تحكم المريض طالب الخدمة معرفة المواعيد واقرب إمكانية للدخول لطبيبه من خلال حجز الموعد على الموقع وهو امر اعتقد انه معمول به لدى دول الجوار ونحن لا نقل تطوراً عن أي دولة بل ان صروحنا الطبية نفاخر بها امام العالم أجمع، ونحن نحتاج الى شيء من التنظيم وربط المواعيد الكترونياً على غرار ما هو معمول به في البنوك العملاقة حيث بات بمقدورك الدخول على حسابك وإجراء كافة تعاملاتك دون عناء. الحل زيادة المخصصات المالية من جهته، يرى عضو اللجنة الصحية بمجلس الشورى الدكتور محسن آل تميم بأن ما يدور في المجتمع وما تتناقله الألسن في مجالسها ان هناك تأخراً في المواعيد غير مقبول اطلاقاً ويضيف: هو مؤشر على ان الخدمة المقدمة اقل من المطلوب ولهذا يأتي التزاحم من هذه المواعيد مشيراً الى ان مجلس الشورى طالب أكثر من مرة بتحسين الخدمة وجودتها وبما يليق بالمواطن، موضحاً ان الأمر يقتضي ان يكون هناك توازن بين المعروض مع الطلب على الخدمة وهو ما لم يتحقق بالنسبة للمواعيد. وحول توجه مجلس الشورى تجاه حل هذه الأزمة قال آل تميم: لا شك اننا دوماً نطالب سواء من خلال توصيات او مقترحات بأن يتم التعامل مع هذه المشاكل بما تستحقه من اهتمام وبما يكفل الحد منها، داعياً إلى زيادة المخصصات المالية ليتم تقليص هذه المواعيد ومن ثم منح المريض علاجاً لائقاً به. الصحة ترفض التعليق وبالاتصال بالمتحدث الرسمي بوزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني أحالنا الى الدكتورين ياسر الغامدي المشرف على ادارة الأسرة الذي فضل عدم الخوض في الموضوع باعتبار إدارته جديدة تاركاً الحكم لعملها للزمن، وهو ذات الموقف الذي أعلنه الدكتور عبدالعزيز الدخيل المشرف على خدمات المرضى الذي اعتبر ان إدارته لازالت فتية ولديها خطة طموحة في التنسيق وجدولة المواعيد وبما يلبي احتياجات المرضى مؤكداً على ان الزمن لا زال مبكراً لتقديم تصور واضح ودقيق عن عملها وهي الرغبة التي احترمناها في شخصيهما.