جاء قرار منظمة أوبك الأخير بخفض الإنتاج استجابة لظروف واحتياجات السوق، في الوقت الذي لا يمس هذا القرار بالاقتصاد العالمي او يلحق الضرر باقتصاديات أية دولة صناعية في العالم. وتأتي قرارات أوبك سواء كانت تتعلق بزيادة أو بتخفيض الانتاج أو بتمديد العمل بسقف الانتاج المعمول به فان مثل هذه القرارات بعد دراسة متأنية وعميقة لكافة متطلبات السوق العالمية للنفط ولاسيما من ناحية موازنة العرض والطلب على الخام وبما يعود بالنفع على المنتجين والمستهلكين بشكل لا يعرض مصالحهم للخطر. وتقوم الأجهزة المختصة في المنظمة بدورها بمتابعة مستمرة لكافة العوامل والتطورات التي يمكن أن تؤثر على استقرار السوق النفطية أو تؤدي الى تذبذب الأسعار، وذلك خشية من أن تقدم على اتخاذ أي قرار يكون من شأنه تشكيل تهديد للسوق النفطية العالمية، ويؤدي بالتالي الى ارتفاع الأسعار الى مستويات كبيرة تؤثر على نمو الاقتصاد العالمي. ويرجح الكثيرون بأن الدوافع التي أدت بوزراء النفط الى اتخاذ قرار خفض الانتاج بمعدل 900 ألف برميل في اليوم، هي إدراك الدول الأعضاء في المنظمة وجود فائض من النفط يتعين سحبه من الاسواق والا فان الأسعار ستتعرض للتراجع خلال الأشهر المتبالجزائر تبيع النفط للصين وتايلاندالجزائر تبيع النفط للصين وتايلاندقية من هذا العام أو الأشهر الأولى من العام المقبل. كما ان هناك عدة عوامل أخرى وراء صدور قرار خفض الانتاج بينها استيعاب حصة العراق التصديرية البالغة حاليا 900 الف برميل يوميا وتوقعات بانخفاض الطلب العالمي على النفط ووجود كميات كبيرة من النفط في السوق. ويشكل حضور وزير النفط العراقي الدكتور ابراهيم بحر العلوم لأعمال المؤتمر أهمية كبرى، تعني عودة العراق ليشغل مقعده من جديد في المنظمة والانضواء تحت مظلتها والانصياع لقراراتها والالتزام بحصصها الإنتاجية التي تضمن انتظام السوق، في الوقت الذي عمل فيه الوزير العراقي بإطلاع وزراء أوبك بتطورات انتاج النفط العراقي والمستويات المخطط للوصول اليها وإمكانية تجاوز معدلات الإنتاج لمعدل مليوني برميل في اليوم في غضون الأشهر القليلة القادمة بعد ان بدأ القطاع النفطي في العراق يستعيد عافيته تدريجيا بعد سنوات من الحروب والعقوبات الدولية . وتتميز أهمية هذا الاجتماع، بحضور مندوبين عن ست دول منتجة للنفط من خارج الاوبك شهدوا الجلسة الافتتاحية للمجلس، الذي عزز الاتجاه نحو تعزيز التعاون والتنسيق بين الجانبين في المرحلة المقبلة، مما يدلل الى مؤشرات تأييد تلك الدول الست وهي الاتحاد الروسي والمكسيك وسلطنة عمان والغابون ومصر وسورية لسياسة أوبك الرامية للحفاظ على استقرار السوق من خلال ضمان الإمدادات النفطية الكافية للسوق العالمية. وعلى ما يبدو فان منظمة أوبك ستواصل متابعة تطورات سوق النفط ولغاية انعقاد اجتماعها الاستثنائي في فيينا في الرابع من شهر ديسمبر القادم للنظر في اثار قرارها الاخير بخفض الانتاج واتخاذ ما تراه مناسبا لتحديد معدلات الانتاج للاشهر الاولى من العام المقبل.