في السنوات المقبلة، من المحتمل أن يكون هنالك بضعة مقاعد شاغرة على طاولة الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية. وفي الوقت الذي تعمل فيه المؤسسات المالية الأمريكية على ترسيخ هيمنتها على أسواق الأوراق المالية العالمية وتبدأ الطبقة المتوسطة الآخذة بالانفجار في آسيا بدفع مصارف المنطقة على خشبة المسرح العالمي، يبدو أن أوروبا ستكون من المتخلفين. من المحتمل بشكل أكبر أن التحدي القادم لبنك جيه بي مورجان تشيس سوف يأتي من الصين وليس من المملكة المتحدة أو منطقة اليورو. إن القروض العالمية البالغة قيمتها 176 مليار يورو والتي يتولاها بنك جيه بي مورجان تعادل مجموع النشاط لكل من دويتشه بانك، وباركليز، وإتش إس بي سي. في الأسهم العالمية، حققت أعلى خمسة مصارف أمريكية 166 مليار دولار من الأعمال التجارية هذا العام، أكثر من ضعف ما حققه أعلى خمسة من نظرائهم النشطين في سويسرا والاتحاد الأوروبي في الأسواق. في ما يتعلق بديون الشركات في جميع أنحاء العالم، يمتلك كل من جيه بي مورجان وبنك أمريكا ميريل لينتش حصة سوقية مشتركة تبلغ نسبتها 15.7%، بينما يمتلك كل من دويتشه بانك وباركليز حوالي 11.3%. في أعقاب الأزمة المالية، تقلصت طموحات البنوك المنافسة الأوروبية في الحصول على مكانة قوية عالميا. أشار دويتشه بانك، الذي يمكن القول إنه أفضل رهان في المنطقة ليصبح بطلا عالميا، بفعالية إلى توقف في طموحاته العالمية وذلك من خلال طرد آنشو جين، الرئيس التنفيذي المشارك، في شهر يونيو. يقول جون كريان، خليفته، إنه ليس بإمكان المصرف تحمل «رفاهية» تخصيص كتل ضخمة من رأس المال لأعمال التداول في البورصة. هذا الخريف، من المتوقع أن يعمل على تمديد تخفيضات التكاليف البالغة قيمتها 3.5 مليار يورو (3.9 مليار دولار) المعلن عنها في إبريل، رغم أنه قد يقوم بمراجعة ومعاينة خططه في تقرير الأرباح لهذا الأسبوع. طرد بنك باركليز أيضا رئيسه التنفيذي، أنتوني جنكينز، في وقت سابق من هذا الشهر. ناضل جنكينز، الذي كانت خلفيته متركزة على مصرفية التجزئة، من أجل إعادة هيكلة شعبة الخدمات المصرفية الاستثمارية. من المتوقع أن يصعِد جون ماكفارلين، رئيس مجلس الإدارة، وتيرة تقليص أنشطة القسم عندما يعلن عن أرباح البنك هذا الأسبوع. تعتبر شركة إتش إس بي سي القابضة، والتي اعتادت تسويق نفسها كبنك محلي في العالم، مؤسسة عالمية بحق. لكنها حققت 78% من أرباحها في آسيا العام الماضي، مع نسبة 3.2% فقط آتية من أوروبا. علاوة على ذلك، في إحدى الأيام قد تنفذ فعلا تهديداتها المستمرة بالانسحاب من المملكة المتحدة ونقل مقرها إلى مكان ما في آسيا، ما يؤدي إلى إخراجها تماما كلاعب أوروبي. وبنك رويال أوف اسكتلندا، المدعي الآخر في المملكة المتحدة للوصول إلى مكانة رفيعة عالميا خلال أوقات الازدهار، تم إرغامه على التقلص بعد حاجته إلى برنامج إنقاذ بأكثر من 45 مليار جنيه استرليني (70 مليار دولار). لا يزال هذا البنك تحت وصاية الحكومة البريطانية. لا تمتلك أي من الأسماء الأوروبية الأخرى التي تبرز في جداول المجموعة، مثل بنك بي إن بي باريبا في فرنسا وبنك يونيكريديت في إيطاليا وبنك سانتاندر في إسبانيا، طموحات عالمية حقيقية. يركز كل من المتنافسين السويسريين في أوروبا لنيل المكانة العالمية- يو بي إس وكريدي سويس- على إدارة الأموال لمصلحة الأغنياء بدلا من مطاردة الأرباح عن طريق تداول الأوراق المالية. قال بنك يو بي إس يوم الإثنين إن الدخل الآتي من وحدة إدارة الثروات لديه تضاعف خلال الربع الثاني. في الأسبوع الماضي قال الرئيس التنفيذي لبنك كريدي سويس، تيجين تيام، الذي تولى إدارة المصرف السويسري قبل أربعة أشهر بعد بناء حياته المهنية في مجال التأمين، إن جزءا من التفكير الوارد في البنك الاستثماري هو في التقلص، ليكون قادرا على التركيز على الأعمال التجارية الأكثر قيمة حقا لأن القوانين التنظيمية تطورت بطريقة غير داعمة أو غير مواتية. هناك بعض الوجاهة في الشكاوى الواردة من المصارف البريطانية والأوروبية والتي مفادها أن الأجهزة الإشرافية على البنوك في أوروبا أظهرت المزيد من الحماس لحل مشاكل البنوك التي هي أكبر من أن تفشل، من خلال التركيز بشكل أكبر على البنوك الكبيرة أكثر من نظرائهم الأميركيين. هذا يعني أيضا أن الحل النموذجي لهذا النوع من مشاكل الصناعة- دمج المؤسسات الأصغر حجما مع الشركات الأكبر ذات النفوذ الكافي للمنافسة عالميا- غير متوافر أو غير متاح. لعل الحل الأمثل هو فصل الأقسام الاستثمارية عن أقسام التجزئة في بنوك مثل باركليز ودويتشه بانك وسيتي جروب وغيرها، ثم السماح للأقسام الخطرة، التي تتعامل بالمصرفية الاستثمارية- بعد إخضاعها للتنظيم المناسب بالاندماج لتشكيل مؤسسات عابرة للحدود.