علماؤنا أجلاء موسومون بعلمهم ومكانتهم واحترامهم للناس واحترام الناس لهم وقد اكتسبوا ذلك من ممارساتهم الحياتية ونتاجهم تجاه العامة. ولكن ماذا عمن دخل على هذا الخط ليجعل من نفسه شيخا يصفق له السذج من صغار الشيوخ والمتطفلين من الذين شربوا ماء الخديعة بحماسهم الاندفاعي الذي لا تجر المجتمعات إلا إلى المزيد من الفوضى الفكرية التي تصيب هذه المجتمعات وتقودها الى التلوث في مستنقعات التعصب والتطرف. وقد لا يخلو مجتمع ممن يطلق عليهم منتهزو الفرص من الذين لهم مآربهم بشتى الطرق ان ينافحوا من اجل رأي مغاير وفكر مخالف لا لشيء إلا لكي يظهروا بصورة المشائخ. هذه الصورة التي لم يستطيعوا ان يصلوا اليها بعلمهم وفكرهم فاستعجلوا الوصول اليها من خلال الشطط الفكري الذي انتهجوه عليهم شيوخا حتى وان كانوا من غير المتخصصين او حتى المؤهلين لحمل هذا اللقب. فتراهم يشطحون فكريا ويعرضون آرا ء مخالفة للواقع بل ويصل الأمر بأن ينيبوا أنفسهم للحديث باسم الشعوب مجتمعة ويعرضون انفسهم سلع رخيصة للفضائيات السمجة الأهداف، كل ذلك من اجل كسب الشهرة والحصول على لقب لو قضى حياته لما حصل عليه بالطرق المنهجية. ولعمري فإنهم لا يعلمون انهم بسلوكياتهم المتمردة يعملون على توسيع الشرخ الذي يعانيه العالم الاسلامي في حاضرنا المعاصر. ولعلنا نعود بالذاكرة قليلا لأحد هذه النماذج التي بانفصام شخصيتها أعطت مثالا سيئا عن الاسلام والمسلمين والذي اتخذ من بريطانيا ملجأ له عندما نادى في احدى فتواه بأن قتل النساء والأطفال جائز حتى في دولة مسلمة ان كانوا من ذوي افراد السلطة. ولعلي اصدق القول عندما أقول بأن هذا وجد من يؤيد طرحه الساذج بل ويصفق له بكلتا يديه. ويبدو ان هذا مثالا حادا جدا وان كنت لا أقارن هنا بمن يريد ان يتشيخ بهذا المثل المتطرف ولكن حسبي بأن كليهما باحث عن الشهرة ولكن كل بطريقته التي ارتسمها لنفسه. وعلى أية حال فالضال طريقه والذي لا أحد يعلم عنه ليس هو المثل الأوحد فهنا كامثلة متعددة والتي بممارستها نالت من الاسلام بل ونعته بهذه الممارسات بأنه دين ارهاب والاسلام بريء من ذلك فهو من اجل الاديان الذي نادى بالوسطية والاعتدال والعيش مع الآخرين من منطلق عامل واحد وهو الإنسانية. نعود الى موضوعنا الرئيسي والى أصحاب المشيخة وبحرقة قلب تدمي فهم يستعرضون مواقف تعرض لها العديد من الدول تتخذها حماية لأمنها ومواطنيها من العبث الفكري الذي يلوكون به ولا ادلل ان كانت الدول المتقدمة هي مثالا للمقارنة فنظام الطوارىء المستنكر من الدول الأوروبية وامريكا في السابق هو مطبق حاليا في هذه الدول ويتم الأخذ بهذه السياسات متى ما رأى القائمون على الشأن العام بأن هناك حاجة لمثل ذلك فالأمثلة على ذلك كثيرة وكون التعرض لموقف ما لا يعني اني حصلت منك بطلا تطل علينا في الفضائية وكأنك احرزت نصرا ولعمري ما هذا شطط فكري لا جدوى منه الا ما ذكرته. هؤلاء المتشيخون بمواقفهم المخالفة لآراء علماء الأمة لا هم لهم إلا أن يكون لهم أتباع من أهل السذج وانصاف الملتزمين بل ان بعضهم كما أسلفت مصاب بانفصام في الشخصية ويبقى الشهرة كأن يطلق عليه شيخا على سبيل المثال ويردد اسمه في المجالس ليس إلا. وباعتقادي بأنهم تبنوا مثل هذه الأفكار المغايرة لسببين لا أرى حرجا في التأكيد عليهما؛ الأول لعجزهم عن الوصول الى منزلة عالم في الدين لأن اكثرهم من غير المتخصصين لذلك سلكوا اسرع الطرق للوصول الى ذلك.. ولقد زاد عليها في ايامنا هذه وسم الناشط الفلاني. اما السبب الثاني استعجالهم للوصول الى منزلة علماء الأمة خاصة في خضم الغفلة والفوضى الفكرية التي طالت العالم. وبدون أسف فلقد وجد هؤلاء ضالتهم في القنوات الفضائية خاصة من التي تدس (السم في العسل) واستطاعت هذه الفضائيات بخبثها المهني ان تستغل مثل هؤلاء في تحقيق اهدافها المشبوهة اما المتشيخون فلا يرون بأسا في ذلك طالما انهم سيظهرون على هذه الشاشات وينالون الشهرة ويحققون مكاسبهم وإلا كيف نفسر استضافة احدى هذه الفضائيات للمتشيخ الذي عجز عن التحدث بموضوعية ولكن حسبي بأن مقدمي البرامج المشبوهة في هذه الفضائيات يبحثون عن مثل هؤلاء حتى يصبح تمرير اهدافهم سهلة. واذ بأحدهم عفا الله عنه يجلس امام مقدم البرنامج ويدعي انه يتحدث باسم شعب بأكمله بل ويؤيده مقدم البرنامج في ذلك. ألا يدري مثل هؤلاء بأن الحديث نيابة عن العامة هو من المسائل التي لم يتم التوصل اليها في مناهج البحث العلمي ولذلك لجأ علماء المنهجية الى العينات وخلافه ألا يعلم مثل هؤلاء بأنه اذا أراد أحدهم الحديث عن فئة صغيرة عليه ان يسبقها بعلامات التشكيك مثل قد واعتقد وخلافه بل ألا يعلم مثل هؤلاء بأن التعميم وصمة عار في الأحاديث الموضوعية اذ كيف يتحدث شخص من على كرسيه ليعبر عن رأي شعب كامل وكيف نكون رأيا شعبيا من خلال عدة زيارات اجزم وأنا متيقن بأن الضيف لم يع ما يقول لأن هدفه كان ان يخرج على الشاشة اما مقدم البرنامج فهو يعلم ذلك ولكن اما انه يريد ان يثبت سذاجة الضيف او انه أراد تمريرها على السذج من المشاهدين بأن ضيفه يمثل المشايخ. على أية حالة فالهدف ليس من الموضوعية بشيء فالضيف يجري وراء الشهرة والمشيخة ومقدم البرنامج وجد ضالته لتفريغ حقده الذي أوشك ان يتطاير من عينيه والذي في بعض الأحيان يضطر ان يظهره للمشاهدين عبر برنامجه المقيد والمكبل بكل حدود للضيف وليس له ولأشباهه من باقي البرامج والتي اقل ما يطلق عليها انها افسدت الفضاء العربي اذ لا هدف لها إلا الاثارة اذ تستند مثل هذه البرامج على ان اردت ان تثير المشاهد فاجعل من حديثك اثارة. ولكن ماذا عن المتفاعلين مع مثل هذه البرامج التي تبرز المتشيخين.. هم في اعتقادي من صنفين؛ الأول من على شاكلة المتشيخ والذين يهرولون بكل ما أوتوا من قوة خلف هذا اللقب وهم من المتعجلين وكان بودهم لو كانوا مكان الضيف فهم يسعون الى الشهرة ولو على حساب قضايا الأمة المصيرية لأنهم من نفس الفئة. أما الثاني فهم من أولئك الذين خدعوا من السذج الباحثين لهم عن تابع إذ لا يستطيع فكرهم المستقل ان يقودهم الى الصراط المستقيم فوجدوا في هؤلاء ضالتهم المغلوطة. ان ذلك يرجع بصفة رئيسية الى ان الناس بطبيعتهم شديدو التعلق بما يعرفونه في حاضرهم واعداء ما لا يعرفونه. وختاما لهذه المقالة فإنني مدرك تماما ان على علماء الأمة عبئا كبيرا فهم من جانب عليهم مسؤولية توعية الأمة ومن جانب آخر هم مسئولون عن كشف الحقائق للعامة عن تخرصات المتشيخين ونسأل الله التوفيق للبلاد والعباد.