لن يتميز احدٌ حقداً وغيظاً من التدشين الحضاري لكرسي الأديب غازي القصيبي في جامعة اليمامة أكثر من الذين هللوا لصاحبهم المحتسب الذي يظن انه قد قتله بالدعاء عليه، فهاهو ذكر أبو سهيل بعد أن خلده بمنجزه الأدبي والإداري يخلد في كرسي جامعي يعتبر كما أكد الدكتور حسين الفريحي مدير جامعة اليمامة أنه «إضافة بنية معرفية جادة إلى المنظومات القائمة حالياً في الجامعة وتطويرها بانتظام، ودعم ثقافة البحث الرصين والفكر الخلاق داخل الجامعة وخارجها، والمساهمة أيضاً في إثراء الحقل الثقافي الوطني بالأعمال المعرفية المتخصصة». نأمل كما تأمل جامعة اليمامة «أن يكون هذا الكرسي المتميز بداية واعدة بمزيد من كراسي البحث العلمي التي أصبحت تقليداً بارزاً في كل جامعات العالم العريقة والحديثة» فبمثل هذا الرد الحضاري الذي قامت به يكون الرد على الفكر المشوه؛ الرد بإشراع المزيد والمزيد من النوافذ لينفذ من خلالها ضوء الشمس. القصيبي الذي قال مرة «وإذا كان هناك من يكرهني فيعلم الله أنني لم أفعل ما كرهني من أجله إلا حباً له وحرصاً على مستقبل أولاده» الشرق الأوسط عدد 11118 لن ينتقم اليوم من كارهيه المتشددين فالكرسي سيكون ضمن قسم الإنسانيات في الجامعة القسم الذي يعنى بمواضيع يطير منها الفكر المتشدد فرقاً. لعل من أكبر أسباب تسيّد الفكر الظلامي واختطافه لعقل المجتمع وسيادة ثقافة التلقين والغيبيات هو التخلي باكراً عن دعم أقسام الإنسانيات في جامعاتنا، تلك الأقسام التي تعنى بالعلوم الإنسانية كالأدب، التاريخ، الفلسفة، الديانة، وكذلك شتى أنواع الفنون البصرية والتعبيرية والعلوم الاجتماعية شاملة التاريخ الأنثروبولجي أو علم الإنسان, وعلم النفس.. مثل هذه التخصصات العلمية الرصينة ستؤدي حتما إلى ثقافة ستزيح أسياد الظلام المتوجين عن عروشهم. وستكسر احتكارهم ودورهم كمراجع في كل ما يخص المواطن من شدائد وما يعتري الطبيعة من حوله. احسب أن مجتمعنا يستاهل أن تتاح له فرصة الشفاء والنقاء من تلك الأدبيات الغارقة في ظلاميتها، يستاهل أن يتاح له خيار آخر، غير الفكر الأسود الذي هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. تحية إكبار للدكتور الفريحي والدكتور معجب الزهراني فنحن نعرف أن الكثير من مدراء الجامعات لا يملكون إلا الخوف من أن ينعق بذكر أحدهم ظلامي في تويتر أو فيسبوك او أن يتناولهم واعظ امن العقوبة في قنوات التطرف الديني، فضلاً من أن يملكوا رؤية حضارية تقدمية أو حسا بالمسئولية الاجتماعية تجاه المواطن. نأمل كما تأمل جامعة اليمامة «أن يكون هذا الكرسي المتميز بداية واعدة بمزيد من كراسي البحث العلمي التي أصبحت تقليداً بارزاً في كل جامعات العالم العريقة والحديثة» فبمثل هذا الرد الحضاري الذي قامت به يكون الرد على الفكر المشوه؛ الرد بإشراع المزيد والمزيد من النوافذ لينفذ من خلالها ضوء الشمس. فبكتيريا التشدد لا تتكاثر إلا بعيداً عن الهواء الطلق وتقتلها الأشعة فوق البنفسجية المختزنة في تلك الأشعة. ليس غريباً هذه اللفتة الحضارية ونحن نمر هذه الأيام بالذكرى الثامنة لبيعة خادم الحرمين الشريفين لا شك أننا نلمس جلياً تلك الخطوات غير المسبوقة التي اتخذت على مستوى البعد الاجتماعي في عهده والمطالبة بالمزيد لا يمثل أكثر من أمل من مواطن لحاكمه.