قرأت ماسطره الاخوة القراء في موضوع التعدد وحيث ان الموضوع له عدة جوانب احببت ان اشارك فيه مستندا الى بعض الادلة،، اولا وقبل كل شيء لابد من ذكر حقيقة قد اغفلها كثير من القراء, بل لم اجد احدا من القراء ذكرها الا وهي ان الاسلام جاء ليحدد عدد الزوجات وليس ليعددها ففي العهد القديم كان كل رجل يتزوج ما شاء من النساء وكان الباب مفتوحا على مصراعيه،، يقول الحارث بن قيس: اسلمت وعندي ثمان من النسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال لي (اختر منهن اربعا) وعن عبدالله بن عمر انه قال اسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يختار منهن اربعا, ويقول نوفل بن معاوية اسلمت وتحتي خمس نسوة فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم (فارق واحدة منهن) نجد ان الاسلام ليس وحده الذي اباح تعدد الزوجات ولكن وحده الذي حدد الزيجات بأربع نسوة،، فقبل الاسلام كانت اليهودية والنصرانية تبيحان التعدد الى ان حرفه رجال الكنيسة في القرن السابع عشر الميلادي مثلما قاموا بتحريف كثير من آيات العقائد الدينية وقد كان لشرلمان ملك فرنسا المعاصر للخليفتين العباسيين المهدي وهارون الرشيد زوجتان وقد اباحت الديانة اليهودية التعدد بدون تحديد قبل ان يحرفها الاحبار فقد كان لانبيائهم كيعقوب وداود وسليمان زوجات كثيرات فلا حجر على تعدد الزوجات في شريعة قديمة سبقت قبل التوراة والانجيل ولا فيهما بل هو مباح مأثور عن الانبياء انفسهم من عهد ابراهيم الخليل الى عهد الميلاد،، وجاءت الشريعة الاسلامية السمحاء لتحدد عدد الزوجات بأربع ووضعت للمعدد شروطا وسمات يجب ان يتصف ويتحلى بها فالرجل المريد للتعدد يجب ان يتحلى بالحكمة والصبر وطول البال اضافة الى الشرطين اللذين يجب ان يتصف بهما الرجل قبل التعدد وهما الصحة والمال وشرطين بعد الزواج وهما العدل في النفقة والمبيت وهذه الشروط ليست المعضلة التي لا تتوافر في جميع الرجال ولكن المعضلة ان ليس كل الرجال يتصفون بالحكمة والصبر وسعة الصدر فهناك من يملك هواه وهناك من يملكه هواه, هناك من يطلق بصره وينظر للحرام ويريد الزواج بالثانية وهناك من يغض بصره ويريد الزواج بالثانية فما هو الدافع في كلتا الحالتين، فشتان بين هذا وذاك ونجد ان الوازع الديني هو الفيصل بين الاثنين لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد) ومما لاشك فيه ان زواج التعدد هو احد حلول العنوسة في وقتنا الحاضر وليس هو الحل الاوحد اذ تختلف اسباب العنوسة كما ان العنوسة وحدها ليست هي الدافع للتعدد قال تعالى (فانحكوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة) النساء 3 قال احد القراء في تأويله لقول الله تعالى (فان خفتم الا تعدلوا فواحدة) بان هذا دليل على ان العدل بين الزوجات صعب للغاية ولا اعلم من اين اتى بهذا التأول بالرغم من ان الآية واضحة في معناها الظاهر والباطن وهو في حالة وجود الخوف من عدم العدل لدى مريد التعدد فزوجة واحدة،، وهل الخوف من عدم العدل موجود لدى كل الرجال حتى يكون صعبا للغاية؟ وقد يحتج البعض بقول الله تعالى (ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) النساء 129 قال ابن عباس في تفسيرها لا تستطيع ان تعدل بالشهوة بينهن ولو حرصت. وفي رواية اخرى قال يعني في الحب والجماع رواهما الطبري في تفسيره قال الشيخ الشنقيطي في (اضواء البيان) هذا العدل الذي ذكر الله تعالى هنا انه لا يستطاع هو العدل في المحبة والميل الطبيعي لانه ليس تحت قدرة البشر بخلاف العدل في الحقوق الشرعية فانه مستطاع وقد اشار تعالى الى هذا بقوله (فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ماملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا) عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول (اللهم هذه قسمتي فيما املك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) قال ابو داوود يعني القلب والحديث رواه اصحاب السنن الأربعة, فالقلوب بين اصبعين من اصابع الله يقلبهما كيف يشاء ولم تقصد الاية الكريمة السابقة استحالة العدل في النفقة والمبيت ولكن في مقدار المحبة والميل للزوجة الاخرى, لهذا قال تعالى (فلا تميلوا كل الميل) النساء 129 ففي هذه الآية نهي عن كل الميل مع الإعذار عن بعض الميل وهذا الميل اساسه ودوافعه الحب فالزوجة عليها حسن التبعل كي تنال حب الزوج واجر الرحمن عز وجل ذكر ابن عبدالبر في (الاستيعاب) في ترجمة اسماء بنت يزيد انها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ان ذكرت له ان الرجال فضلوا على النساء بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد وان النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت ومواضع شهوات الرجال وحاملات اولادهم قالت أفنشاركهم في الاجر يارسول الله؟ فقال لها (انصرفي يا أسماء واعلمي من وراءك من النساء ان حسن تبعل احداكن لزوجها وطلبها لمرضاته واتباعها لموافقته يعدل كل ماذكرت للرجال) فهل يامعشر النساء بعد هذا الاجر من اجر, وان لم تنل الزوجة شيئا من حب الزوج وعدله في النفقة والمبيت بعد حسن تبعل فعليها بالصبر لان الاجر من عند الله وليس من عند الزوج واذا لم تطق الصبر فلتطلب الطلاق فكثير من الناس لايتبصرون بحال المتقدم قبل الزواج ولكن يحسنون التشكي بعد الزواج ويذمون في التعدد وفي جميع الرجال وهذا عيب فيهم, ان مايقرأ او يسمع من الاخبار السيئة عن المعددين ليس بمقياس على الكل, ولم نسمع بمن هو في سعادة مع التعدد, قد نشرت اخباره بحجم ذكر المسيئين في التعدد, ولكن مايتداوله الناس في هذا الخصوص هدفه العبرة والعظة من هذا التعدد في الغالب وليتهم تداولوا القدوة في حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته رضي الله عنهن قال تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) الاحزاب 21 ففي صحيح البخاري 5225 (حدثنا علي حدثا ابن عليه عن حميد عن انس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فارسلت احدى امهات المؤمنين بصحفه فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت امكم, ثم حبس الخادم حتى اتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة الى التي كسرت صحفتها وامسك المكسورة في بيت التي كسرت) هذه الحكمة وامثالها من الحكم لماذا تتجاهلها المجالس وتتداول مشاكل الناس الذين اخفقوا مع زوجاتهم ووضعوا المشكلة في التعدد بدلا من التبصر في المخفق نفسه, جعلوا التعدد سبيل عبرة وعظة فأصابهم الاعتبار واتعظوا من التعدد ولم يجعلوا الرسول لهم قدوة وغاب عنهم الاقتداء فغلب لديهم حب العبرة الاقتداء وكان الاقتداء اولى ولو من باب التأييد،، وهل النساء متشابهات في امزجتهن وحياتهن وطهيهن وتبعلهن وفي طاعة ازواجهن وفي اشكالهن وحبهن وحسن تبعلهن بل انك تجد البون الشاسع وان كل واحدة منهن لها طريقتها في الحياة وهذا دافع قوي للتعدد وللميل اليهن ايضا اذ ان الرجل ليس ملكا للمرأة بل المرأة هي ملك للرجل وتابعة له ولكن كثيرا من النساء حتى اللاتي لا يمانعن في التعدد في كتاباتهن نجد انهن يرين ان كل الرجال سواء واقل من ان يعدلوا كأنهن يقلن نعم التعدد مشروع الا ان رجالنا ليسوا أكءفاءللتعدد وان الذين يعدلون قد ماتوا والمعدد صفته كذا وكذا ويضعون مواصفات قد لايرينها في ازواجهن فيكن في قمة التناقض وكل واحدة تخشى ان تقول عليها فلانة كذا وكذا وهذا مايخشينه وبعضهن بالاضافة الى ماذكر تخشى ان يرى زوجها في الاخرى ما عجزت هي عنه من لين للمعشر وحمد لله في السراء والضراء وحسن استقبال ودعاء حين الخروج وكثير مما لاحصر له ونذكر مثالا على ذلك ابراهيم الخليل عليه السلام حينما نصح ابنه اسماعيل بان يغير عتبة بابه اي زوجته وهي تلك التي كانت تشتكي من ضيق العيش وهذا احد الطباع السيئة لدى النساء, إن تعدد الزوجات منسجم مع عموم تعاليم الشريعة لانها حرمت الزنا وشددت في تحريمه ثم فتحت بابا مشروعا من وجه اخر الا وهو النكاح وأباحت التعدد فيه, فمنع التعدد يفتح باب الزنا لان عدد النساء يفوق عدد الرجال وفي وقتنا الحاضر كثرت الحروب والحوادث والامراض فقصر الزواج على امرأة واحدة يؤدي الى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج مما يسبب سلبيات كبيرة من الضيق النفسي وبيع الاعراض وانتشار السفاح وضياع النسل،، ان كثرة النساء بلا ازواج من عوانس ومطلقات وأرامل آخذة في الزيادة طوعا او كرها وسيكون يوما من الايام زواج التعدد هو الحل الوحيد, وفي آخر الزمان يكون التعدد حلا جزئيا فقط حتى ولو تزوج الرجل بأربع،، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (في آخر الزمان يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) رواه البخاري ومسلم وغيرهما اننا نجد ان اختلاف المرأة والرجل من حيث استعدادهما للمعاشرة سبب ودافع للتعدد فالمرأة لها دورتها الشهرية في كل شهر ونفاس ففي هاتين الفترتين محظورة شرعا, وفي فترة الحمل يضعف استعدادها ايضا اما الرجل فاستعداده واحد طوال الشهر والعام كما ان الشريعة السمحاء قدرت الغرائز حق تقديرها من زيادة عدد النساء على الرجال كما ان من مقاصد الزواج حفظ النوع الانساني واستمرار التناسل البشري ثم ان قدرة الرجل على الانجاب اوسع بكثير من قدرة المرأة حيث ان المرأة يقف عندها الانجاب في حدود الاربعين فلو حرم على الرجل الزيادة على الواحدة لتعطلت وظيفة النسل اكثر من نصف العمر ولنرى الغرب كيف اصبح بهم الحال من شيوع الزنا وكثرة ابناء السفاح وقتل الاجنة، فكثير من النساء هداهن الله يخضن في مواضيع التعدد دون النظر الى الاهداف السامية التي ترمي اليها الشريعة من حفظ لكرامة المرأة من الضياع وقد اخذتهن العاطفة الى الخوف من هذا التعدد وكان عليهن إراحة عقولهن من هذا التشاؤم, فما اراد الله كائن والزواج قسمة ونصيب والخيرة فيما اختاره الله فلا تجادل الزوجة فيما لاخيار لها فيه ولا شور ولا يعتبر الشرع برأيها فيه ولا يسأل الزوج المريد للتعدد عن رأي زوجته الاولى اهي راضية ام لا فنقاش المرأة في هذا الموضوع فيه مضيعة للوقت ورأي غير معتبر به فما الفائدة من الجدال العقيم قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم) الاحزاب 36 وان المرأة بطبيعتها حينما تقف برأيها ضد التعدد او تصعب فيه انما هي في الحقيقة تظلم أختها المسلمة التي بدون زوج وتقف ضدها وكأنها تزيد حالها من سيئ الى اسوأ ومن عالم الوحدة الى عالم النسيان.