حذر خبراء الاقتصاد من أن العام المقبل سيكون متقلباً اقتصادياً، متوقعين أن ينذر بحروب تجارية، في ضوء تحذيرات مسؤولين دوليين من أن دول العالم سواء المتقدمة أو الناشئة وحتى الفقيرة لن تكون بمنأى عن أزمة منطقة اليورو. وقال الخبراء إن التوقعات الاقتصادية للعام 2012 لا تبشر بخير. كساد اقتصادي ووصف أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك نيوريل روبيني، العام المقبل بأنه عام «التقلبات المتلاحقة»، مفيداً أن توقعات الاقتصاد الدولي في العام المقبل واضحة تماماً، لكنها لا تبشر كثيراً بالخير. وقال إن كل ما ستحصل عليه الولاياتالمتحدة هو مستوى للنمو مصاب بالأنيميا وتباطؤ شديد في الصين وفي معظم الاقتصادات الناشئة، وستتأثر اقتصادات أمريكا اللاتينية بانخفاض أسعار السلع خاصة مع دخول الصين في مرحلة متقدمة من التباطؤ. شرق أوسط ملتهب وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، توقع روبيني أن الدول التي تشهد اضطرابات سياسية ستتعرض لمخاطر كبيرة، ومع انتشار المخاطر الجيو-سياسية، فإن أسعار النفط المرتفعة ستؤدي للمزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمي.وأضاف أستاذ الاقتصاد الذي تنبأ بالأزمة المالية في 2008 وحذر منها مبكراً، أنه في مثل هذه الظروف فلا مناص من أن تتعرض منطقة اليورو لكساد اقتصادي، وعلى الرغم من أنه من الصعب تحديد مدى وعمق هذا الكساد إلا أن أزمة الائتمان ستستمر، وكذلك أزمة الديون السيادية، بالإضافة لنقص القدرة على المنافسة واتخاذ إجراءات تقشفية شديدة، وهو ما سيؤدى لتراجع شديد في معدلات النمو. تعويم العملة ونصح روبيني باتخاذ إجراءات لتخفيض معدلات الطلب المحلى في الدول كثيرة الإنفاق، التي تعاني من خلل كبير في حساباتها الجارية وميزانها التجاري وتراجع معدلات الادخار، وذلك عبر إجراءات تعويم العملة، وحتى يمكن لهذه الدول أن تتمكن من استعادة شيء من معدلات النمو فعليها -حسب رؤيته- أن تعمل على خفض أسعار العملة وتحسين الميزان التجاري والطلب الداخلي خصوصاً الاستهلاكي، لكنه لا يتوقع أن تعمل هذه البلدان على هذا النحو؛ لأنها تتباطأ في اتخاذ أي إجراءات خاصة بالعملة، مع رفض بعض الدول ذات الكفاية الإنتاجية تعديل معدلات صرف العملة. مخاطر الاقتصاد الأمريكي من جهته، رأى الخبير الاقتصادي ورئيس جامعة هارفارد سابقاً محمد العريان، أن الاقتصاد الأمريكي الذي تحبو فيه معدلات النمو منذ عام 2010 سيتعرض لمخاطر كبيرة بسبب أزمة منطقة اليورو، وسيكون على الأمريكيين الرضا بالتراجع المالي الذي سيحل بهم، مع استمرار أزمة البطالة وتراجع معدلات الدخل بما سيؤدى لزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي للمزيد من الأزمات السياسية. ولفت إلى أن في بريطانيا -مثلها مثل العديد من الاقتصادات المتقدمة- ستتراجع معدلات النمو بسبب أزمة منطقة اليورو ومحاولات التماسك المالي. فشل الإصلاح الياباني وتوقع أن تفشل حكومة اليابان في تنفيذ خطط الإصلاح الهيكلي، فيما يبدو واضحاً للعيان الخلل في الاقتصاد الصيني الموجه للتصدير في الوقت الذي ستنخفض فيه أسعار العقارات لدى بكين متسببة في ردود فعل متلاحقة ذات تأثير سلبي على دخل المصنعين والمستثمرين والحكومة، ومن ثم ستصل حالة البناء الهائلة التي شهدتها الصين إلى مرحلة التباطؤ، وهي نفس الحال التي ستصيب قطاع التصدير، مع تراجع الطلب في الولاياتالمتحدة وأوروبا. أعباء جديدة وأشار العريان إلى أن كل الخطط الخاصة بالإصلاح الاقتصادي والمالي وإصلاح الموازنة، التي تم تأجيلها في أوروبا وأمريكا واليابان وحتى الصين، ستزداد أهميتها العام المقبل من أجل استعادة القدرة على إحراز نمو متوازن ومستمر، مفيداً أنه مع انخفاض معدلات التوظيف وزيادة أعداد العمال المسرحين ستزداد الاضطرابات السياسية والاجتماعية وهو ما سيضيف أعباء جديدة على الاقتصاد. خفض الموازنة من جهتهم، رأى خبراء مجموعة أكسفورد للاستشارات الاقتصادية، أن إجراءات خفض الموازنة سيكون من الصعب تحقيقها مع ارتفاع الدين ونقص موارد الموازنة والإجراءات المالية المتشددة التي ستتخذها أوروبا، وتجد الكثير من الحكومات الضعيفة -حسب المجموعة- صعوبة شديدة في وضع خطط تعاون دولي بهذا الشأن، حيث يتفجر الصراع سريعاً ما بين مصالح الدول المتقدمة والاقتصادات الناهضة.