أصبح الإسلام والهجرة أمرين يفرضان نفسيهما جليا على سطح الجدالات الانتخابية في العالم الديمقراطي ويحتلان في الغالب معظم سجالات الحملات الانتخابية، كل دولة حسب اشتداد واقتراب استحقاقاتها الانتخابية. آخر جدل دار حول الموضع ادى الى خسارة حزب أنجيلا ميركل انتخابات ولاية ميكلنبورغ- فوربومرن، وصعود اليمين الشعبوي على أنقاض حزبها في تلك الولاية مما يعد مؤشرا لفقدان حزبها شعبيته. بذلك تكون (ماما ميركل) كما كان يسميها اللاجئون قد دفعت ثمن سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها مع المهاجرين. القادمين من الشرق الأوسط المسلم في غالبه. صعود دونالد ترامب ومواقفه من المهاجرين المسلمين حتى أصبح خيارا رئاسيا مطروحا للناخبين الأمريكيين أتى نتيجة لذلك السجال، لكن الذي لم يلفت النظر اليه حتى الآن، هو عودة الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي بأجندة تقترب الى حد ما من المرشح الأمريكي دونالد ترامب. بالنسبة لنا في الشرق الأوسط فساركوزي هو (توني بلير) فرنسا بما يعنيه ذلك من علاقاته المشبوهة بديكتاتوريات العالم العربي، وعمله كمستشار بمقابل مادي ضخم لدى بعضها خصوصا فيما قبل الربيع العربي. وكلنا يتذكر في بداية ثورة ليبيا حين كشف المستور سيف الإسلام القذافي الذي كان حينها يصارع هو وأبوه من أجل البقاء، وأعلن عن دعم القذافي ماديا الحملة الانتخابية لساركوزي في انتخابات سنة 2007. لكن ما الجديد في مساعي ساركوزي للعودة الى المشهد السياسي الفرنسي، وهو الذي وحسب فيديو قصير أثناء انتخابات 2012 يشاهد وهو يرد على أحد الصحفيين الذي سأله عما إذا كان سيعتزل السياسة إن لم يفز، فأجاب ساركوزي الذي كان في سياق حملته للفوز بفترة السنوات الخمس الثانية «نعم»، بعدها أعاد الصحفي السؤال هل ستعتزل السياسة أجاب ساركوزي «بإمكانك ان تسألني للمرة الثالث وستسمع نفس الجواب!». ما الذي دعا ساركوزي بعد أربع سنوات للعودة الى الواجهة وبدء مشواره الانتخابي، إنه الموضوع ذاته المهاجرون والإسلام كما يبدو واضحا من كتابه بعنوان (الجميع لفرنسا) والذي اكد فيه ان فرنسا بحاجة اليه!. أكد ساركوزي في كتابه ان فرنسا بعد الهجمات الارهابية ليست فرنسا ما قبلها. فالأوضاع التي خلقتها الأحداث الإرهابية الأخيرة تحتاج الى رجل قوي وذي خبرة، كما ذكر في الكتاب وأكد «اعتقد ان لدي القوة والخبرة لقيادة معركة فرنسا ضد الإرهاب في هذه اللحظة التاريخية» إذا فساركوزي بدأ حملته من اجل الهوية الفرنسية. يقول ساركوزي في كتابه الجديد: «نحن لسنا عالم الأنجلو ساسكسون حيث يوفر ذلك العالم مجتمعات متنوعة لكنها تتحول جزرا معزولة لا تستطيع الاندماج، بالنسبة لفرنسا فإن اللجوء والحصول على الهوية الفرنسية يعني تبني القيم الفرنسية والاندماج فيها». ساركوزي مثل ترامب الذي يريد ان يجعل من أمريكا دولة عظيمة، يريد أن يجعل فرنسا فخورة كما قال «على كتب المدارس ان تعزز مشاعر الحب لفرنسا وليس إحساسها بالذنب تجاه المهاجرين من مستعمراتها السابقة» ويجب علينا ان ندعم (الإسلام الفرنسي) وليس الإسلام في فرنسا.