استغرق الأمر بالنسبة لفيسبوك ثماني سنوات من القتال الشرس للوصول إلى أول مليار مستخدم. لكن الوصول إلى 6 مليارات مستخدم بعدها في العالم يثبت أنه أصعب بكثير. وكانت وسائل الإعلام تتناقل أخبار الشركة بسبب الخلاف حول برنامجها في الهند لتقديم مجموعة مختارة من خدمات الويب (بما في ذلك فيسبوك) بحيث يمكن للناس الوصول إليها مجانا على الهواتف النقالة، حتى عن طريق اتصالات الإنترنت البطيئة. الفكرة من وراء برنامج «الأساسيات المجانية» من فيسبوك هي جعله أسهل لذوي الدخل المحدود في الهند ليكون أول طعم لهم على الإنترنت من خلال جعله من الميسور على الناس الدخول إلى شبكة الإنترنت. تصفح باقي الويب يكلفهم المال. زميلي في بلومبيرج اندي موكرجي وقف إلى جانب المعارضة، التي تتساءل عما إذا كان توفير فيسبوك مجانا يُبعِد بشكل غير عادل المنافسين المحتملين، ويعطي الشركة موقعا يضمن لها النجاح لاختيار ما يعتبر خدمة الإنترنت الأساسية. لا بأس. لكن بغض النظر عن النوايا وراء الأساسيات المجانية، فيسبوك من البداية أخطأت في حساب الانتقادات في الهند، واستمرت الشركة في الدفاع عن نفسها لفترة طويلة بعد أن أصبح واضحا أنه لا يمكنها التعافي من أخطائها المبكرة. ويمكن أن يكون البديل في اتباع نهج مواز للنهج الذي اتبعته قبل موزيلا، الشركة وراء متصفح فايرفوكس، مما ساعد على دعم أسعار الهواتف المحمولة المتصلة بالإنترنت والوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف النقال في بعض الأسواق الناشئة. إذا اتخذت فيسبوك نهجا مماثلا في الهند، فإن ذلك سيعطي الناس على الإنترنت أقصر طريق إلى أي وجهة ويب أرادوها دون أن يضعوا فيسبوك في موقف يتعارض أصلا باعتبارها البواب إلى الإنترنت في الهند. من المحتمل للناس استخدام هواتفهم على نحو غير متناسب للوصول إلى فيسبوك وواتس آب الذي تملكه فيسبوك على أية حال. هذه الخطة البديلة هي أبعد ما تكون عن الكمال. كمية صغيرة من بيانات الويب المجانية لا تأخذك مسافة طويلة على الإنترنت، وتصفح الويب على الهواتف النقالة عبر الاتصالات الخلوية البدائية هو أسوأ من الانتظار للحصول على صور للتحميل على أمريكا أون لاين، حوالي عام 1992. الفكرة هي أن ربط المليارات من الناس على شبكة الإنترنت هو لغز اقتصادي وسياسي واجتماعي يحتاج إلى حذق ومهارة، وتحتاج فيسبوك، وجوجل، وأمازون، واوبر، وتويتر وكثير من شركات الإنترنت الأخرى إلى أن تنمو عن طريق الوصول إلى ثلثي سكان العالم غير المتصلين على شبكة الإنترنت اليوم. مارك زوكربيرج يعلم ذلك، وهذا هو السبب في أنه كان يتحدث منذ سنوات عن زيادة الأعداد العالمية من الناس على الإنترنت عن طريق جعل عملية الوصول إلى الإنترنت الجوال أقوى في نظر الناس وبأسعار معقولة. إنه هدف جدير بالثناء والذي ليس من قبيل الصدفة أنه يتوافق مع المصالح الاقتصادية لزوكربيرج لضمان أن تكون خدمات فيسبوك في متناول اليد وضرورية لمليارات الناس. نتوقع أن نسمع ما هو أكثر بكثير في السنوات القادمة عن اتخاذ خطوات خاطئة في الهند وإندونيسيا والدول الكبرى الأخرى التي تنظر إليها شركات التكنولوجيا الطموحة باعتبارها أسواقا محتملة ضخمة. لاحظ أن لدى الهند عدد سكان يعادل ذلك العدد الكبير الموجود في الصين، ولكن فقط 18 في المائة من الهنود استخدموا الإنترنت في مرحلة ما في ال 12 شهرا السابقة، وذلك وفقا لبيانات البنك الدولي لعام 2014، مقارنة مع ما يقرب من نصف السكان في الصين. حتى في كوبا المعزولة، 30 في المائة من السكان متصلين على شبكة الإنترنت. لن يتم تحديد الفائزين بويب المستقبل فقط من خلال جودة التقنية ولكن أيضا من خلال قدرتها على التحرك ضمن السياسة العالمية الشائكة. إذا وجدت فيسبوك أن توسعها في الهند سيكون مسألة شائكة، تخيل ماذا سيحدث إذا وعندما يسمح لها بفتح أبوابها في الصين. جوجل في كل بلد تقريبا تحارب الأجهزة التنظيمية التي تعتقد أن الشركة تسيء استخدام قوتها. شركات التكنولوجيا الكبيرة والصغيرة يعرقلها المشرعون القلقون من أن خدماتها تتيح للمجرمين والإرهابيين التهرب من تطبيق القانون. من المثير للاهتمام أن جوجل (حتى الآن) لم تواجه الانتقادات الصاخبة نفسها التي واجهتها في الهند وغيرها من أسواق الإنترنت الناشئة. لدى جوجل أيضا طموحات لتوسيع الوصول إلى الإنترنت العالمي - الذي يفيد محرك بحثها على شبكة الإنترنت، ويوتيوب، وآندرويد وغيرها من الشركات. ومع ذلك قام تنفيذيو جوجل بذكاء بتركيز انتباه الجمهور على المشاريع التي تبدو حميدة، مثل بث وصلات الإنترنت إلى المناطق الريفية من خلال بالونات الهواء الساخن أو إقامة اتصالات واي فاي في محطات القطارات الهندية. من يمكن أن يعارض ذلك؟ الأمر الذي يساعد هو أن جوجل توسعت أكثر قليلا ببراعة بعد أصيبت ببعض الكدمات من القتال وتعلمت من أخطائها العالمية. تعلمت فيسبوك من عثراتها، أيضا. في البداية حاولت الشركة إقناع شركات الهاتف الجوال في الهند وغيرها من البلدان أن تشمل الهواتف المحمولة على نسخة مجانية من فيسبوك وأن تتمكن فيسبوك من اختيار الشركاء. نتيجة إدراك فيسبوك أن هذا النهج هو دلالة على الأنانية بصورة لا لبس فيها، غيرت الشركة العام الماضي اتجاهها لإنشاء تطبيق للناس لاستخدام ليس فقط الخدمات التي تباركها فيسبوك، ولكن أي موقع يمكن أن يكون الأمثل لاتصالات الإنترنت الجوال البدائي. وفي الوقت الذي تتعلم فيه فيسبوك، فإن جعْل خدمات الويب مقنعة وفي متناول العالم لن يكون أمرا سهلا. ويصبح من الصعب في الوقت الذي تصبح فيه شركات الإنترنت أكبر حجما وأكثر قوة، الأمر الذي يجعل الناس متشككين بشكل مفهوم بدوافعها.