حظت طرفة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله المطلق بشهرة لافتة بين الناس، ولا أظن هذه الطرفة لتحظى بتلك الشهرة والقبول لو كانت طرفة مفتعلة أو مقصودة، بل لأنها طرفة تأتي في سياق عقلي ذكي ومقبول، تحكمه طبيعة الموقف ونوعية من الأسئلة، تطرحها طبقة من السائلين، يتعجب المرء حين يسمعها، ويعجب أكثر أن يقابلها بعض الشيوخ بجدية فائضة ويوليها كل اهتمام. فماذا يمكن لشيخ أن يجيب على سؤال تكلف صاحبه وقتاً وجهداً، واتصل ببرنامج على الهواء، ليسأل كما فعل مع الشيخ المطلق، ما حكم أكل لحم البطريق؟ ولأن الشيخ فضل أن يستخدم عقله بدلاً عن آلية النقل والاستظهار، رد عليه إن وجدته كله. بعض المشايخ الذين استمع إليهم لديهم استعداد للجواب على أي سؤال، بل ويوليه مقدمة طويلة وعريضة من القراءات والأدلة، وبعض هذه الاسئلة يكاد يعجب لطرحها وسذاجتها أبسط المشاهدين والمستمعين، مثل سؤال لحم البطريق هذا. أحد الشيوخ الذين كنت أحب الاستماع إليهم، وجدته يوماً يجيب على سؤال لو فكر لحظة لأنف الاجابة عليه، احتراماً للذوق والحياء العام، لكنه عوضاً عن هذا تمادى مع صاحبه في الاجابة، وكان سؤالاً عن طريقة بين الزوج وزوجته في غرفة النوم، ثم أشار السائل ليزيد من البهار الى أنه متزوج من اثنتين. كان واضحاً أن السائل يستدرج الشيخ إلى درجة من السوقية في الحديث، واذا أحسنا الظن وقلنا ان السائل ساذج وليس خبيثاً، فان الشيخ كان يفترض به أن يتحلى بقدر أكبر من الفطنة، وأن يعيد الأمور لنصابها ولو بطرفة كما فعل الشيخ مع لحم البطريق. كثير من الأسئلة اليوم التي تخرج على الهواء تشبه المقالب، التي تحاك وتسجل لموظفي إدارات حكومية أو اجهزة الخدمات، اذ يتصل مراهق بموظف مرور ويعبث معه بطلب يبدو وكأنه صادر عن مغفل أو ساذج لا يدرك ما الحياة، أو تتصل سيدة تتحدث بلهجة ريفية أو بدوية عصية على فهم الموظف وتعبث به. وإذا افترضنا بحسن النية أن هؤلاء السذج طبقة موجودة، واستبعدنا سوء النية ونظرية المؤامرة، فان الخلاص الوحيد لاستدراج عقلاء في مشهد يبث على الهواء هو طرفة مثل طرفة الشيخ المطلق حين سُئِل عن حكم لحم البطريق! [email protected]