مع انحسار الحرب ضد العراق، بدت هنالك بعض المخاوف التي تشير الى احتمالات حدوث تدهور فى اسعار النفط الخام مسنودة بتوقعات للمراقبين لان تصل اسعار النفط الى حوالى 18 دولارا للبرميل فى المستقبل القريب نتيجة اغراق السوق النفطية. ويعتقد ان تصريحات ديك تشينى نائب الرئيس الاميركى الاخيرة حول وضع خطط سريعة لضخ حوالى 3 ملايين برميل يوميا من نفط العراق يمكن ان ترتفع فى مرحلة لاحقة الى 6 ملايين برميل يوميا سوف تؤدي بالضرورة الى اغراق السوق النفطية وما يستتبعه من تدهور فى اسعار النفط. ويرجع هذا الرأى الى الضرورات الملحة لتعويض تكاليف الحرب الاميركية وعمليات اعادة الاعمار والديون العراقية التى يصل اجماليها الى اكثر من نصف تريليون دولار منها 383 مليار دولار ديون متراكمة على العراق منذ حرب الخليج الثانية وذلك وفق التقديرات الاميركية. ويعزز هذا الرقم الضخم من شكوك المراقبين من ان نفط العراق سوف يظل رهينة للشركات الاميركية الى فترة قد تصل الى عشرات السنوات المقبلة. وكردة فعل على هذه الطروحات فان منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" على ما يبدو بصدد سحب حوالي مليوني برميل من النفط الخام يوميا من الاسواق عن طريق الالتزام بشكل صارم بحصص الانتاج البالغة بمجملها 24.5 مليون برميل يوميا. وبادر رئيس المنظمة عبدالله العطية الى اجراء اتصالاته مع وزراء نفط المنظمة وبحث معهم ضرورة عقد اجتماع تشاوري في فيينا لمناقشة اوضاع سوق النفط، وبحث تطورات العرض والطلب في ضوء احتمالات عودة العراق الى الانتاج الذي كان ينتج خارج حصص المنظمة طوال فترة الحصار والعقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليه منذ عام 1991 . وفيما يتعلق بوضع العراق داخل المنظمة فقد أكد العطية على أن اوبك حريصة على بقاء العراق باعتباره احد المؤسسين للمنظمة، مشيرا بذلك الى ضرورة وجود حكومة تمثل العراق معترف بها من الاممالمتحدة. مبديا أمله في ان يعود العراق سريعا لحصته "الانتاجية" التي كانت سارية قبل حرب الخليج، ووصلت الطاقة الانتاجية للعراق قبل الحرب الى نحو 2.5 مليون برميل يوميا. ويرى الأمين العام للمنظمة، الفارو سيلفا كالدرون، ان الاجتماع سيبحث كل الخيارات المتعلقة بالسوق النفطية ومراجعة اوضاع سوق النفط، وذلك اثر التطورات في الشرق الاوسط، من أجل ان ترد المنظمة بشكل سريع على اي وضع قد يتسبب في زعزعة استقرار السوق النفطية، في حين أبدى الامين العام قلقه من احتمالات حدوث مزيد من الانخفاض في اسعار النفط خلال الربع الثاني من هذا العام الذي بدا في شهر ابريل الجاري. لقد ارتكز سيلفا في طرحه على ضرورة اتخاذ موقف من قبل المنظمة مبينا ان اوبك اذا لم تتخذ اجراء فان الفائض النفطي قد يصل الى اربعة ملايين برميل يوميا، وذلك بافتراض عودة العراق ونيجيريا الى طاقتهما الانتاجية الكاملة. وتحول الاهتمام من الخوف من نقص الإمدادات إلى قلق من زيادة المعروض وبالتالي مخاوف من انهيار الأسعار التي فقدت منذ أواخر فبراير الماضي نحو 30% من قيمتها في الأسواق العالمية. وفي هذا الاطار فقد أشار شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الجزائري الى ان السوق الدولية زودت بما يكفي من النفط في ديسمبر ويناير بسبب انهيار الانتاج في فنزويلا ونيجيريا، واعتبر ان الحرب في العراق سرعت في زعزعة استقرار الاسعار. وفي معرض حديثه عن الوضع في العراق، قال الوزير الجزائري : خلال الاسابيع والاشهر المقبلة لن تشهد الصناعة النفطية العراقية مشاكل تقنية وسياسية فحسب بل ايضا مشاكل تسيير ومشاكل قانونية. واكد ان منظمة الدول المصدرة للنفط اذا تمسكت بالانضباط وبحسها بالمسئولية فهي لن تواجه صعوبات في تخطي هذه الازمة. أما فنزويلا وهي العضو الوحيد في اوبك من دول اميركا اللاتينية وهي ثامن منتج وخامس مصدر للنفط في العالم، وتبلغ حصتها الانتاجية 2.8 مليون برميل، لفتت أنظار العالم اليها لاكثرمن شهرين في مطلع العام الحالي جراء الاضطرابات التي شارك بها العاملون في القطاع النفطي مما أدى الى قطع الانتاج الفنزويلي لفترة محدودة، ستدعم هي الاخرى خفضا لانتاج النفط اذا ما قررت المنظمة ذلك بهدف تجنب تدهور الاسعار. وجاء ذلك على لسان رئيسها هوجو شافيز الذي قال : اذا استلزم الامر تخفيض الانتاج فنحن مستعدون لان المسألة تتعلق بتجنب انهيار الاسعار النفطية، مضيفا : اذا وجب خفض مليون او مليون ونصف المليون او مليون و800 الف برميل في اليوم، (فسيتم ذلك) بهدف استمرار دعم سعر نفط ضمن سلة اوبك من 22 الى 28 دولارا للبرميل. وكالة الطاقة الدولية كانت مرتاحة لموقف المملكة والكويت وفنزويلا للدور الذي لعبته في تعويض النقص الناجم عن غياب النفط العراقي والنيجيري الشهر الماضي وزادت عنه. وأبدت المنظمة اعتراضها على الأصوات المطالبة بخفض إنتاج أوبك رغم اعترافها بأن الطلب على خام المنظمة سينخفض بمقدار 2.7 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من العام. ويؤكد المراقبون ان مستقبل منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" وبقاءها مرهون بقدرتها على المحافظة على سعر تتوازن لصالح المنتجين والمستهلكين ولذلك فان موضوع خفض الانتاج ومراجعة نظام الحصص المعمول به منذ الثمانينيات سوف يكون على رأس جدول اعمال الاجتماع الطارىء للمنظمة للابقاء على معدلات الانتاج فى إطار المتوسط المستهدف الذى يتراوح بين 22 و28 دولارا للبرميل. هوجو شافيز الفاروسيلفا