... نحن قوم لا نحب التغيير.. هكذا خلقنا الله في عالمنا العربي من الماء إلى الماء لا نغير ولا نتغير من المهد إلى اللحد وقد تكون تلك حسنة.. وقد تكون العكس تماما.. .. وصاحبي هذا الذي يأتي صوته حيا.. صاخبا.. راكضا لم يتغير انه هو – هو – انه لا يزال كما هو يتسلق الحيطان.. ويغازل بنت الجيران.. ويقف على الشطآن ويستقبل الريح والمطر كأغصان الشجر.. كان يأتي في صباحاتنا الجميلة كذلك النبت البري في كل مكان يبزغ من شقوق الأرض.. ويصعد إلى أعلى بدون قيود أو حدود. .. حتى في مواسم الجفاف كان ينتصب كالغصن العاري في شموخ الفقراء والبؤساء والصامدين والحامدين والباحثين عن أصول جذورهم وارتباطهم بالأرض التي يقفون عليها.. .. كان يعانق كل صباح زهور الوادي.. وتعرف قدماه طريقهما إلى أعلى الجبل ومدرجاته الخضراء.. المزروعة بشجر المانجو والتين.. وكان يعرف من رائحة الشجر موعد قدوم الأمطار ويعرف ملامح السحب ودموعها وكثافة حزنها.. .. وكان لا يهمه من يأتي.. ولا من يذهب وعندما تشتعل النيران وتهتز حوله الأرض.. كان هذا الثابت ثبوت جبال بلاده ينام ملء جفنيه.. ويستغفر الله كثيرا.. ويصحو مع تباشير الفجر الأولى، ويقفز بمرح على إيقاع قطرات الماء.. ولم يكن يجهد طويلا في البحث عن رزقه.. هذا الرجل الأخضر.. الطيب.. ابن الطيب لا يزال موجودا كعادته يتخذ له مقعدا تحت نخلة سامقة من نخيل الإحساء أو يستظل تحت شجرة في بساتين القصيم... هذا الرجل الأخضر.. الطيب.. ابن الطيب لا يزال موجودا كعادته يتخذ له مقعدا تحت نخلة سامقة من نخيل الإحساء أو يستظل تحت شجرة في بساتين القصيم.. أو تراه يغني على رأس جبل اخضر في فيفاء أو السودة.. أو جبال بني مالك.. أو جبال السراة.. انه يجمع بصوته لا بعصاه كل القطيع.. ما كان صاحبي هذا يعرف عقوق الغنم كانت تتبعه إلى كهوف الجبل عندما يشتد هطول الأمطار كانت تعرف لغته وتستجيب لندائه. المهم البعض اليوم يرى أن كل شيء قد تغير.. السهل والجبل والعشب والماشية والراعي لقد برمج السماد والمكن الأرض والإنسان والحيوان.. لقد تغيرت الدنيا.. ولكني اعتقد أن وفاء الرجال لتراب هذه الأرض الخيرة لم يتغير..