تمثل أشجار الأرز التي تعلو الجبال شامخة بالنسبة للكثير من اللبنانيين رمزاً لاستمرارية أراضيهم. لكن بعض خبراء البيئة يشعرون بالقلق من أن ظاهرة الاحتباس الحراري أضحت تشكل تهديداً جدياً على الأشجار. وقال (نزار هاني) المنسق العلمي لمحمية ارز الباروك الطبيعية بجبال الشوف "التحدي الأكبر الآن بالنسبة للأرز في لبنان هو التغير المناخي". ولا يقطع سكون هذا الملاذ الذي يقع على بعد 90دقيقة بالسيارة من صخب بيروت الجنوني الا همهمة الحشرات وحفيف النسيم عبر أغصان الأرز. ويقول هاني إن النطاق الجغرافي/المناخي لنمو الأرز يتراوح بين 1200و 1800متر فوق مستوى سطح البحر. أي أن الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة يضر بهذا النوع من الأشجار الذي يحتاج لبيئة باردة وجافة. ولا تغطي أشجار الأرز الآن سوى خمسة آلاف فدان في لبنان حيث لا توجد الا في 12معقلا على ارتفاع عال من مستوى سطح البحر. وتخضع كل أشجار الأرز الآن تقريباً للحماية. وأشجار أرز الباروك مزدهرة وتتوالد طبيعياً. اما ابناء عمومتها الأكبر حجماً وسناً الموجودة في بستان محاط بأسوار قرب بشري في الشمال فأشهر منها لكن لم يبق منها الا القليل. ويعتقد أن أعمار بعضها تتجاوز الألفي عام. وتلفت رانيا المصري وهي أستاذة البيئة المساعدة بجامعة البلمند قرب بيروت إلى أن طول عمر الأرز اللبناني لا يعطيه حصانة ضد التغير المناخي. وتضيف "هذه هي الأوجه التي يمكن أن يؤثر عليها التغير المناخي بشدة خاصة في هذه المنطقة... من الممكن ان يحدث انخفاض كبير في الرطوبة أو في مستوى انهمار الأمطار". ومضت تقول إن أشجار الأرز تمثل جزءاً من بيئة لبنانية خاضعة لضغوط متعددة من صنع الانسان لا تقتصر على التغير المناخي وتشير إلى أن قلقها على أشجار الأرز في لبنان يساوي قلقها على الأوضاع البيئية الأخرى في لبنان، ولكن ليس أكثر منه. منذ عشر سنوات كانت الحشرات تدمر الأرز في تنورين بشمال لبنان. وربط باحثون بين هذه الإصابة بحشرة تتغذى على الأخشاب وبين التغيرات في درجة الحرارة ورطوبة التربة. غير أنه تمت السيطرة على هذه الإصابة في نهاية المطاف. وكان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قد قاد جهود الحفاظ على أرز الباروك التي أصبحت محمية طبيعية منذ عام 1996.وهي تغطي مساحة 160كيلومتراً مربعاً أي 1.5في المئة من جملة اراضي لبنان وتحتوي على ربع غاباته من الأرز. ويقول هاني "عادة ما يموت رأس الشجرة بعد أن يبلغ طولها سبعة أمتار أو ثمانية. هذه حالة طبيعية وليست مرضاً لأن خزان المياه تحت الأرض لا يستطيع تغذية الشجرة لأبعد من ذلك الارتفاع... هذا هو الفرق بين الأرز اللبناني في لبنان وفي أماكن أخرى". وتابع قائلاً "اذا زرعت ارزاً لبنانياً في مكان به المزيد من المياه والجليد لا تستطيع أن ترى هذا الشكل الموجود على العلم". واعترف هاني بأن "الوضع في البلاد ما زال غير هادىء... ليس بالنسبة مئة في المئة... نأمل أن تكون الأشهر القليلة القادمة اكثر هدوءاً وأن يأتي الناس الى هنا للاستمتاع بالطبيعة في لبنان". @(رويترز)