أرجو أن يكون قرار وزير الثقافة والإعلام القاضي بإيقاف إصدار جريدة رياضية وإقالة رئيس تحريرها بداية لقرارات مماثلة وتصحيحية لمن يتجاوز الأعراف الاجتماعية والأخلاقية خاصة أولئك الذين يعيثون في "فضاء الإنترنت" فساداً. الكثير قد ينظر للموضوع من جانب أن الزمن لم يعد يقبل الرقابة وأن الشفافية والحريات الشخصية لابد من حمايتها، وكل هذا صحيح ومنطقي لكن حين تكون الشفافية التي يتحدثون عنها منفلتة ومتجاوزة لكل القيم والأعراف فلا يجب أن تترك دون تقنين وتقييد. أن تكون الشفافية فرصةً للنيل من الآخرين والمساس بهم أو بعقائدهم فلا حاجة للمجتمع بها بل لابد من الوقوف ضدها لأنها في حالتها المنفلتة هذه ستكون معول هدم للوحدة الوطنية. أصبح الإعلام بمختلف وسائله يعج بالكثير من التجاوزات التي تمكنت من تمزيق الوحدة الوطنية وبث الطائفية والعصبية القبلية تحت غطاء الشفافية. أصبحت الفوضى هي العنوان العريض لمعظم وسائل الإعلام وخصوصاً ما يسمى بالإعلام الجديد، لا محاذير ولا قيم ولا خطوط حمراء، وكل يتحدث بما يريد وأن يسيء لمن يريد محاسبة. إن غياب التنظيمات القانونية الرادعة أسهمت بشكل كبير في إحداث هذه الفوضى الإعلامية ولابد من كبحها قبل أن تتفاقم، لذا فإن اتخاذ المزيد من القرارات الرادعة من شأنه أن يعيد التوازن ولو قليلاً. الاجراءت الحازمة التي اتخذها الدكتور خوجة الأسبوع الماضي سواء في إقالة رئيس تحرير صحيفة رياضية أو من خلال إنشاء المحكمة الابتدائية والاستئنافية للنظر في المخالفات الإعلامية؛ هي البداية الحقيقية لإعلام نظيف يؤمن بالشفافية لكن في حدود الأدب وفي سياق القيم الاجتماعية المتعارف عليها، فالحرية لا تعني الإساءة، والشفافية لا تعني الانفلات..