لأننا في زمن توزع فيه تهم الخيانة والتحريض على قارعة الطريق، فهنا مكاشفة سريعة مع حملة لواء التخوين. أسألكم -وبربكم أجيبوا- من منا يدعو للفوضى وخراب الأوطان: مثقف يحذر من تنامي الفساد لدرجة لا يستطيع معها أحد إيقافه أم فاسد يستغل نفوذه ومناصبه للتكسب واستغلال المال العام وعيني عينك؟ هل يدعو للفوضى، شباب جامعي ضاق بهم تجاهل إدارة جامعتهم لشكاواهم ومطالبهم أم مدير الجامعة الجاثم على صدورهم منذ سنين ويصر على أن يعاند البلد كله متجاهلاً كل التهم الموجهة له ولإدارته؟ من هو الذي يحرض على الفوضى: كاتب مهمته الأساسية أن يبحث عن مواقع الخطأ من أجل الإصلاح أم «رقيب» وظيفته اتهام كل من يجرؤ على نقد أي وضع بالعمالة والخيانة والدعوة للتحريض؟ كيف نلوم من ينبه للخطأ ونصفق لمن يمارس الخطأ؟ ومن الذي يسعى لإثارة الفتنة: مواطن يبحث عن حقه في الوظيفة أم مسؤول يستغل نفوذه لتوزيع المناصب والوظائف على أقاربه وجماعته وأبناء منطقته؟ ولنا أن نسأل المزيد: هل نلوم الشباب المتفاعل مع خطاب مرحلته وثقافتها أم مسؤول غارق في بيروقراطيته ويعيش في أمسه؟ أغلب مطالب شبابنا مرتبطة بمسائل «مقدور عليها» لو وجدت مؤسسات تنفيذية قادرة على ترجمة القرارات العليا إلى فعل على الأرض. تلك الجهات -بمسؤوليها- هي الملامة على غضب شبابنا إزاء تجاهل همومهم وتطلعاتهم. أما أن نقفز لتهمة كل من يجرؤ على التنبيه من مخاطر القادم بإثارة الفوضى فذلك الجهل بعينه. إننا في مرحلة حرجة تتطلب وعياً بظروفها وتحدياتها بدلاً من تكثيف الجهود لاتهام كل من ينبه للخطر بالخيانة والدعوة للفوضى. اللهم احم أوطاننا من جهالة بعض أبنائها.