أحد أفضل الأخبار منذ عدة سنوات هو أن الصين أصبحت أخيرا جادة حيال مسألة تنظيف بيئتها. إن استخدام الطاقة المتجددة ينمو بسرعة في الوقت الذي يتراجع فيه استخدام الفحم. ويجري تشديد أهداف التلوث الجوي. والأراضي الزراعية الملوثة تحصل أخيرا على اهتمام رفيع المستوى. مع ذلك، يمكن أن تنهار كل هذه الأمور الجيدة إن قامت الصين وبكل بساطة بتصدير مشاكلها البيئية إلى أماكن أخرى. من الأمثلة على ذلك حملة حماية الغابات في الصين. لسنوات، تفشى قطع الغابات في الوقت الذي كانت فيه الدولة تعمل على تحويل نفسها نحو أكبر مشتر للأخشاب ومنتجاته في العالم، بما في ذلك كل المنتجات من الأثاث إلى الورق. وقد أسهمت سفوح الجبال المعراة في حدوث فيضانات هائلة في عام 1998 والتي أرغمت الملايين على إخلاء منازلهم. لحسن الحظ، وفقا لدراسة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة العلوم، عمل الإنفاذ الأكثر صرامة لحظر قطع الأشجار محليا على عكس الاتجاه: ما بين عامي 2000 و2010، ارتفعت كمية الغطاء من الأشجار بأعلى من 1.6 بالمائة من الأراضي الصينية (وتراجع بأكثر من 0.38 بالمائة). هذا العام، تعتزم الصين خفض حصتها من قطع الأشجار للأغراض التجارية بمقدار 6.8 بالمائة وسوف تعمل على توسيع الحظر المفروض على قطع أشجار الغابات الطبيعية على مستوى الدولة. لكن لاحظ أن هناك مشكلة: في الوقت الذي عملت فيه الصين على تخفيف وتيرة قطع الأشجار، أصبحت الدولة أكبر مستورد للخشب في العالم، وتتوقع الحكومة أنه بحلول عام 2020 فإنها سوف تعتمد على الواردات بنسبة 40 بالمائة من احتياجاتها. وكمشترين، لا تعتبر الشركات الصينية مميزة بشكل كبير. وفقا للمؤسسة الفكرية تشاثام هاوس في مقرها في لندن، تضاعفت تقريبا مشتريات الصين للأخشاب المنتجة بصورة غير مشروعة ما بين عامي 2000 و 2013، لتزداد لأكثر من 1.1 مليار قدم مكعبة. يمتد الضرر ليصل إلى البلدان النامية. تشتري الصين 90 بالمائة من صادرات الاخشاب من موزمبيق، الذي تم إنتاج حوالي النصف منه بمعدلات سريعة جدا على نحو لا يكفي للحفاظ على الغابات على المدى الطويل. في عام 2013، أعلن صندوق الحياة البرية العالمي بأن قطع الأشجار غير المشروع في الشرق الأقصى الروسي كان قد وصل إلى «أبعاد كارثية» بعد أن وجدوا أن أشجار البلوط كان يتم قطعها من أجل التصدير للصين بأحجام تبلغ ضعف الكمية المسموح بها. في نفس العام، ضاعفت ميانمار 3 مرات حجم الأشجار الوردية المهددة بالانقراض والمصدرة إلى الصين (حيث تكون ذات قيمة خاصة بسبب استخدامها في صناعة الأثاث). بمثل هذه المعدلات، قد تتعرض بعض أصناف الأخشاب الوردية في ميانمار للانقراض بحلول عام 2017. على الرغم من الحظر التام الذي صدر في عام 2014، ارتفعت صادرات الأخشاب الوردية إلى الصين في العام الماضي إلى مستويات لم تشهدها خلال عقد من الزمن. لا يوجد لدى الصين أي قانون ضد استيراد الأخشاب التي يجري إنتاجها بصورة غير مشروعة، ووجود المشترين وقاطعي الأخشاب الصينيين في الخارج (يمكن أن يتراوحوا من مستقلين صغار إلى شركات كبرى) يُقصَد منه التنظيم الذاتي. (على النقيض من ذلك، كان لدى الولاياتالمتحدة حظر رسمي على الواردات النباتية غير القانونية منذ عام 2008). في الواقع، عندما حكمت ميانمار على 153 صينيا من قاطعي الأشجار لقطعهم الأشجار بشكل غير مشروع داخل حدودها العام الماضي، احتجت الصين بشكل صاخب. وفي النهاية أطلق سراحهم. من الواضح أن الإسهام في قطع الأشجار في أماكن أخرى يضعف تأثير الجهود التي تبذلها الصين في إعادة التشجير. ويهدد إمدادات الأخشاب أيضا. ويعرض الشركات الصينية لمخاطر تشويه سمعتها وحتى مقاطعتها. في العام الماضي، وافقت شركة (لامبر ليكويديترز) في مقرها في ولاية فيرجينيا على دفع مبلغ 13.2 مليون دولار لتسوية الرسوم بسبب استيرادها الأخشاب من الصين والتي كان قد تم إنتاجها بطريقة غير قانونية في ميانمار والشرق الأقصى الروسي. رغم أن شركة التزويد الصينية (مجموعة سوفينيه تشينجيا) لم تتم مقاضاتها في الصين، إلا أن صلتها المزعومة بالجريمة المنظمة الروسية ينبغي أن تجعل العملاء المحتملين يترددون في التعامل معها. قامت الصين بتأسيس نظام وطني لتتبع وتفتيش الأخشاب العام الماضي يهدف إلى إعطاء المشترين قدرا أكبر من اليقين حيال مصادر وارداتهم. لكن النظام طوعي، ومحدود النطاق ومن السهل التلاعب به. لا تواجه الشركات أي جزاء قانوني فيما لو قامت بتحريف المعلومات. في الحد الأدنى، تحتاج الصين إلى فرض حظر رسمي على استيراد الأخشاب غير القانونية. وهذا ينبغي أن يشجع الامتثال الأفضل لنظام التتبع الموجود. وقد نجح نظام مشابه في الولاياتالمتحدة، حيث انخفضت الواردات غير المشروعة لأخشاب الغابات ما بين 32 و44 بالمائة منذ عام 2008. كما ينبغي أن تسعى الصين أيضا إلى احترام ضوابط التصدير المفروضة على الأخشاب من قبل شركائها التجاريين، خاصة في دول جنوب شرق آسيا وإفريقيا، عن طريق الدعم القوي للملاحقات القضائية الخاصة بالأفراد والشركات التي تنتهك ذلك. في الوقت نفسه، ينبغي أن تجري الشركات في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مراجعات مستقلة لحسابات مورديها للتأكد من أن الواردات تفي بالمتطلبات القانونية المحلية الخاصة بهم. إن تخفيف أثر اقتصاد الصين على البيئة العالمية لن يكون سهلا أبدا. لكن إذا كان بإمكان الصين العمل في الخارج كما تتوقع بأن يكون أداء شركاتها في الداخل، فإن هذا سوف يكون مفيدا للكوكب إلى درجة هائلة.