تلاطمك الحياة فتموج بكل ما هو في داخلك، ترفعك قليلا وتهوي بك أكثر.. وتغدو بك رحلة التفكر نحو أفق تشعر أنه رحيب.. تلامسه الشمس ويمسكه المساء. تناقضات.. صعوبة.. ألم.. أحاسيس مبعثرة.. وشتات فكر يجعلك تجوب كل الأبعاد.. وتدور في كل الأفلاك وحدك.. فتجد ذاتك تقرض كل بوح ثائر.. تائه.. يجعلها تثرثر. صعب أن تتعرف على نفسك في مرآة مشوهة تظهرك بما ليس فيك حقا فلا تعرف من أنت. تلك هي الغربة حين تصرخ في زحام حولك.. تنادي أحدهم.. تضج آهاتك فلا يصل صوتك.. ولا يجيبك أحد. مزعج حين تتعطل الحواس وأنت تشعر بالظلم.. بالغبن.. بالطغيان فلا يسمعك بشر ولا تنتصر.. هناك اتجه لله وحده عز وجل. من الهزل أن يحاول أحدهم إقناعك بأن تغيّر بعض مبادئك لتساير الحياة وتماشي الواقع أو ستتعطل أمورك.. أو لكي تنال مكسبا ما أن تضطر يوماً إلى تمثيل دور لا يليق بك ولم تعرف به سابقا. كم هو مؤلم أن تفكر بأن تدوس على فضائلك، وترفع رذائلك ظناً أنك ستعلو وتصل إلى القمة.. أو تتظاهر بما أنت لست عليه، تحاول المحافظة على إبقاء صورة جميلة عنك.. أو تدمن استعارات الملامح.. والكلمات.. لكي تثبت لهم أنك صادق. مكانك تعشقه.. ترغب أن تحافظ عليه.. يرغمونك أن تنحني لتيار يجرفك عنه فتصدم.. أو ان تكذب وتكذب لكي تصوّر لهم أنك لست أقل منهم أو من غيرك فتتألم. صعب أن تجد كل الاحلام التي تحملها دوما تحولت إلى أوهام لأنك تأخرت.. تكاسلت.. أو منعك أحدهم من تحقيقها فتضحك بصوت مرتفع لتخفي بكاء منخفضا.. «أو ترتدي قناع الفرح كي تخفي ملامح حزن وجهك الحقيقي». كم هو محبِط.. حين تكون أبجدياتك معطلة فلا تستشعر بإحساس جميل من أحدهم نحوك.. ولا تضع له قيمة.. تغفل عنه بخذلانك. كم يؤلم.. حين تريد أن تنتشل أحدهم من سوء يعيشه.. وهو يريدك أن تغرق فيه. ومزعج ذاك الشعور الذي يجعلك تفكر فيما خسرته سابقا وأن العمر لم يعد فيه سعة لتسترجعها.. وتدرك أن كل ما مر بك أخذ جزءاً منك ومضى فتلاشى. كم هو صعب أن تركض خلف ذاكرتك مشحونا.. تتعب.. فلا تنال إلا بقايا ذكرى.. وفوات أوان.. بعد ذلك تصمت نفسك.