لا شك في أن زواجه من أعظم الابتلاءات بالنسبة لكِ، لكنه لم يفعل محرمًا، بل من الحرام فرّ، فاصبري على قضاء االله وقدره، ولقد أخبرنا الحبيب (صلى الله عليه وسلم) أن أمر المؤمن كله له خير، إن صبر على الضراء، وشكر عند السراء. وقال كذلك: «ومن يتصبّر يُصبره االله». وإنني حبًا لهذا البيت المسلم، ونصحًا لكِ، ومن خلال ما اطلعت عليه من حالات أواسيك وأوصيك: * حافظي قدر الإمكان على هدوء أعصابك، وأمسكي عليكِ لسانكِ، ولا تقابلي زوجك وأنت منفعلة. * لا تخرجي من بيتك، فإنك إن خرجت تمكّن الشيطان منكِ، وكان على التفريق أقدر. * إن كان الأمر قد تمّ فلا يجوز لك طلب طلاقها، فعند البخاري أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها». * لا توسّعي دائرة الشكوى و(الفضفضة)، ولا تجعلي كلام الناس متحكّمًا في ردة فعلك، وحطبًا لإحراق نفسك وبيتك، وابتعدي عن النساء اللاتي يهيّجن عاطفتك، فلا تتواصلي معهن في هذه الفترة. * إنه زوجك، فحقه باقٍ، وهو مسلم، فعرضه ما زال مصونًا فلا تغتابيه، ولا تظلميه، ولا تفشي له سرًا، أو تنكري معروفًا. * من الطبيعي أن تحزني وتتألمي، لكن أن يصل الأمر لإنكار الجميل وتأليب الأبناء والبنات فهذا ذنبٌ تجدين مغبته في الدنيا، وعقوبته في الآخرة. * أحسني الظن بالله فقد بشّرك بقوله: «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء»، واستعيذي به من وساوس الشيطان، واسأليه الهداية لما فيه الخير لك. * قرارك ليس خاصًا بكِ وحدكِ، بل يلقي بظلاله على مشروعك الأهم؛ الأولاد، وله تأثير على أسرتك كذلك. * لمن قررت الانفصال: فكّري في البدائل، فبعضهن أصرّت على الطلاق لأن التعدد كما تقول لا يُطاق، و(بعد ذهاب السكرة جاءت الفكرة) فلم تجد خيرًا ممن فارقته. * زوجك خير عند الله وخير في علاقته معك من زوج اختار الحرام، فكم من زوجةٍ تشتكي وتقول (أقنعوا زوجي أن يترك العلاقات المحرمة وأنا مستعدة أن أخطب له). * إياك وظلم الثانية، فما فعَلته وإن ضايقك حق شرعي، وقد تكون ابنتك أو أختك أو أنتِ مكانها يومًا ما. * اعلمي أن التنكيد حالّ بك قبله، والإسعاد عائد لك قبله. * أزيلي من ذهنك أن زواجه انتقاصٌ لك، فهذا سيجعلك أمام الآخرين بشكلٍ أفضل، وتذكّري أن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) تزوج أكثر نسائه بعد أحبهن عائشة «رضي الله عنهن جميعًا»، * زواجه لا يعني أنه لا يحبك، لكن تصرّفك قد يغيّر قلبه، فبعضهن تنكر الفضل، أو تهجر بيتها أو زوجها بعد زواجه ولا تصالح إلا على شروط، فتكسب شروطها وتخسر قلب زوجها. * لو كان التعدد في ذاته ظلمًا لكِ لما شرعه الله، إنما الظلم في عدم عدل الزوج وفي تنكّر الزوجة، فاحذري أن تبدئيه بالظلم. * كم من زوجة وحيدة لزوج يشقيها، وكم من معدّد عاشت زوجاته في كنفه نعيمًا. * سيقسم لك يومًا ولها يومًا، فاحذري أن تفسدي يومك بإحضارها في حديثك، ولومك، ونقاشك، فيكون يومًا عندها وتحضرينها أنت في اليوم الثاني. * ترصّدك ومراقبتك لزوجك وملاحقته، سيتعبك قبله، وسيفقدك قلبه. * إنك لا تدرين فقد يكون أولاد الثانية خيرًا لك من أولادك، وقد يكونون عوضًا عن أولادك بعد زمنٍ، (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا). * في مجتعنا نماذج ليست قليلة من التعدد الناجح، لكن «البيوت السعيدة لا صوت لها» فحاولي أن يكون بيتك أحدها. * إن كنتِ تتذكّرين كسر عائشة «رضي الله عنها» للصحفة، فإني أخبرك بما أخرج البخاري من أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خرج من عند زينب بنت جحش «رضي الله عنها» في ليلة زواجه منها فانطلق إلى غرفة عائشة فسلم فقالت: «وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك بارك الله لك» ثم مثلها قالت كل نسائه. أسأل الله أن يُسعدك، ويُسعد زوجك ويوفقه للعدل، ومنّي له رسالة في مقالٍ لاحق بإذن الله.