قام كل من لاري سمرز ولانت بريتشت بكتابة ورقة بحثية تنبأت بتباطؤ النمو والتطور في الصين. وفي عام 2013، كتب باري أيشين جرين، ودنجوين بارك، وكوانهو شن، ورقة بحثية تحمل نفس الرسالة السابقة بحيث إنها تنبأت بشكل دقيق بالتباطؤ الذي حصل في الفترة الأخيرة في الصين من نسبة نمو تبلغ 10 في المائة في السنة، إلى حوالي 7.5 في المائة. في الحقيقة، يتوقع النموذج الأساسي للنمو الاقتصادي، وهو نموذج سولوف، أن نمو الدولة الاقتصادي يتباطأ كلما أصبحت أكثر ثراء. نعم، إن الحجة التي تقيم الدليل على التباطؤ الحاصل في الصين هي قضية لا تقبل الجدل هنا. بالنسبة لكثير من النقاد والخبراء، فإن هذا يعني أن الصين كغيرها من الدول مثل الاتحاد السوفيتي واليابان من قبلها لا تشكل أي تهديد على وضع الولاياتالمتحدةالأمريكية لتحل محلها كأكبر اقتصاد في العالم. على سبيل المثال، يذكر نيل إيروين في نيويورك تايمز: «ضع جانبا التحديات التي تواجهها الصين خلال الربع الحالي، أو في السنة القادمة، فستجد أن هناك رأيا سائدا مفاده أن الصين تعتبر طاغوتا اقتصاديا طويل الأمد سوف يهيمن على الاقتصاد العالمي في وقت لاحق. «منذ عدة سنوات وحتى الآن، قرأت في الكثير من الكتب والمجلات والدوريات المعروفة عن القرن الصيني الذي على ما يبدو نعيش فيه الآن. وقد قدمت الكثير من الدوريات المعروفة والمختصة بالسياسة الخارجية جهدا واضحا في استكشاف ما يعنيه بروز الصين وهيمنتها على كل من الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية، آخذة بعين الاعتبار أن الصين سوف تكون القوة المهيمنة خلال القرن القادم. «توقع المحللون في السابق أن اقتصاد الاتحاد السوفيتي سوف يتجاوز خلال فترة قصيرة الاقتصاد الأمريكي في فترة الستينيات، وأن الاقتصاد الياباني سوف يسلك الطريق ذاته خلال الثمانينيات، وأن الولاياتالمتحدة قد حققت حقبة جديدة من النمو السريع الدائم في أواخر التسعينيات. وكل تلك التوقعات لم تتحقق.» بالتأكيد سوف تتباطأ الصين، ولكن المقارنة مع كل من الاتحاد السوفيتي واليابان تعد غير سليمة لسبب بسيط جدا: وهو الحجم. تعد الصين بلدا ضخما جدا بحيث إنه يحتاج مصيبة أسوأ بكثير من تلك التي أصابت اليابان أو الاتحاد السوفيتي حتى يتوقف عن أن يصبح أكبر اقتصاد في العالم. في عام 2013 وصل عدد سكان الصين إلى 1.357 مليار نسمة، بينما كان عدد سكان أمريكا 316 مليون نسمة. وهذا يمثل نسبة 4.29 إلى 1. ولمساعدة القارئ على فهم تفاوت الأحجام الوارد هنا علينا تخيل أمريكا على أنها رجل أمريكي عاد يزن 191 رطلاً، وإذا اعتبرنا أن عدد السكان يمثل الوزن فإن وزن الصين عندها يعادل وزن دب كبير يزن 819 رطلاً. ولصياغتها بطريقة أخرى، تخيل أن أمريكا تمثل المقر الرئيسي لمبنى بنك جيه بي مورجان تشيس في نيويورك، الذي يبلغ طوله 215 مترا. إذا اعتبرنا أن عدد السكان يمثل الارتفاع، فإن طول الصين عندها سوف يزيد بمقدار 316 قدماً عن ارتفاع برج خليفة الذي يبلغ طوله 2717 قدما، والذي يعتبر أعلى مبنى في العالم. بالطبع، لا يمكن اعتبار عدد السكان أو الناتج المحلي الإجمالي أوزانا أو أطوالا، لذلك علينا استخدام مصطلحات أكثر واقعية. إليك الحقيقة التالية: إذا حصل كل شخص صيني في سن العمل على وظيفة بواقع 40 ساعة في الأسبوع فإن هؤلاء العاملين يحتاجون فقط إلى أن يحصلوا على 9.15 دولار في الساعة لمساعدة اقتصادهم على أن يكون أكبر من اقتصاد الولاياتالمتحدة. ولكن ماذا عن المقارنات بالاتحاد السوفيتي؟ إذا كان نصيب الفرد في الصين مشابها لمستوى نصيب الفرد في روسيا اليوم فإن اقتصاد الصين سيكون أكبر من اقتصاد أمريكا بنسبة 20 في المائة. بعبارة أخرى، حتى لو أصاب الصين انهيار مشابه لما حدث في الاتحاد السوفيتي فإنه لن يعيقها عن التقدم لتصبح القوة الاقتصادية المسيطرة في العالم. أما السبب فهو بكل بساطة أن الصين ضخمة جدا بشكل لا يصدقه العقل. من أجل ألا تصبح الصين القوة الاقتصادية الأكبر في العالم لا يلزمها فقط أن تتباطأ، وإنما تحتاج لانهيار أكبر من أي مستوى شهدناه خلال تاريخ العالم الحديث، باستثناء زيمبابوي وكوريا الشمالية، وهذا ليس مستحيلا ولكنه يبدو غير محتمل. في الحقيقة، يمكن القول إن الصين تعتبر فعليا القوة الاقتصادية الأضخم في العالم، وهي الأكبر أيضا من حيث معادِل القوة الشرائية، والتي يمكن القول إنها المقياس الأفضل للمواد التي تستطيع الصين شراءها. تعتبر الصين أكبر بلد من حيث التجارة، والمصنّع الأكبر في العالم. لذلك فإن أولئك الذين يجادلون أن هيمنة الصين الاقتصادية ليست حتمية هم إما يراوغون حول جانب فني أو يتناسون أهم حقيقة، وإن كانت بسيطة، تتعلق بحجم الصين الضخم.