بحسب مقاييس الانترنت، يُعَد البحث عبر شبكة الويب تكنولوجيا قديمة. لو كانت جوجل إنسانا، فإنها قد تكون تقريبا كبيرة في السن بما يكفي لأن تذهب إلى الجامعة. مع ذلك، تخوض الشركة صراعا على الحياة في مجال البحث، وهو مجال كانت هي من أعطاه بنية متينة. في يوم الاثنين، أجرت جوجل بضع تغييرات تهدف إلى إبقاء خدمة البحث في الويب الرائدة في العالم حديثة بما يتناسب مع التغييرات العميقة في العادات الرقمية الناجمة عن استخدام الهواتف الذكية. أولا، اتفقت كل من جوجل وفيسبوك على العمل معا كفريق للسماح لمحرك البحث جوجل وللمرة الأولى بالاستفادة من بعض النتائج لتطبيق فيسبوك. الفكرة هي أنه إذا بحث المستخدمون عبر هواتفهم الذكية عن "باراك أوباما" مثلا، يمكن لجوجل إرشادهم مباشرة إلى صفحة الرئيس في تطبيق فيسبوك. (في الوقت الحاضر، يعطي البحث رابطا للموقع المتنقل للفيسبوك، وليس التطبيق). كانت جوجل تتدافع لتحقيق مثل هذه الترتيبات - التي تعرف ب "الربط العميق" في عالم البحث - للسماح لها بأن ترى ما في داخل التطبيقات حيث يقضي الناس معظم حياتهم على الأجهزة الجوالة. يجب على جوجل أن تراجع كل تطبيق على حدة للوصول إلى مثل هذه الصفقات التي تنطوي على الربط على الجوال، وحتى الآن تعتبر فيسبوك هي أكبر جائزة للربط العميق. ثانيا: تقوم جوجل أيضا بإضافة المزيد من الطرق ليحصل مستخدمو الهواتف الذكية على إجابات على الأسئلة الصعبة التي كانت تميل إلى تشويش محرك البحث عبر الويب. وهذا من أجل مواكبة الجهود التي بذلتها جوجل خلال 3 سنوات لتقديم مربعات بيانات تتعلق بالأشخاص والأماكن وأجزاء أخرى من المعلومات. إذا وضعت سؤالا عن "كم يبلغ طول توم كروز؟" ستقدم لك جوجل الجواب، ليس بالضرورة صفحة من الروابط حيث يمكن أن يكون المستخدمون قادرين على إيجاد الجواب. (بالمناسبة: يبلغ طوله 170 سنتمترا). لدى كل من تطبيق سيري لشركة أبل والمساعد الصوتي لشركة مايكروسوفت كورتانا المهمة نفسها المتمثلة في تقديم الخدمة لنا من دون أي ضجة. كل هذا لأن الناس عبر الهاتف لا يريدون الدخول إلى روابط على الويب في الوقت الذي يكونون فيه على اتصال في مقهى ستاربكس، يريدون أن يعرفوا الآن حالا الجواب على سؤالهم. كلتا الحالتين هما جزء من الجهود التي تبذلها جوجل لتبقى على صلة لأن الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية يعيد تشكيل معنى البحث عن المعلومات. أنشأت جوجل شركة بقيمة 500 مليار دولار بأن جعلت نفسها نقطة الإنطلاق لشبكة الانترنت. على الرغم من ذلك، تكون البوابات الرئيسية في الهواتف الذكية هي التطبيقات، وليس مربع البحث. في الولاياتالمتحدة، يقضي الناس مع هواتفهم المحمولة 87 بالمائة من أوقاتهم في التطبيقات، وفقا لكومسكور، ويقضون فقط 13 بالمائة من الوقت على متصفحات الويب، حيث تسود جوجل وتلتهم معظم الأموال. يسلط التطور الأضواء على مدى عدم قدرة جوجل على البقاء مكتوفة الأيدي فيما يتعلق بأعمالها الأصلية حتى مع أن شركتها الأم (وهي مجموعة ألفابت) تقوم بتنفيذ جهود مستقبلية مثل بالونات الهواء الساخن التي تبحر في شبكة الانترنت لتصل إلى زوايا بعيدة وتساعد الناس في العيش إلى الأبد. إن عملية البحث عبر الانترنت ليست مثيرة مثل السيارات التي تقود نفسها بدون سائق، لكن الإعلانات المرتبطة بمحركات البحث تولد معظم الإيرادات السنوية لجوجل التي تبلغ 70 مليار دولار. وللمرة الأولى خلال أكثر من عقد من الزمان، تعاني هذه الشركة، التي وجدت من أجل شبكة الويب، مشاكل حقيقية بسبب البحث. تبدأ شركة أبل في السماح لمالكي جهاز الآيفون بإيجاد ما يبحثون عنه دون الحاجة للانتظار لثانية واحدة على موقع جوجل. حاول طباعة اسم تايلر سويفت في تطبيق سفاري على أحد أجهزة الآيفون، وبإمكانك الانتقال مباشرة إلى أغانيها في آي تيونز. ليست هناك حاجة لاستخدام جوجل. إذا كنت تبحث عن ساعة يد جديدة وأنت جالس على الأريكة، فمن المرجح أنك ستمسك بالهاتف وتذهب مباشرة إلى تطبيق آمازون، دون محاولة كتابة بضع كلمات في مربع البحث صغير الحجم في جوجل. يدرك مساهمو جوجل ألفابت جيدا المعضلة بالهواتف المتنقلة، والمشاعر تجاه الشركة تزداد وتتراجع جنبا إلى جنب مع المشاعر إزاء التهديد الذي يتعرض له البحث عبر الهواتف الذكية. في الوقت الحالي، هنالك تفاؤل. حتى تبقى جوجل متقدمة على العادات المتغيرة، يجب عليها أن تستمر في القتال بقوة لتكون المحطة الوحيدة لكل شيء نبحث عنه على الإنترنت. وإلا فإن الناس سوف يتعلمون كيفية الاستغناء عن جوجل.