كان طموح البداية لعودة هذا الأثر الخالد ليس مجرد استدعاء اسم «سوق عكاظ» ولكن اكبر كثيرا من ذلك، فالسوق ليس مكانا او مناسبة عابرة او حدثا تبدد، ولكنه تاريخ خالد كان يجب ألا ننساه او نتركه في بطون كتب التاريخ والتراث أو نجعله اثرا نستدعيه في البحوث والدراسات، ونتخيله كل وفق ثقافته اذ انه منحنا الكثير من الشعراء والتراث والحكم والتاريخ والمواقف والأصالة وغيرها. كانت العودة فكرا مبدعا يربط الماضي بالحاضر ويؤكد على هوية الانسان والمكان ويرفع من شأن لغتنا ويقول للعالم هذا تاريخنا وهذا تراثنا وهذا ديننا بكل سماحته ودعوته الى الخير والحق والجمال والانسانية. كل ذلك فكر فيه الأمير الشاعر والمثقف خالد الفيصل الذي حمل امانة الفكر العربي بكل ابعادها.. عند ما اخرج سوق عكاظ من غياهب النسيان ودائرة الثقافة الضيقة الى الوجود الفاعل ليعيده الى اذهان الانسان العربي ويدفع به الى صدارة الفعل الثقافي الذي يجمع بين التراث والأصالة والمعاصرة. «سوق عكاظ» الذي أضحى مطمح كل شاعر ومثقف عربي أينما كان يحمل منذ انطلاقته الاولى وحتى انطلاقته القريبة ال11 فكرا متجددا ورؤى تتعدى التراث وان اتكأت عليه لتصل الى المعاصرة بكل ابعادها.. كل عام نشهد ابعادا جديدة وفكرا مغايرا ينطلق من الأصل ويتجه الى الانسان والمستقبل.. وهذا العام تقوم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بقياده الأمير سلطان بن سلمان بإقامة أكثر من 100 فعالية. ولأول مرة سيكون عكاظ مرتبطا بالزائرين لمكة المكرمة، حيث سيتم تنظيم 40 رحلة سياحية ضمن برنامج «رحلات ما بعد العمرة». لقد اوضح الأمير الشاعر والمفكر خالد الفيصل وأكد عاشق التراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان أن سوق عكاظ هو محفل للفكر والثقافة والأدب ومنتدى للحوار، وحاضنة للإبداع والتميز للمثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء والعلماء. ولعلي اتوقف هنا لأشير الى فعاليات هامة سيشهدها السوق في دورته الحالية.. فعاليات استقطبت العديد من المثقفين والمبدعين وعشاق التراث والعلم والمعرفة والفنون بكل تجلياتها من مسرح وتشكيل وفنون شعبية وغيرها. تلك ملامح واشارات لرؤية هادفة لرمز هو سوق عكاظ، تنشد التقدم لهذا الوطن ليس فقط باستدعاء الماضي ولكن بالنظر الى المستقبل.. وبالتأكيد لن ننسى ما قاله الامير خالد الفيصل: «ما زلنا نكرر أن هذا السوق ليس استظهارا للماضي فحسب، بل علينا أن نأخذ من الماضي أحسن ما فيه، ونبني عليه ما ينفع حاضرنا ويفيد مستقبلنا، حيث إن سوق عكاظ القديم كان يقدم آنية اللحظة في الفكر والثقافة والتجارة، ويجب أن نعيد هذا المفهوم ونضيف إليه ما يحقق لنا آمال الحاضر والمستقبل».