الحقوق الزوجية يقابلها الواجبات الزوجية على كلا الزوجين تجاه بعضهما البعض. الرجال لهم درجة على النساء.. لكنها مسألة تكليف وليس مسألة تعنيف وكراهية للزوجة. الوسائل التي وضعها الاسلام للعيش في امان ومحبة بين الزوجين.. لا يعلى عليها في القوانين.. وقد اوصى الاسلام بالنساء خيرا.. وجعل الحياة الزوجية (رباطا مقدسا).. وميثاقا غليظا.. من هنا شرع حقوقا وواجبات وجعلها مفروضة, فليس للزوج ان يفضل زوجته.. او يسيء عشرتها, او يظلمها في حال التعدد المشروع.. وليس لولي الامر عدم تزويج ابنته من اجل مكسب مادي.. ولا من حقه السفر وترك الزوجة لمدة طويلة.. ثم يبيح لنفسه ما حرم الله. هذه المعاني العظيمة وغيرها جاءت في محاضرة الشيخ عبدالرحمن العبيد رئيس نادي المنطقة الشرقية الادبي ضمن سلسلة من الندوات والمحاضرات التي يحييها فضيلته في غمار التوعية الاجتماعية التي اخذها على عاتقه. بدأ الشيخ العبيد محاضرته مبينا الحقوق المترتبة على الزوج تجاه زوجته وهي: 1- حسن معاشرة الزوجة حتى مع الكراهة. قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا). اي فعسى ان صبرتم على امساكهن مع الكراهة فيه ان يكون في ذلك خير كثير لكم في الدنيا والآخرة كما قال ابن عباس في هذه الآية: (هو ان يعطف عليها فيرزق منها بولد ويكون فيه خير كثير). ا ه واكد ان لكل من الزوجين حقه المشروع الثابت في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولكن حق الزوج اعظم, قال في شرح المنتهى: وحق الزوج اعظم من حقها عليه لقوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - (اي في الفضيلة, وفي الخلق والمنزلة وطاعة الامر والانفاق والقيام بالمصالح, والفضل في الدنيا والآخرة). وحديث: (لو كنت آمرا احدا ان يسجد لاحد, لأمرت النساء ان يسجدن لازواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق). 2- الوفاء بالشروط التي التزم بها في العقد. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ان احق الشروط ان توفى به ما استحللتم به الفروج). متفق عليه. واعظم هذه الشروط حسن العشرة, والامساك بمعروف او التسريح باحسان.. حتى لا تتعرض المرأة للاهانة او الاساءة والتسلط من الرجل. 3- الوفاء بمهرها وهو الصداق المتفق عليه على ألا يماطلها مع استمرار النفقة عليها وحقها في الاطعام والكسوة والسكن بالمعروف. قال تعالى في حق النفقة: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كفى بالمرء اثما ان يضيع من يقوت). وقال تعالى في السكن: (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن). وقد اوجبه الله في هذه الآية للمطلقة وهو للمرأة التي في عصمة الرجل اولى ويدخل في النفقة تطبيبها اذا مرضت وعلاجها. 5- معاملتها بالحسنى امتثالا لامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم, اخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله). ومن ذلك التلطف معها ومداعبتها. ومراعاة حالها وضعفها, لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - اخبر ان المرأة خلقت من ضلع اعوج. وقدوة المسلم هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع زوجاته وتصرفاته, قال ابن كثير في تفسيره (وعاشروهن بالمعروف): (اي طيبوا اقوالكم لهن, وحسنوا افعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل انت بها مثله, كما قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لأهلي). وكان من اخلاقه - صلى الله عليه وسلم - انه جميل العشرة, دائم البشر, يداعب اهله ويتلطف بهم ويوسع لهم نفقته, ويضاحك نساءه حتى انه كان يسابق عائشة يتودد اليها بذلك, ويجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء في بعض الاحيان, ثم تنصرف كل واحدة الى منزلها. 6- ومن الواجبات تعليمها, وتأديبها, والغيرة عليها. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا), وقال - صلى الله عليه وسلم - (خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي). وقال - صلى الله عليه وسلم - (إذا استيقظ الرجل في الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات). وعلى الرجل ان يحفظ زوجته عن كل ما يضرها من الغير او منه هو وقد سمع الله المرأة التي تشتكي زوجها, وانزل في ذلك قرآنا يتلى الى يوم القيامة. 7- ومما يجب على العبد العدل في التعامل لاسيما مع وجود زوجة اخرى وألا يختار من نسائه من يسافر بها, وانما يقرع بينهن وفي الحديث الصحيح: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذا اراد السفر اقرع بين نسائه, فمن خرجت لها القرعة خرج بها معه). ومتى تزوج بكرا ويملك غيرها اقام عندها سبعا, وان تزوج ثيبا فثلاثا ثم يقسم بين زوجاته, ومن ذلك العدل في قسم الرجل بين زوجاته, وفي الحديث: (ان المقسطين على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم واهلهم وما ولوا), وقال - صلى الله عليه وسلم - (اللهم هذا قسمي فيما املك فلا تلمني فيما تملك ولا املك) وقضاء حقها في الفراش وعدم تركها مدة تتأذى بها, وله ان يستمتع بها مادامت اهلا لذلك شرعا مالم يضرها. ويشغلها عن الفرائض. ويحرم عزله عنها بلا اذنها قاله في المقنع. كما يحرم اتيانها في المحيض والدبر, قال تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن). وقال تعالى: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله). 9- ومن الواجبات التي على الرجل التدرج في التأديب, ومن عصته زوجته وعظها اي خوفها الله عز وجل, وذكر لها ما اوجب عليها من الحق والطاعة, وما يلحقها بالمخالفة من الاثم, وسقوط النفقة والكسوة, وما يباح في هجرها وضربها في حالة النشوز, فان اصرت هجرها في المضجع ما شاء, وفي الكلام ثلاثة ايام لا غيرها, فان اصرت ضربها ضربا غير شديد, ويمنع من ذلك ان كان مانعا لحقها, فان اطاعت والا بعث القاضي حكما من اهله اي الزوج وحكما من اهلها فينظران ممن الضرر. وألا تدخل الى بيته الا من يرضاه وعليها ان تفعل ما يرغبه مما لايشق عليها, قال - صلى الله عليه وسلم - (خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك, وإذا امرتها أطاعتك, وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك). وقال - صلى الله عليه وسلم - (والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها). متفق عليه. واكد المحاضر على ضرورة التسامح بين الزوجين وعدم التشدد فقال ذاكرا قول شيخ الاسلام ابن تيمية: (والصحيح الذي عليه اكثر نصوص احمد, وعليه اكثر السلف ان ما يوجب العقد لكل واحد من الزوجين على الآخر كالنفقة والاستمتاع والمبيت للمرأة وكالاستمتاع للزوج ليس بمقدر, بل المرجع في ذلك للعرف, كما دل عليه الكتاب في مثل قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). والسنة في مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لهند: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف). واذا تنازع الزوجان فرضه الحاكم باجتهاده). واضاف يقول الاولى تسامح الطرفين وعدم التشدد, وبذلك تستقيم الامور وتصلح الاحوال وتسعد الاسرة وتحلو العشرة وتسود الرحمة. قال تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم) الآية, وقال تعالى: (والصلح خير). والله اعلم. حقوق الرجل على المرأة ثانيا: الحق الذي على المرأة لزوجها يلخص بما يلي: 1- المرأة بعد العقد يجب تسليمها لزوجها اذا طلبها, وله ان يسافر بها الى بلده الا ان اشترط عليه البقاء في بلدها. 2- لا يجوز ان تتطوع بصلاة او صيام او حج الا باذنه واما الفرض فلا. 3- يحرم عليها الخروج بدون اذنه, ويستحب اذنه لها في عيادة والديها. قاله الامام احمد - رحمه الله - وتخرج لحاجة ماسة لازمة لها. 4- ولا يلزمها طاعة ابيها وامها في مخالفة زوجها, لان طاعة الزوج بعد العقد اولى قال احمد: طاعة زوجها اوجب عليها من امها الا ان يأذن لها) فعليها طاعته بالمعروف, لان القوامة للرجل قال - صلى الله عليه وسلم - (اذا صلت المرأة خمسها, وصامت شهرها, واطاعت زوجها, وحفظت فرجها دخلت جنة ربها). 5- التسليم بقوامة الرجل ورئاسته قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم) قال ابن كثير: (اي الرجل رئيس المرأة وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها اذا اعوجت, ويدل على ذلك ان النبوة والملك المعظم للرجال دون النساء وفي الحديث الصحيح (لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة). 6- وعليها خدمة زوجها بالمعروف, وما تقدر عليه من عمل طبخ والمنزل مما تعارف عليه الناس, والقرار في بيته, وتدبير منزله, وحضانة الاطفال. 7- وعليها ان تحفظ ماله وتصون عرضه امتثالا لقوله تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله). ومعنى قانتات : أي مطيعات لأزواجهن كما قال ابن كثير - رحمه الله -. 8- ويشرع للمرأة ان تتزين لزوجها وتتودد له. واضاف العبيد موضحا حجم المسؤولية الملقاة على الزوجين من تربية الابناء, وتخريج الجيل الصالح الذي يبني ويسعى في الخير. واشار رئيس النادي الى ان فشل كثير من البيوت سببه جهل الزوجين او احدهما بالحقوق والواجبات المترتبة عليهما تجاه بعضهما البعض وقال: ان 45% من الزواج يتحول الى طلاق بسبب عدم التفقه في دين الله, وبسبب عدم القيام بالحقوق والواجبات من قبل الزوجين. وعن ضرر الاختلاط بين الرجال والنساء اكد العبيد ان ديننا الاسلامي الحنيف يمنع الاختلاط, وذكر انه مصيبة جنت من وراءها المجتمعات التي تساهلت به الويلات والمصائب. وشدد على طاعة الزوجة لزوجها مبينا ان الخروج من البيت بدون اذنه ليس من حقها, وذكر النساء بأهمية التسليم لقوامة الرجل مبينا ان القوامة اصلا مسؤولية يجب على الرجال الوفاء بها.. وقال: هذا يسعد البيوت الزوجية. واشار الى ان المراة نصف المجتمع فالقيام بتربيتها والحفاظ عليها وتعليمها احكام دينها.. يجعلها تصون نصف المجتمع. وفي ختام محاضرته: افصح عن مخاطر تربية الاهل بالفضائيات وقال: ان مخاطرها يتحملها الرجل. على هامش المحاضرة المحاضرة اقيمت بمسجد الحواس بحي الزهور بالدمام. نظم المحاضرة مركز الدعوة والارشاد بالدمام. كان من المقرر حضور الشيخ الداعية أحمد الصايل مع فضيلة الشيخ عبدالرحمن العبيد لكن وفاة احد اقاربه بالاحساء منعه من الحضور. عدد الحضور كان طيبا.. والمحاضرة شدت الجمهور.. حيث لم يخرج احد حتى انتهت المحاضرة.. وكان غالبية الحضور من الشباب. الاسئلة جاءت ضافية ومتنوعة في نهاية المحاضرة.. من بيان اهمية احترام الزوجين كل للآخر. ورعاية البنات. وهل من حق المرأة الشرط في عقد الزواج وحال المرأة الغربية بالنسبة للمرأة المسلمة.. وغير ذلك. استغرقت المحاضرة مع الاجابة عن الاسئلة حوالي الساعة.