التخطيط بمفهومه العام هو عبارة عن تحديد مجموعة من الأهداف يراد تحقيقها وفق أولويات معينة وخلال فترة زمنية محددة. لتحويلها إلى واقع يساهم في خدمة المواطن.. وتخطيط مخططات المدن يهدف إلى تطوير الفكر التخطيطي والاستفادة من العيوب التخطيطية السابقة ويهدف إلى تحويل الفراغات العمرانية إلى ميدان للنشاط الإنساني لتحقيق رغبات الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والفنية. وهنا يبرز دور الفكر المروري في التخطيط وأهميته في تقليل نسبة التلوث البيئي وإغفاله يعني ظهور العديد من المشكلات الأمنية والصحية والاجتماعية.. ومن هذه المخططات التي تعاني إغفال دور الفكر المروري مخطط حي الشاطئ بالدمام. فبعد أن تحقق حلم سكان المنطقة الشرقية في افتتاح كورنيش الدمام حيث سرعان ما انتشرت على أجنحته وميادينه وحدائقه المحلات التجارية والترفيهية. فأصبح موقعاً جذاباً تتوق الأنفس لزيارته كل وقت.. لكن مع ظهور مخطط الشاطئ بدأت المشاكل تخيم على هذا الموقع الترفيهي وأهمها الاختناقات المرورية لوقوع المخطط في مكان يطل على باقي المخططات من خلال مخرجين فقط مما يدل على أن المخطط أغفل دور التخطيط الحضري ولم يرسم سياسة ورؤية مستقبلية لهذا المخطط وتسبب ذلك في الاختناقات المرورية نهاية كل أسبوع وخلال العطل والمناسبات (الأعياد) الرياضية والترفيهية. إن إغفال دور عمل المخططين المتخصصين كفريق واحد ساهم في ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فحين يسند عمل تصميم دوار أو ميدان إلى مهندس متخصص في تنسيق المواقع دون مشاركة التخصصات الأخرى سوف يكون تصميمه منصبا على تنسيق الأشجار والجانب الجمالي أكثر من أي جانب آخر وكذلك بالنسبة لباقي التخصصات لكن حين يكون العمل كفريق واحد تكون النتيجة المساهمة في حل المشاكل وليس في إيجادها وهذا الأمر يتضح جلياً في الدوار الذي صممه أحد خريجي جامعة الملك فيصل كلية العمارة والتخطيط على امتداد شارع الملك فيصل الساحلي بعد المخازن الكبرى الذي أصبح مقبرة للسيارات المسرعة نظراً لصغر مساحة الدوار وضيق مداخله. كذلك تخطيط المخططات بالمدن يحتاج إلى فريق متخصص يمتلك الخبرة والهوية والشخصية والنظرة الثاقبة لوضع تصور ورؤية مستقبلية لوضع المخطط قبل وبعد اشغاله وما حدث في مخطط الشاطئ خير دليل على ذلك فبعد أن تحقق حلم سكان الدمام في افتتاح كورنيش الدمام كموقع ترفيهي بحري تنتشر على أرصفة شوارعه الحدائق والميادين والمطاعم والمحلات التجارية ويزوره الزوار على مدار الأربع والعشرين ساعة ونهاية كل أسبوع وخلال العطل والمناسبات الرياضية والترفيهية وإجازة الأعياد يتنقلون خلاله بحرية ويسر وسهولة دون صعوبة أو اختناقات مرورية. ولكن بعد توزيع مخططات الشاطئ على المساهمين بدأت المشاكل المرورية الخطيرة تظهر فلم ينتبه المخططون إلى هذا الأمر من قبل ولم يضعوا في مخططاتهم دور المخطط الحضري وأهميته في تصميم مثل هذه المخططات، فنجد اليوم أن الحركة المرورية صعبة جداً على مداخل ومخارج كورنيش الدمام ومخطط الشاطئ ويكاد يتوقف السير في أيام نهاية الأسبوع والعطل والمناسبات الرياضية مع العلم بان المخطط لم يشغل بالكامل فماذا سيكون عليه الوضع بعد مرور عشر سنوات أو ماهية الرؤية المستقبلية بعد اكتمال أشغال المخطط بالكامل بما يحتويه من محلات تجارية ضخمة إذ من المتوقع أن ذلك سيساهم في الاختناقات المرورية وبالتالي زيادة نسبة التلوث البيئي من عوادم السيارات وكذلك زيادة نسبة التلوث السمعي والبصري جراء هذا الازدحام. والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ما هي الحلول الحالية والمستقبلية للحد من مشاكل مخططاتنا..؟ وما الدور الذي يمكن أن تقدمه كليات العمارة والتخطيط بالجامعات لمشاكل مخططاتنا ومدننا؟ ان المخطط الترفيهي يستمد حيويته بما يتمتع به من موقع متميز وصيانة مستمرة وما يمتلكه من نماذج جمالية وأشكال بصرية تدل على هوية المكان والزمان يشاركه في ذلك المواطن ووعيه تجاه المواقع الجمالية التي وجدت من اجله لتلبية رغباته وحاجاته النفسية والاجتماعية والجمالية كما أن المخطط السكني يستمد حيويته أيضا من موقعه المتميز وما يتمتع به من خدمات عامة كالماء والكهرباء والهاتف والطرق والمجاري وما يتمتع به من نوعية السكان وطبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية لكن وجود عيوب تخطيطية تظهر بعد فترة قصيرة يعني عدم مراعاة المخطط لعوامل كثيرة مما سوف تتسبب في تفاقم مشكلات هذا المخطط وبالتالي يتطلب المزيد من الحلول والمزيد من التكاليف المالية والبشرية وبالتالي هو مخطط مليء بالمشاكل البيئية وغيرها مما يؤثر في النهاية على صحة ساكنيه وعلى ممتلكاتهم. إغفال دور الفكر المروري بالمخططات المجاورة للمراكز الترفيهية مثل الكورنيشات البحرية يسبب التالي: عدم توفير الشعور بالحماية البصرية والسمعية والأمان من الضغوط الخارجية. فقدان الحماية البصرية ويعني عدم توفير الحماية من الرؤية المباشرة من العابرين لمزاولة بعض الأنشطة مثل رياضة المشي في المخطط. فقدان العزل السمعي مما يعني توفير بيئة ضوضائية غير ملائمة للراحة النفسية داخل المسكن والمخطط. فقدان الخصوصية الاجتماعية بين الجيران. فقدان حرية الحركة والتنقل داخل وخارج المخطط وبالتالي تهديد الأمن الصحي للمخطط فلا يستطيعون الوصول الى المستشفيات بسرعة في حالة الطوارئ. المساهمة في زيادة نسبة التلوث البيئي بفعل الاختناقات المرورية التي تسبب انطلاق عوادم السيارات للمساكن القريبة وبالتالي تهديد صحة الإنسان. كذلك الضوضاء الصادرة من الحركة المرورية التي تهدد الشعور بالأمن والطمأنينة بالمخططات. عدم مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية (السلوك الإنساني) عدم رضا الساكنين واستياؤهم من كثرة المشاكل بالمخطط. بعض الحلول: عمل جسور بحرية تمتد لعدة كيلو مترات تساهم في حرية الحركة المرورية. تحويل شارع الكورنيش المجاور لمخطط حي الشاطئ إلى مسار واحد أيام العطل والمناسبات. إنشاء كبار تحمل أشكالا معمارية جميلة او انفاق للخارج من الكورنيش وحي الشاطئ لباقي المخططات. وفي الختام اتمنى أن تستفيد الجهات المسئولة عن تخطيط المدن من تجربة محافظة جدة في التخطيط المدروس الذي قسم المدينة وكأنها كعكة تتخللها شوارع مثل شارع فلسطين والتحلية وحي بريمان وجامعة الملك عبد العزيز والمطار وغيرها وتخلل ميادين الدوارات مخططاتها لتجميلها ونتمنى أن ثم الاستفادة من تجار المخططات في زيادة نصيب المواقع الجمالية داخل المخططات والمواقع الدينية كبناء المساجد بأشكال جمالية وتنسيق الحدائق بحيث تسلم جاهزة للأمانة قبل بيع المخطط وهذا في حد ذاته مساهمة لتخفيف الأعباء والمشاكل التي تعاني منها مخططاتنا ومنها الاهتمام بالنواحي الجمالية .